11 سبتمبر: ابتلاء الاقتصاد العالمي

11 سبتمبر 2014
الاقتصاد العالمي أنهار مع البرجين (أرشيف/getty)
+ الخط -
مرّت 13 عاماً على أحداث 11 سبتمبر/أيلول، ومن حينه، يخرج الاقتصاد العالمي من أزمة، ليدخل في أزمة أشدّ.
ولم يكن استهداف برجي مركز التجارة العالمي ومبنى البنتاغون حدثاً آني التداعيات، ولم تنحصر حدود الخسائر في الحدود الأميركية، وإنما اتسعت لتشمل غالبية الدول، وخصوصاً العربية منها، تحت عناوين كثيرة، تبدأ بالإجراءات الأمنية ومكافحة الإرهاب، وصولاً إلى ضرب اقتصادات الدول التي استهدفت حربياً، وتأثر الدول المحيطة بها عبر تراجع النمو والاستثمار.
يقول تقرير معهد تحليل الأمن العالمي إن الخسائر في الممتلكات وتراجع إنتاج السلع والخدمات وخسائر الشركات وتقلبات النمو وخسائر الاسواق المالية، تجاوزت تريليوني دولار.
إلا أن حجم الخسائر، لم يتوقف عند حدود عام 2001، إذ تحت شعار "الحرب على الإرهاب" دخلت القوات الأميركية إلى أفغانستان، واحتلت العراق بحجة وجود أسلحة دمار شامل.
وفي حين أعلن الرئيس الأميركي في حينه جورج بوش أن كلفة الحرب لن تزيد على 20 مليار دولار في أفغانستان و30 ملياراً في العراق، انتهى عهد بوش في عام 2009 مع نفقات حربية وصلت إلى 864.8 مليار دولار، بحسب ما ورد يوم أمس في موقع "يو إس إيكونومي"، ووفق ما ورد أيضاً في بحث أجراه الباحث "آمي بيلاسكو" لمصلحة الكونغرس الأميركي تحت عنوان: " تكلفة حرب العراق وأفغانستان، والحرب العالمية على الإرهاب منذ 9/11".
وبعده، جاء الرئيس باراك أوباما ليطلب خلال ثلاث سنوات من حكمه 477 مليار دولار، ليصل الإنفاق الأمني إلى 618 مليار دولار في عام 2014. هذه النفقات، رفعت من مديونية الولايات المتحدة ونفقاتها، وساهمت إلى حد كبير، وفق عدد من الدراسات والأبحاث، في تسريع انطلاق الأزمة المالية العالمية في عام 2008، فيما يعتبر بعض الباحثين أن العكس هو الصحيح، بحيث أجّلت أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، الانفجار الاقتصادي الذي حل في عام 2008.
ويشرح الخبير الاقتصادي من الإمارات، وليد الشهابي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن تداعيات 11 سبتمبر لا تزال مستمرة حتى اللحظة. ويلفت إلى أن الإجراءات الرقابية طالت بشكل خاص القطاع المصرفي العالمي، بحيث تخلت بعض الاقتصادات، ولا يزال بعضها على طريق إنهاء ما يعرف بالسرية المصرفية.
ويشير الشهابي إلى أنه بالإضافة إلى ذلك، فإن أحداث 11 سبتمبر لم تكن عادية، بحيث لحقها إعلان الحرب على أفغانستان ومن ثم العراق، ما استهدف مباشرة حالة الاستقرار في الدول العربية، ما يعني ارتفاع نسبة المخاطر وتراجع العناصر الجاذبة للاستثمار، إضافة إلى ارتفاع كلفة الإجراءات الأمنية والاقتطاع من الميزانيات للالتزام بالإجراءات الجديدة التي تدور حول عناوين مكافحة الإرهاب ومنع غسيل الأموال.
أما في ما يتعلق بالتأثير على الاقتصاد الأميركي، فقد ارتفعت النفقات العسكرية بشكل متسارع وضخم، ما انعكس تحديداً على النفقات الاستثمارية والحركة الاقتصادية في الولايات المتحدة، وعلى حركة الأسواق المالية في العاصمة نيويورك.
ويقول الخبير في الأسواق المالية في الكويت، ميثم الشخص، في حديث مع "العربي الجديد"، إن تداعيات 11 سبتمبر على اقتصادات الدول العربية يحمل الأمور الإيجابية كما السلبية.
ويشرح أنه تمت إعادة هيكلة الاستثمارات العربية في الولايات الأميركية، وخاصة ذات الطابع الإسلامي وعودة الاستثمارات إلى الخليج.
في المقابل، يفضل المستثمرون العرب عدم الانتقال إلى السوق الأميركية نتيجة التعقيدات التي تطال الإجراءات الاستثمارية بفعل استمرار التشديد الأمني.
ويقول الشخص إن بعض الدول استفاد من احتلال العراق، من حيث الشراكات والعقود الضخمة التي وقعت مع الجيش الأميركي لتأمين الحاجيات اليومية، كما تم فتح السوق العراقية أمام كافة الدول، لتصبح مكاناً لتشغيل الأموال والاستثمارات.
إلا أن هذا الواقع لا يلغي، وفق الشخص، التأثيرات السلبية من حيث تراجع حجم الاستثمارات العربية – الأميركية المشتركة، وارتفاع حجم التضخم، وبطبيعة الحال التأثر المباشر من تداعيات الأزمة المالية العالمية.
ويعتبر الشخص أن التأثيرات غير المباشرة على الاقتصاد الأميركي لا تزال موجودة مثل المنظومة الأمنية التي ارتفعت كثيراً ما بعد أحداث 11 سبتمبر، وارتفاع الانفاق الحربي واقتطاعه نسبة كبيرة من الميزانية الأميركية، وتضاعف حجم الدين الأميركي.
ويعتبر الشخص أن أحداث 11 سبتمبر أخرت اندلاع الأزمة المالية العالمية في عام 2008، فالمؤشرات الاقتصادية التي سبقت وقوع الأحداث هذه، كانت سلبية ووصلت إلى مستويات مخيفة اقتصادياً، بل يمكن اعتبار أحداث 11 سبتمبر بمثابة جرعة تخدير للأسواق الأميركية بقي مفعولها مستمرا إلى عام 2008.
أما الخبير المالي والاقتصادي من السعودية، عبد المنعم عداس، فقد كان له رأي مغاير، بحيث يعتبر في حديث مع "العربي الجديد" أنه في عام 2001 تأثر الاقتصاد الأميركي بقوة، وأقفلت البورصات والمصارف وتراجعت الحركة التجارية والاستثمارية، إلا أن هذه التأثيرات لم تدم طويلاً، وتداعيات 11 سبتمبر ليست سوى زوبعة في فنجان الأزمة المالية العالمية التي حصلت في عام 2008.
ويشرح عداس أن البنك المركزي الأميركي اضطر في الأعوام الماضية وحتى اليوم، إلى شراء ديون المصارف وإجراء تدابير إنقاذية للاقتصاد، إلا أن عداس يشير إلى أن الإنفاق العسكري ارتفع في أميركا، في حين امتد ارتفاع الميزنيات الأمنية إلى كافة الدول، ومنها الدول العربية. ويلفت إلى أن الأمن تحول إلى قطاع وصناعة جديدة، بحيث ترفع النفقات من جهة، وتخفض المخاطر وتؤمن الوظائف من جهة أخرى.
المساهمون