يصادف اليوم، الإثنين، ذكرى مرور 15 عاماً على حادثة احتجاز رهائن المسرحية الموسيقية، "نورد أوست"، من قبل مسلحين شيشانيين، والتي استمرت من 23 إلى 26 أكتوبر/تشرين الأول 2002. انتهت الواقعة باقتحام القوات الخاصة الروسية مبنى المسرح في حي دوبروفكا في العاصمة الروسية، مستخدمةً غازاً مجهولاً أسفر عن اختناق الرهائن ووفاة أكثر من 120 منهم.
وبعد مرور سنوات طويلة على الواقعة، لا تزال مواطنة كازاخستان، سفيتلانا غوباريفا، التي كانت من بين رهائن المسرح، وفقدت خطيبها وابنتها جراء عملية الاقتحام، تحمّل المسلحين الشيشانيين مسؤولية ما جرى بالدرجة الأولى، معتبرةً في الوقت نفسه أن السلطات الروسية لم تقم بكل ما يلزم للحد من عدد الضحايا. وتقول غوباريفا في حديثها لـ"العربي الجديد": "لا أبرر الإرهابيين بأي حال من الأحوال، فإذا لم يحدث الاحتجاز لما وقع ما تلاه. لم يكن هناك مفر من الاقتحام، ولكن السلطات لم تقم بما يلزم للحد من عدد الضحايا، بل نفذت عملية قضاء على الإرهابيين أكثر منها عملية لإنقاذ الرهائن"، بحسب تعبيرها.
تتذكّر غوباريفا بمرارة لحظات الرعب التي عاشتها داخل المسرح بين لحظة دخول المسلحين واعتقاد المشاهدين أولاً أن ذلك يشكل جزءاً من العرض، ثم إعلان قائدهم موفسار باراييف، أنهم احتجزوا كرهائن وأن مطلبه يتمثل بوقف الحرب في الشيشان. وتتذكر كيف قتل فتاة قادمةً من خارج المسرح رمياً بالرصاص، وأصوات إطلاق النار، والتهديدات بقتل جميع الرهائن، إلى أن أغمى عليها ودخلت في غيبوبة نتيجة لاستنشاقها غازاً أثناء الاقتحام، قبل أن تفوق منها بغرفة الإنعاش بأحد مستشفيات موسكو مساء 26 أكتوبر/تشرين الأول.
وفي اليوم التالي، علمت غوباريفا من بث إذاعي بوفاة ابنتها ألكسندرا (13 عاماً) نتيجة لدهسها بعد تراكم أجسام الرهائن بسيارة الإسعاف، وفي 29 أكتوبر/تشرين الأول، تم استدعاؤها إلى المشرحة للتأكد من هوية خطيبها ساندي الذي كان مواطناً أميركياً. وتأسف غوباريفا لتخاذل السلطات الروسية عن إجراء تحقيقات جدية ورفع قضايا جنائية بحق المسؤولين عن تنظيم الاقتحام وتقديم الإسعافات، معتبرةً ذلك استمراراً لانتهاك حقوقها.
بعد انتهاء عملية اقتحام المسرح، واجهت السلطات الروسية انتقادات لاذعة لعدم كشفها عن طبيعة الغاز المستخدم، مما منع الأطباء من إغاثة حالات الاختناق على النحو اللازم. وعلى الرغم من فرض تعتيم كامل على طبيعة الغاز، إلا أن صحيفة "كوميرسانت" الروسية علمت آنذاك، أنه كان إما منوماً وإما غاز أعصاب، ما يعني أن جرعات كبيرة منه كانت تؤدي إلى وقف التنفس.
اقــرأ أيضاً
وفي عام 2011، أصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان حكماً بإلزام الحكومة الروسية بصرف تعويضات تراوحت بين 9 آلاف و66 ألف يورو لـ64 مدعياً حسب درجة تضررهم، على الرغم من اعترافها بأن قرار الاقتحام كان من اختصاص السلطات الروسية. ورأت المحكمة أن المسؤولين عن الاقتحام انتهكوا المادة الثانية من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان التي تكفل حق الحياة، وذلك بسبب عدم التخطيط لعملية الإنقاذ بشكل ملائم والتأخر في بدء الإجلاء.
من جانب آخر، رأت أجهزة الأمن الروسية أن استخدام الغاز أثناء الاقتحام أتاح إنقاذ مئات الرهائن وكان مبرراً لمنع المسلحين من تفجير مبنى المسرح وقتل جميع الرهائن بداخله والذي كان عددهم يبلغ نحو 900 شخص. وبحسب نائب رئيس "الاتحاد الدولي للمحاربين القدماء" بوحدة "ألفا" لمكافحة الإرهاب، التي نفذت عملية الاقتحام، أليكسي فيلاتوف، فإن القوات الخاصة الروسية كانت تدرك أنه سيكون هناك ضحايا عند تنفيذ مثل هذه العملية، ولكنها حققت النتائج المرجوة، بينما أدى فشل الاقتحام أثناء أزمة احتجاز الرهائن بمستشفى مدينة بوديونوفسك جنوب روسيا عام 1995 إلى مقتل نحو 130 شخصاً وهروب المسلحين، بحسب ما أشار فيلاتوف.
