2016 لم تكن بهذا السوء

01 يناير 2017
أثبتت تونس أنها ليست أرضاً للإرهابيين (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -


بقدر آلامها وتعبها وانتكاساتها، لم تكن السنة المنقضية في تونس، خالية من آمال وإنجازات ومعانٍ ينبغي الانتباه إليها والتوقف عندها. ولعل ذلك يستوجب شيئاً من الإيجابية في تأمل وتقييم حصيلة الكأس التونسية، والبحث عن زاوية نظر تتيح الوصول إلى نصفه الملآن بدل النصف الفارغ، ولكن هذا يتطلب كثيراً من الموضوعية التي أضحت نادرة بفعل إسقاط الاصطفاف السياسي والإيديولوجي على كل موضوع أو حدث في تونس.
ولذلك يتحتم الرجوع إلى ما جاد به العام الماضي من أحداث وإنجازات لا يختلف حولها الكثيرون، وأولها أن الثورة التونسية استطاعت أن تقطع عامها السادس وتواجه كل الصعوبات وتبقى واقفة، تضيف إلى رصيدها باستمرار، وإن كان ببطء، ولم تنكسر أو تتراجع، بل أوشكت على إنجاز كل مؤسساتها وإدخالها حيّز العمل والإنتاج، على الرغم مما عرفته من صعوبات... بل إنها استطاعت أن تقطع أصعب خطواتها على الإطلاق، بداية جرد حسابات الماضي الأليم، وإطلاق صوت الضحايا عالياً من خلال البدء في تفعيل العدالة الانتقالية، بدرجة وعي وهدوء وتسامح أربكت كل المتابعين.
ولكن تونس نجحت أيضاً، في زحمة الإخفاقات العامة التي يعرفها العالم، أن تُسقط مخططاً جهنمياً كان يهدف إلى تدميرها بالكامل وإلحاقها ببقية المناطق المشتعلة، وكسبت حرباً فعلية في بنقردان، حرباً بأسلحة وبجيش معاد ومخططات، وليس مجرد هجوم إرهابي عابر. وضرَب أهلها وجيشها مثالاً في التضامن، أثبت مرة أخرى للجميع، وخصوصا للإرهابيين ومن يدعمهم، أن تونس ليست أرضاً لهم على الرغم من اختلافات أهلها.
واختتمت تونس عامها باختبار الأصدقاء والحلفاء، ودعتهم لمساندتها في أهم حروبها المتبقية، الحرب على الفقر والتهميش، فلبى كثير منهم النداء، وظهر من بينهم أصدقاء زمن الشدة. وخرج مؤتمر الاستثمار برسائل أمل جديدة للتونسيين، تؤكد أن تونس ليست وحدها في معاركها القاسية والصعبة، وأن بوابة الخروج من نفق الديون والبطالة والتراجع الاقتصادي، يمكن أن تكون قريبة وعلى بعد أمتار. يكفي فقط أن تختار زاوية النظر إلى كأسك وتقنع بما فيها من أجزائها الملآنة، وإن كانت صغيرة.
المساهمون