في واحد من أكثر الأيام دموية في سورية منذ بداية الثورة، سقط أكثر من 120 قتيلاً على الأقل وعشرات الجرحى، بفعل الغارات الجوية التي شنها طيران النظام على عدة مناطق خلال ساعات صباح اليوم، وكان لمدينة دوما، الواقعة في غوطة دمشق الشرقية، النصيب الأكبر من عدد الضحايا، بحيث عاشت أشد أيامها دموية، ودفن أهلها أكثر من "100 قتيل بينهم أطفال"، والعدد مرشح للارتفاع بسبب خطورة الإصابات التي بلغ عددها ما يقارب 300 جريح، بحسب الدفاع المدني هناك.
اقرأ أيضاً: النظام السوري يرتكب مجزرة في دوما ويقصف حمص وإدلب
وذكر ناشطون في دوما، لـ"العربي الجديد"، أن سقوط هذا العدد الكبير من الضحايا جاء بعد "استهداف طيران النظام الحربي بالصواريخ الفراغية السوق الشعبي وسط المدينة، الذي يكون مكتظاً بالناس وقت الظهيرة". وأضافوا أن "أشلاء الجثث ملأت المكان الذي تعرّض للقصف"، مشيرين إلى أن "سيارات الإسعاف حاولت نقل أكبر عدد ممكن من الجرحى للمشافي الميدانية، فيما نادت مآذن المساجد بضرورة التبرّع بجميع زُمر الدم". وأظهرت صور بثها ناشطون على الإنترنت ووكالات الأنباء مشاهد السوق الذي تعرض للقصف، إذ تَظهر جثثٌ لمدنيين بين ركام المنازل والمحال التجارية المدمرة والسيارات المحروقة، فيما يهرول أشخاص هناك لسحب جثث القتلى وإسعاف المصابين، ويبحث آخرون عن ناجين تحت أنقاض المكان الذي أصابه دمار هائل.
وتوضح مشاهد أخرى مصورة، كيف قام السكان بِرصفِ الجثث في مكان عام إلى جانب بعضها بعضاً، فيما يتفقد الأهالي وجوه الضحايا للتعرف عليهم، قبل تجهيزهم للدفن في وقت لاحق. وذكر سكان محليون في دوما، لاحقاً، أن "الطيران الحربي جدّد غاراته بعد المجزرة على المدينة التي تتعرض بالتزامن لقصف بالهاون". وقال مدير المكتب الإعلامي لـ"اتحاد تنسيقيات الثورة"، يوسف البستاني، وهو مقيم في دوما، في وصفه لمشهد المجزرة: "أشلاء ودمار ورعب وخوف.. ولا يزال الطيران في الأجواء ليكمل مسلسل القتل والتدمير".
اقرأ أيضاً: الزبداني ترفض شروط إيران... والنظام غاب عن المفاوضات
وتبعد دوما أقل من 12 كيلومتراً إلى الشمال الشرقي من وسط العاصمة السورية، وتُعتبر أهم معاقل المعارضة بريف دمشق، وتعرضت في وقت سابق لعشرات الهجمات المماثلة، التي أدت لسقوط مئات القتلى والجرحى. ولم يكن المشهد في درعا القريبة أقل فداحة، حيث سقط هناك عشرات القتلى والجرحى في قصف بالبراميل المتفجرة، طاول عدة مناطق سكنية في مركز المحافظة وريفها.
وأكد الناشط الإعلامي، أحمد المسالمة، لـ"العربي الجديد"، سقوط "ما لا يقل عن عشرة قتلى في إثر القصف الجوي العنيف"، مضيفاً أن "خمسة من القتلى سقطوا في قصف السوق الشعبي بدرعا البلد أثناء تجمع للأهالي"، مرجحاً ارتفاع حصيلة الضحايا لأن "هناك أكثر من 25 جريحاً منهم 6 حالات خطيرة جداً". كما أكد المسالمة، ابن درعا، أن طيران النظام المروحي "استهدف بالبراميل المتفجرة مناطق واسعة بالمحافظة، وطاول القصفُ كُلاًّ من النعيمة، بصرى الشام، درعا البلد، درعا المحطة، كفرشمس، معربة اليادودة ومناطق أخرى"، مما أدى لسقوط قتلى وجرحى، في يومٍ دامٍ آخر بدرعا، التي تبعد نحو 100 كيلومتر إلى الجنوب من دمشق. مشاهد الدماء والجثث والأشلاء انسحبت أيضاً على الوضع شمال البلاد، حيث سقط قتلى وجرحى من المدنيين صباح أمس، إثر غارات شنها طيران النظام السوري على مدينة إدلب وريفها.
اقرأ أيضاً: واشنطن تتّهم الأسد بإلقاء ألفي برميل منذ يوليو الماضي
وقال الناشط الإعلامي، محمد كركص، لـ"العربي الجديد"، إن "ثمانية قتلى وأكثر من عشرة جرحى سقطوا بعد قصف الطيران الحربي لوسط مدينة إدلب قرب القصر العدلي"، في حين نشر ناشطون على الإنترنت ما قالوا إنها "الصور الأولية للمجرزة التي ارتكبها طيران النظام وسط المدينة"، وتُظهر جثث الضحايا بين أنقاض مبنى مُدمر، فيما يحاول أشخاصٌ يرتدون ملابس مدنية سحب الجثث وإسعاف الجرحى.
كما أشار كركص، الموجود بريف إدلب، إلى أن قصفاً جوياً آخر أدى لـ"سقوط قتيلة في قرية حزارين، كما جُرحَ عدد من المدنيين بقصفٍ مماثل على تل الطوقان"، مضيفاً أن "طيران النظام الحربي يحلّق منذ الصباح في سماء المحافظة، مُغيراً على أطراف بلدتي كفريا والفوعة ومناطق واسعة بالريف المُحرر".
كما تعرضت، بحسب معلومات متقاطعة، عدة قرى بريف حماة لغارات عنيفة طاولت محيط قلعة المضيق وقرى الحويجة والزكاة والحويز وأدت لسقوط ضحايا. وشهدت سورية عشرات الأيام الدامية، لكن اللافت اليوم، كان كثافة الغارات والقصف الجوي الذي يتعمّد على ما يبدو، استهداف الشوارع والأسواق المكتظة وقت الذروة، لإيقاع أكبر عدد ممكن من القتلى.