ووفق رواية الأجهزة الخاصة الروسية، فإن القادة الميدانيين الشيشانيين بدأوا التخطيط لهجوم كبير في العاصمة الروسية منذ صيف عام 2002، عندما عقدوا اجتماعاً ترأسه زعيم "جمهورية إتشكيريا المستقلة"، أصلان مسخادوف، وقرروا خلاله "نقل الحرب إلى أراضي العدو" في إشارة إلى روسيا. وفي عام 2005، قتلت القوات الخاصة التابعة لجهاز الأمن الفيدرالي الروسي، مسخادوف بالقرب من العاصمة الشيشانية غروزني. وكانت الاستخبارات الروسية قد نفذت عملية تفجير سيارة يانداربييف في العاصمة القطرية الدوحة، عام 2004، مما تسبب في أزمة غير مسبوقة في العلاقات الروسية-القطرية.
لم يكن "نورد أوست" أكثر الهجمات الإرهابية دمويةً في روسيا، إلا أنه احتل مكانةً خاصةً وأثار جدلاً أكثر من غيره نظراً لسقوط خمسة قتلى فقط على أيدي المسلحين، بينما لفظ 125 آخرون أنفاسهم الأخيرة نتيجة لاستنشاقهم غازاً لم يعلم الأطباء بطبيعة تأثيره وكيفية التعامل معه، لتبقى أسئلة ذوي الضحايا بلا أجوبة حتى الآن.
وبعد مرور سنوات طويلة على الواقعة، لا تزال مواطنة كازاخستان، سفيتلانا غوباريفا، التي كانت من بين رهائن المسرح، وفقدت خطيبها وابنتها جراء عملية الاقتحام، تحمّل المسلحين الشيشانيين مسؤولية ما جرى بالدرجة الأولى، معتبرةً في الوقت نفسه أن السلطات الروسية لم تقم بكل ما يلزم للحد من عدد الضحايا. وتقول غوباريفا في حديثها لـ"العربي الجديد": "لا أبرر الإرهابيين بأي حال من الأحوال، فإذا لم يحدث الاحتجاز لما وقع ما تلاه. لم يكن هناك مفر من الاقتحام، ولكن السلطات لم تقم بما يلزم للحد من عدد الضحايا، بل نفذت عملية قضاء على الإرهابيين أكثر منها عملية لإنقاذ الرهائن"، بحسب تعبيرها.
وفي اليوم التالي، علمت غوباريفا من بث إذاعي بوفاة ابنتها ألكسندرا (13 عاماً) نتيجة لدهسها بعد تراكم أجسام الرهائن بسيارة الإسعاف، وفي 29 أكتوبر/تشرين الأول، تم استدعاؤها إلى المشرحة للتأكد من هوية خطيبها ساندي الذي كان مواطناً أميركياً. وتأسف غوباريفا لتخاذل السلطات الروسية عن إجراء تحقيقات جدية ورفع قضايا جنائية بحق المسؤولين عن تنظيم الاقتحام وتقديم الإسعافات، معتبرةً ذلك استمراراً لانتهاك حقوقها.
بعد انتهاء عملية اقتحام المسرح، واجهت السلطات الروسية انتقادات لاذعة لعدم كشفها عن طبيعة الغاز المستخدم، مما منع الأطباء من إغاثة حالات الاختناق على النحو اللازم. وعلى الرغم من فرض تعتيم كامل على طبيعة الغاز، إلا أن صحيفة "كوميرسانت" الروسية علمت آنذاك، أنه كان إما منوماً وإما غاز أعصاب، ما يعني أن جرعات كبيرة منه كانت تؤدي إلى وقف التنفس.
وفي عام 2011، أصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان حكماً بإلزام الحكومة الروسية بصرف تعويضات تراوحت بين 9 آلاف و66 ألف يورو لـ64 مدعياً حسب درجة تضررهم، على الرغم من اعترافها بأن قرار الاقتحام كان من اختصاص السلطات الروسية. ورأت المحكمة أن المسؤولين عن الاقتحام انتهكوا المادة الثانية من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان التي تكفل حق الحياة، وذلك بسبب عدم التخطيط لعملية الإنقاذ بشكل ملائم والتأخر في بدء الإجلاء.
ووفق رواية الأجهزة الخاصة الروسية، فإن القادة الميدانيين الشيشانيين بدأوا التخطيط لهجوم كبير في العاصمة الروسية منذ صيف عام 2002، عندما عقدوا اجتماعاً ترأسه زعيم "جمهورية إتشكيريا المستقلة"، أصلان مسخادوف، وقرروا خلاله "نقل الحرب إلى أراضي العدو" في إشارة إلى روسيا. وفي عام 2005، قتلت القوات الخاصة التابعة لجهاز الأمن الفيدرالي الروسي، مسخادوف بالقرب من العاصمة الشيشانية غروزني. وكانت الاستخبارات الروسية قد نفذت عملية تفجير سيارة يانداربييف في العاصمة القطرية الدوحة، عام 2004، مما تسبب في أزمة غير مسبوقة في العلاقات الروسية-القطرية.
لم يكن "نورد أوست" أكثر الهجمات الإرهابية دمويةً في روسيا، إلا أنه احتل مكانةً خاصةً وأثار جدلاً أكثر من غيره نظراً لسقوط خمسة قتلى فقط على أيدي المسلحين، بينما لفظ 125 آخرون أنفاسهم الأخيرة نتيجة لاستنشاقهم غازاً لم يعلم الأطباء بطبيعة تأثيره وكيفية التعامل معه، لتبقى أسئلة ذوي الضحايا بلا أجوبة حتى الآن.