لا يمكن أن ينجح الاهتمام بالقطاع السياحيّ في تونس ومحاولة النهوض به، دون التركيز على خدمات الفندقة ومستوى تطوير هذا القطاع والاهتمام به، إذ تعتبر الفنادق عصب السياحة التونسيّة وركيزتها الأساسيّة. فقد كانت السياحة الشاطئيّة خياراً استراتيجيّاً للدولة في القطاع السياحيّ. وقد تطلّب ذلك بالضرورة التركيز على البنية التحتيّة والمرافق الأساسية، لضمان نجاح هذا النمط السياحيّ. وهو ما جعل من السياحة اليوم تحمل لقب "أيقونة الاقتصاد التونسيّ". وقد تطوّر نصيب هذا القطاع من الناتج المحليّ الخام، ليتجاوز نسبة 7% من إجمالي إيرادات البلاد، وبقدرة تشغيليّة ناهزت 400 ألف وظيفة حسب إحصائيات وزارة السياحة لسنة 2014.
جودة الخدمات الفندقية
فقد تطوّرت السياحة في البلاد منذ بداية ستينات القرن الماضي بفضل استثمارات الدولة عبر الشركة الفندقيّة والسياحيّة التونسيّة وبعض المستثمرين من القطاع الخاص. ومع بداية الثمانينات، أوقفت الدولة تدخّلها المباشر في الاستثمارات السياحيّة لتفسح المجال أمام القطاع الخاصّ. وفي هذا السياق يقول الخبير في مجال الفندقة وإدارة النزل حمّادي السويسي، أنّ فتح الباب أمام القطاع الخاصّ للاستثمار في مجال الخدمات السياحيّة وخصوصاً إنشاء الفنادق، قد أدّى إلى طفرة كميّة ونوعيّة، حيث تشير إحصائيات الديوان الوطني للسياحة إلى تطوّر عدد الفنادق في تونس منذ سنة 1990 إلى سنة 2011 من 530 فندقاً إلى نحو 870 فندقاً بنسق مستقرّ نسبيّاً راوح بين 4% و6%.
ويضيف السويسي أنّ هذا التطوّر في عدد الفنادق كان مصحوباً بتطوّر جودة الخدمات المقدّمة ومستوى الفنادق بصفة عامّة، حيث وبنهاية سنة 2014، مثلت نسبة الفنادق الفخمة من مستوى 4 و5 نجوم حوالي 40% من مجموع الفنادق العاملة في البلاد.
وحول التأثير المباشر للفنادق على الدورة الاقتصاديّة، يجيب السويسي قائلا إنّ الفنادق تخلق ديناميكيّة كبيرة في المناطق التي تتركّز فيها. وتسهم الفنادق في بعث فرض عمل جديدة كخدمات النقل والترفيه وأعمال الصيانة والبناء، بالإضافة إلى الأنشطة اللوجيستيّة الغذائيّة وغيرها. ويُقدّر عدد المنتفعين من قطاع الفنادق بصفة مباشرة بحوالي 120 ألفاً وبصفة غير مباشرة حوالي 280 ألف شخص حسب دراسة أعدتها الوكالة التونسيّة للتشغيل. وقد بلغ حجم الإيرادات في هذا المجال حوالي 2,2 مليار دولار سنة 2014.
صعوبات طالت القطاع
وفي السياق ذاته، يقول الخبير الاقتصادي وجدي الصغيّر إنّ ارتدادات الثورة طالت القطاع السياحيّ والفنادق بصفة خاصّة، حيث أدّى مناخ عدم الاستقرار والفوضى الأمنيّة والسياسيّة إلى تراجع حجم التدفقّ السياحيّ إلى تونس خلال السنتين الأوليين للثورة. لكن سنة 2013 كانت بداية تعافي القطاع، حيث سجّلت تلك السنة توافد ستة ملايين سائح إلى البلاد من مختلف الجنسيّات الأوروبيّة والعربيّة وخصوصاً من الجزائر وليبيا. وقد بلغ عدد الليالي المقضّاة حوالي 30 مليون ليلة بإيرادات إجمالية تجاوزت ملياري دولار، ممّا أعطى دفعة قويّة للسياحة التونسيّة وأعاد ثقة المستثمرين في إمكانيّة استغلال هذا المجال بسبب مردوديّته العالية.
ويضيف الصغير أنّ جهود الدولة تتركّز حالياً على استغلال هذا الانتعاش وجذب أكبر قدر ممكن من الاستثمارات الأجنبيّة والمحليّة، خصوصاً بعد أن شهدت السنوات الماضية إفلاس 46 فندقاً على خلفيّة تراجع توافد السيّاح بعد الثورة مباشرة وضغوط المصارف والوكلاء السياحيّين.
