وجرت صباح اليوم، معظم التظاهرات، التي شارك فيها طلاب وأصحاب السترات الصفراء وأساتذة ومحامون ونقابيون ومتقاعدون، قدر عددهم بنحو 200 ألف شخص. ولم تَخْلُ من مواجهات مع القوى الأمنية، استخدمت فيها القنابل المسيلة للدموع بغزارة، كما جرى في مدينة بوردو وفي مدينة نانت ومدن أخرى. وأوقفت القوى الأمنية العديد من المتظاهرين، في الوقت الذي لم تنطلق فيه بعد تظاهرة باريس.
ولم تغب الأحزاب اليسارية عن المشهد، كالحزب الاشتراكي والشيوعي و"فرنسا غير الخاضعة"، لكنها ظلت في مؤخرة التظاهرة، حتى لا تسبب أي حرَج للنقابات، التي تعتبر هي الداعية إلى هذه التظاهرات، وأيضاً لأن التقاعد يمسّ كل الفرنسيين، بغضّ النظر عن توجهاتهم السياسية وانخراطهم أو عدمه في أي نقابة، أو كما لخَّصه تصريح للناطق باسم "الحزب الجديد المناهض للرأسمالية"، أوليفيي بوزانسو، بأن "الجميع في فرنسا سيخرج خاسراً، بسبب هذا الإصلاح" الذي تنوي الحكومة تطبيقه.
وبموازاة هذه التظاهرات، أعلنت الحكومة أن الإضراب في قطاع التعليم الأساسي بلغ نسبة 51 في المائة، واقتربت نسبة الإضراب في التعليم الثانوي من 43 في المائة، وفي قطاع الكهرباء وصلت إلى ما يقرب 44 في المائة، وفي قطاع السكك الحديدية إلى نسبة 55 في المائة، وهو ما أثَّر بقوة في الحركة، بحيث إن 90 في المائة من القطارات متوقفة، كذلك إن 15 محطة فقط من محطات الميترو مفتوحة.
وما يمنح بعض الرمزية للإضراب، إغلاق برج إيفل، الواجهة السياحية الكبيرة في العاصمة، أمام السياح.
ومع مرور الوقت يزداد عدد الموقوفين والمعتقلين، الذين يوضع بعضهم تحت الاعتقال الاحتياطي، وأيضاً خضع عدد منهم للتفتيش في مداخل الميترو والمحطات، وفي الممرات المؤدية إلى التظاهرات.
ولإعطاء صورة عن حجم تأهب القوى الأمنية في باريس، فُتِّش إلى حدود الساعة الثانية بعد الظهر، 7000 شخص، بنحو استباقي، وأُوقف نحو 70 شخصاً، وُضع 30 منهم في الاعتقال الاحتياطي، وقد يمثُلون أمام القضاء فوراً، فيما صدر قرار بحرمان 63 شخصاً حق التظاهر خلال ستة أشهر. وتحدثت مصادر وزارة الداخلية، في الساعة الثالثة بعد الظهر، عن وجود أكثر من 500 شخص من العناصر الفوضويين الذين أتوا خصيصاً لمقارعة رجال الشرطة والدرك، بين المتظاهرين الباريسيين، وتحديداً في ساحة الجمهورية.
وفي حركة تصعيدية ضد الحكومة، التي قد تعلق مساءً على موقفها، من نجاح هذا الحراك الاجتماعي، أعلنت نقابات "الإدارة الحكومية المستقلة للنقل بباريس"، التي تدير ميترو وترامواي وباصات العاصمة، تمديد الإضراب إلى يوم الاثنين 9 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، وهو ما سيُفاقم تنقل المواطنين والسياح. كذلك أعلنت نقابات قطاع السكك الحديدية، من جهتها، تمديد الإضراب إلى الغد، أيضاً.