3قوانين لنتنياهو تهدد بنقل المعركة السياسية من الكنيست للشارع

10 مارس 2014
إحدى جلسات الكنيست
+ الخط -
تصاعدت حدة الخلافات بين الحكومة الإسرائيلية والمعارضة. سبب الخلاف هو محاولة الحكومة فرض ترتيبات تصويت ومداولات محددة الوقت، على ثلاثة قوانين رئيسية يسعى الائتلاف الحاكم إلى تمريرها قبل نهاية الأسبوع الحالي، وإقرار يوم واحد أو أقل لمناقشة كل قانون على الرغم من التداعيات الكبيرة لكل واحد منها. ويدور الحديث عن ثلاثة قوانين تسميها الحكومة "قوانين الحكم" في رزمة واحدة؛ أوّلها ينص على تحديد عدد أعضاء الوزراء في الحكومات المقبلة، وتقييد قدرة المعارضة على إسقاط الحكومة وحجب الثقة عنها، إلا في حال قدرتها على تقديم تشكيلة حكومية بديلة، مع ربط ذلك كله برفع "نسبة الحسم" (الحد الأدنى المفروض على الأحزاب نيلها لدخول الكنيست)، إلى 3.25 في المئة من الأصوات، مما يصعّب دخول الأحزاب العربية إلى الكنيست. أما المقترح الثاني، فيتعلّق بسَنّ قانون الاستفتاء وعرض أي اتفاق تسوية مع الفلسطينيين على الجمهور للحصول على أغلبية في كل قرار يتعلق بالتنازل عن مناطق تحت السيادة الإسرائيلية (القدس والجولان المحتل). أما القانون الثالث، فهو قانون التجنيد الذي يسعى لفرض الخدمة العسكرية مع عقوبات جنائية لمَن يرفض التجنيد.

وتفاقمت الأزمة يوم أمس الأحد، بعدما أصر الائتلاف الحكومي على الترتيبات المذكورة أعلاه. وقد دفع ذلك بالمعارضة في البرلمان الإسرائيلي، وبينها ثلاث كتل عربية، إلى عقد اجتماع طارئ، تقرر في نهايته مقاطعة أعمال الكنيست طيلة الأسبوع الحالي، ومقاطعة عملية التصويت، وذلك احتجاجاً على "سياسة كمّ الأفواه"، وفرض نُظُم تصويت متشددة من جهة، والسعي إلى إلزام كافة أعضاء الائتلاف الحكومي بالتوقيع على تصريح يتعهّد بموجبه رؤساء كتل الائتلاف بالتصويت إلى جانب هذه القوانين الثلاثة، على الرغم من أنّ ذلك يتعارض مع مواقف متباينة لهذه الأحزاب إزاء القوانين المذكورة.

وبلغت الأزمة ذروتها عندما أعلن عضو الكنيست من حزب يهدوت هتوراه، موشيه هغفني، أن سن القوانين يقود إسرائيل إلى "حكم دكتاتوري" لن يلبث أن يؤدي إلى خلق "ميادين تحرير" إسرائيلية ضد الحكم التعسفي، على غرار ما يحدث في الدول العربية. واعتبر زعيم حزب العمل الإسرائيلي، يتسحاق هرتسوغ، أن السعي إلى إلزام كتل الائتلاف بالتصريح خطياً عن عزمها التصويت إلى جانب هذه القوانين، دليل على حالة عدم الثقة و"التخوين" السائدة بين أركان الائتلاف. وأضاف هرتسوغ أن الحكومة "خائفة من فشلها في تمرير هذه القوانين إذا أعطيت لأحزاب الائتلاف الحكومي حرية التصويت".

ولو تمكنت الحكومة من تمريرالقوانين الثلاثة، وخصوصاً قوانين الحكم التي تقيّد حرية المعارضة في تقديم اقتراحات لطرح حجب الثقة عن الحكومة، واشتراط تقديم هذه الاقتراحات بعرض "ائتلاف حكومي بديل"، من جهة، ورفع "نسبة الحجم"، أي الحد الأدنى المفروض على الأحزاب نيلها لدخول الكنيست (لمنع دخول أحزاب صغيرة للكنيست)، فسيكون ذلك عملياً انتصاراً لمفاهيم الحكم التي يعتنقها زعيم حزب "إسرائيل بيتنا"، وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان. ويروّج ليبرمان منذ سنوات، لاتّباع نظام حكم يعزز قوة الحكومة ويضعف البرلمان، عبر إدراج نظام الاستفتاءات في الحكم، الأمر الذي اعتبره المحلل السياسي في الإذاعة الإسرائيلية، حنان كريستال، تغييراً جوهرياً ودستورياً في نظام الحكم في دولة الاحتلال. ويعزو كريستال ذلك، إلى أنه بمقدور أي حكومة جديدة اللجوء دائماً إلى تعديل قانون الاستفتاء، لتطبيقه على مسائل أخرى غير موضوع "التنازل عن مناطق تحت السيادة الإسرائيلية"، وهي الآن القدس والجولان المحتلَين، ليطبَّق أيضاً على الضفة الغربية، وربما لاحقاً على مشاريع وخطط حكومية أخرى.

واعترفت سكرتيرة حزب "إسرائيل بيتنا"، فاني كيرشينباوم، أن هذا التصور للحكم وتعزيز قدرة الحكومة على بسط سيطرتها، هو بند مدرج على برنامج حزبها منذ العام 1999.

ويتعلّق الشق الأكثر خطورة برفع "نسبة الحسم"، مع أنّ رفع هذه النسبة من شأنه أن يهدد أيضاً فرص أحزاب سياسية ودينية صغيرة في دخول الكنيست.

وأقرّت أحزب اليسار الإسرائيلي وأساتذة جامعات، أن القانون يهدف أساساً إلى ضرب تمثيل الفلسطينيين في الداخل، ومنع أحزابهم من اجتياز نسبة الحسم، وهو خطوة أخرى ضمن ملاحقات الأحزاب العربية، عبر سلسلة قوانين مشابهة مثل قانون الاعتراف بيهودية الدولة كشرط للسماح بخوض الانتخابات، وقانون "النكبة" وقانون "الولاء للدولة".

لكن رئيس كتلة التجمع الوطني الديموقراطي، النائب جمال زحالقة، كرر أمس الأحد، الإعلان أن تمريرقانون رفع "نسبة الحسم" سيجعل الأحزاب العربية تتحالف في قائمة مشتركة، مما سيؤدي عند فرض هذ التحدّي إلى رفع نسبة المشاركين في الانتخابات وفوز القائمة المشتركة بنحو 14 نائباً في الكنيست. وهو ما أيّده فيه أيضاً النائب مسعود غنايم عن "القائمة العربية الموحدة". في المقابل، يلتزم الحزب الشيوعي الإسرائيلي وقائمته البرلمانية (الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة) الصمت، علماً بأن عضو الكتلة في الكنيست، دوف حينين، أعلن أن الحزب الشيوعي سيسعى لاحقاً إلى تغيير القانون وخفض "نسبة الحسم"، إذ يعارض الحزب الاصطفاف في قائمة عربية واحدة، لأن الجبهة تقدم نفسها على أنها حزب يهودي ـ عربي. وكان حنين قد أجرى اتصالات مع رئيس الحكومة الإسرائيلية خلال الشهر الماضي، ضمن محاولات المعارضة التوصل إلى تفاهم مع الائتلاف الحكومي بشأن قانون رفع "نسبة الحسم". ورفض حنين الإفصاح عمّا دار في الجلسة المغلقة بينه وبين نتنياهو.
المساهمون