وتبدو الاستثمارات الخليجيّة حاضرة في المستقبل القريب، خصوصاً في مجال السياحة الصحراويّة، بعد مصادقة مجلس النواب السابق على مشروع سياحيّ ضخم في الجنوب التونسي بتمويل قطريّ، بالإضافة إلى السعي لإتمام صفقات فندقية وضعت تحت الإشراف الإداري للدولة في "طبرقة" شمال البلاد ومدينة الحمامات السياحيّة.
أمّا عن الصعوبات التي تواجه قطاع الفندقة، فيردها الخبير محمد ياسين السوسي إلى مشاكل أساسية؛ الأولى تتعلّق بمعضلة الوكلاء السياحيّين الأجانب، حيث يعاني أصحاب الفنادق من ابتزاز هؤلاء الذين يسيطرون على مفاتيح سوق السياحة العالميّة، ويقومون بتحديد نصيب تونس من إجمالي الحركة السياحيّة الدوليّة، "وهو أمر مؤسف ومدمّر للقطاع السياحيّ التونسيّ، حيث لم تستطع البلاد حتّى هذه اللحظة، تجاوز سقف 1% من إجمالي السوق الأوروبيّة".
أمّا المشكلة الثانية، فهي بشريّة بالأساس، إذ ورغم سعي الدولة إلى تحسين اليد العاملة في المجال السياحيّ عبر إنشاء المدارس السياحيّة ومراكز التكوين المختصّة، إلاّ أنّ النتائج مازالت دون المطلوب نظراً لعدّة عوامل ترتبط بقدرة الفنادق على تحمّل أجور اليد العاملة المختصّة، التي تكون مرتفعة نوعاً ما، أو نتيجة هجرة تلك اليد العاملة الكفؤة إلى الخارج لتلبية طموحاتها الماديّة.
أمّا المشكلة الثالثة فتتمحور حول العلاقة بين أصحاب الفنادق والمصارف، "إذ يجب إيجاد صيغ جديدة للتعامل مع المصارف و تسوية أوضاع الفنادق التي ترزح تحت ضغط الديون، وإعطاء نفَس جديد لها عبر إعادة جدولة ديونها وهيكلتها على مختلف المستويات". ويقول السويسي إن "ما تفرضه المصارف من فوائد مرتفعة واقتطاع الفائض من المبلغ الأصليّ للقرض يسبّب للمستثمر الشاب المحدود الإمكانات صعوبة وعجزاً في السيولة. بالإضافة إلى بطء الإجراءات الإدارية والبيروقراطيّة التي تعرقل حسن وسرعة سير المشروع".
جودة الخدمات الفندقية
فقد تطوّرت السياحة في البلاد منذ بداية ستينات القرن الماضي بفضل استثمارات الدولة عبر الشركة الفندقيّة والسياحيّة التونسيّة وبعض المستثمرين من القطاع الخاص. ومع بداية الثمانينات، أوقفت الدولة تدخّلها المباشر في الاستثمارات السياحيّة لتفسح المجال أمام القطاع الخاصّ. وفي هذا السياق يقول الخبير في مجال الفندقة وإدارة النزل حمّادي السويسي، أنّ فتح الباب أمام القطاع الخاصّ للاستثمار في مجال الخدمات السياحيّة وخصوصاً إنشاء الفنادق، قد أدّى إلى طفرة كميّة ونوعيّة، حيث تشير إحصائيات الديوان الوطني للسياحة إلى تطوّر عدد الفنادق في تونس منذ سنة 1990 إلى سنة 2011 من 530 فندقاً إلى نحو 870 فندقاً بنسق مستقرّ نسبيّاً راوح بين 4% و6%.
ويضيف السويسي أنّ هذا التطوّر في عدد الفنادق كان مصحوباً بتطوّر جودة الخدمات المقدّمة ومستوى الفنادق بصفة عامّة، حيث وبنهاية سنة 2014، مثلت نسبة الفنادق الفخمة من مستوى 4 و5 نجوم حوالي 40% من مجموع الفنادق العاملة في البلاد.
وحول التأثير المباشر للفنادق على الدورة الاقتصاديّة، يجيب السويسي قائلا إنّ الفنادق تخلق ديناميكيّة كبيرة في المناطق التي تتركّز فيها. وتسهم الفنادق في بعث فرض عمل جديدة كخدمات النقل والترفيه وأعمال الصيانة والبناء، بالإضافة إلى الأنشطة اللوجيستيّة الغذائيّة وغيرها. ويُقدّر عدد المنتفعين من قطاع الفنادق بصفة مباشرة بحوالي 120 ألفاً وبصفة غير مباشرة حوالي 280 ألف شخص حسب دراسة أعدتها الوكالة التونسيّة للتشغيل. وقد بلغ حجم الإيرادات في هذا المجال حوالي 2,2 مليار دولار سنة 2014.
صعوبات طالت القطاع
وفي السياق ذاته، يقول الخبير الاقتصادي وجدي الصغيّر إنّ ارتدادات الثورة طالت القطاع السياحيّ والفنادق بصفة خاصّة، حيث أدّى مناخ عدم الاستقرار والفوضى الأمنيّة والسياسيّة إلى تراجع حجم التدفقّ السياحيّ إلى تونس خلال السنتين الأوليين للثورة. لكن سنة 2013 كانت بداية تعافي القطاع، حيث سجّلت تلك السنة توافد ستة ملايين سائح إلى البلاد من مختلف الجنسيّات الأوروبيّة والعربيّة وخصوصاً من الجزائر وليبيا. وقد بلغ عدد الليالي المقضّاة حوالي 30 مليون ليلة بإيرادات إجمالية تجاوزت ملياري دولار، ممّا أعطى دفعة قويّة للسياحة التونسيّة وأعاد ثقة المستثمرين في إمكانيّة استغلال هذا المجال بسبب مردوديّته العالية.
ويضيف الصغير أنّ جهود الدولة تتركّز حالياً على استغلال هذا الانتعاش وجذب أكبر قدر ممكن من الاستثمارات الأجنبيّة والمحليّة، خصوصاً بعد أن شهدت السنوات الماضية إفلاس 46 فندقاً على خلفيّة تراجع توافد السيّاح بعد الثورة مباشرة وضغوط المصارف والوكلاء السياحيّين.
وتبدو الاستثمارات الخليجيّة حاضرة في المستقبل القريب، خصوصاً في مجال السياحة الصحراويّة، بعد مصادقة مجلس النواب السابق على مشروع سياحيّ ضخم في الجنوب التونسي بتمويل قطريّ، بالإضافة إلى السعي لإتمام صفقات فندقية وضعت تحت الإشراف الإداري للدولة في "طبرقة" شمال البلاد ومدينة الحمامات السياحيّة.
أمّا عن الصعوبات التي تواجه قطاع الفندقة، فيردها الخبير محمد ياسين السوسي إلى مشاكل أساسية؛ الأولى تتعلّق بمعضلة الوكلاء السياحيّين الأجانب، حيث يعاني أصحاب الفنادق من ابتزاز هؤلاء الذين يسيطرون على مفاتيح سوق السياحة العالميّة، ويقومون بتحديد نصيب تونس من إجمالي الحركة السياحيّة الدوليّة، "وهو أمر مؤسف ومدمّر للقطاع السياحيّ التونسيّ، حيث لم تستطع البلاد حتّى هذه اللحظة، تجاوز سقف 1% من إجمالي السوق الأوروبيّة".
أمّا المشكلة الثانية، فهي بشريّة بالأساس، إذ ورغم سعي الدولة إلى تحسين اليد العاملة في المجال السياحيّ عبر إنشاء المدارس السياحيّة ومراكز التكوين المختصّة، إلاّ أنّ النتائج مازالت دون المطلوب نظراً لعدّة عوامل ترتبط بقدرة الفنادق على تحمّل أجور اليد العاملة المختصّة، التي تكون مرتفعة نوعاً ما، أو نتيجة هجرة تلك اليد العاملة الكفؤة إلى الخارج لتلبية طموحاتها الماديّة.
أمّا المشكلة الثالثة فتتمحور حول العلاقة بين أصحاب الفنادق والمصارف، "إذ يجب إيجاد صيغ جديدة للتعامل مع المصارف و تسوية أوضاع الفنادق التي ترزح تحت ضغط الديون، وإعطاء نفَس جديد لها عبر إعادة جدولة ديونها وهيكلتها على مختلف المستويات". ويقول السويسي إن "ما تفرضه المصارف من فوائد مرتفعة واقتطاع الفائض من المبلغ الأصليّ للقرض يسبّب للمستثمر الشاب المحدود الإمكانات صعوبة وعجزاً في السيولة. بالإضافة إلى بطء الإجراءات الإدارية والبيروقراطيّة التي تعرقل حسن وسرعة سير المشروع".