يوم ثانٍ في جنيف بلا مشاورات: تحديات صعبة للحل اليمني

08 سبتمبر 2018
بحث غريفيث ملفات إنسانية مع اليماني (فابريس كوفريني/فرانس برس)
+ الخط -
لليوم الثاني على التوالي، انتظرت جنيف أمس الجمعة وصول وفد جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) وحلفائها لبدء المشاورات حول الصراع اليمني، في الوقت الذي حاول فيه المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، مراضاة الوفد الحكومي عقب تداول أنباء عن تهديده بالانسحاب. وأياً تكن الملابسات لتأخر وفد الحوثيين، إلا أنه يُعدّ مؤشراً على أن المشاورات اليمنية، المتوقع أن تنطلق في كل الأحوال، لن تكون سهلة بالمجمل، فإذا ما كان الحضور إلى جنيف تحدياً، فإن الدخول بالملفات الأمنية والسياسية لن يكون أقل تعقيداً.

وحتى مساء أمس الجمعة، كان وفد الحوثيين وحلفائهم من حزب "المؤتمر الشعبي العام" الخاضع للجماعة، لا يزال في صنعاء، كما أكدت مصادر سياسية لـ"العربي الجديد"، مع تعذر تحقيق اختراق سياسي يسمح بسفره بالطريقة التي يطالب بها، على متن طائرة عُمانية، تنقل في طريقها ذهاباً وإياباً إلى ومن مطار صنعاء أعداداً من الجرحى للعلاج خارج البلاد.

وتتلخص رؤية الحوثيين، ومطالبهم الخاصة بنقل الجرحى، باعتبار أن عدم نجاح الأمم المتحدة بإقناع التحالف بعموديه (السعودية والإمارات)، بالسماح لطائرة الوفد المفاوض بنقل العشرات من الجرحى المتواجدين في مسقط إلى صنعاء ونقل آخرين من الأخيرة إلى خارج البلاد، يمثّل مؤشراً على عدم قدرة المنظمة الدولية على فرض حلول سياسية من شأنها وقف الحرب كهدف للمفاوضات، وخصوصاً مع تأخر الوفد المفاوض في العام 2016 لشهور. في المقابل، يقول التحالف والحكومة الشرعية، إن الذهاب إلى مشاورات جنيف، وبناءً على الاتفاق مع المبعوث الأممي، لم يكن مشروطاً بأي مطالبات، ويشككون بأهداف الحوثيين من وراء الاهتمام بنقل الجرحى، بالحديث عن وجود قيادات تسعى الجماعة لنقلها للعلاج.

وتحت ضغط المطالبات بالانسحاب من جنيف، اضطر وفد الحكومة الشرعية أمس الجمعة، إلى إصدار بيانٍ يحمّل فيه الحوثيين المسؤولية عن إعاقة انطلاق مشاورات في موعدها. وقال إنه حضر "في الموعد المحدد زماناً ومكاناً، والذي تم تحديده بعد الكثير من الجهود والتشاور والتنسيق والمراسلات من دون أن تُذكر أي من هذه العراقيل التي اختلقت عنوة في ليلة المشاورات"، في إشارة إلى مطالبات الحوثيين.


وأظهر بيان الوفد الحكومي أن الشرعية تسعى لاستثمار تأخير الحوثيين بحصد موقف دولي يشيد بحرصها على "عملية السلام"، إذ جاء في البيان أن الحضور يأتي أيضاً "تماشياً مع سياسة الحكومة اليمنية التي تثبت للعالم مرة بعد أخرى أنها مع خيارات السلام المستدام ابتداء من جنيف واحد وانتهاء بمشاورات الكويت"، ودعا المجتمع الدولي إلى اتخاذ "مواقف جادة"، إزاء ما اعتبره "استهتاراً" من الحوثيين لإفشال جهود السلام، وطالب "الأمم المتحدة ممثلة بمبعوثها باتخاذ الإجراءات المناسبة إزاء ما يجري ووضع العالم في صورة الأحداث كما هي".

وكان غريفيث وخلال أول اجتماع عقده مع الوفد الحكومي المفاوض في جنيف، أعلن موقفاً يشيد بجهود الحكومة والتحالف بتسهيل انعقاد المشاورات، لكنه لم يحمل ما من شأنه إلقاء اللائمة بتأخير انعقاد المشاورات على الحوثيين، وبدلاً عن ذلك، اعتمد توصيف الجماعة بتسمية "وفد صنعاء"، الأمر الذي يتناغم مع تغير في المصطلحات الأممية، كما جاء في تقرير الخبراء التابع لمفوضية حقوق الإنسان أواخر الشهر الماضي، والذي وصف الجماعة وحلفاءها بـ"سلطات الأمر الواقع".
وذكرت المتحدثة باسم الأمم المتحدة أليساندرا فيلوتشي، أن غريفيث بحث أمس مع وزير الخارجية اليمني خالد اليماني، قضايا من بينها السجناء ووصول المساعدات الإنسانية وإعادة فتح مطار صنعاء. وأوضحت في إفادة صحافية بأن غريفيث، لا يزال ينتظر وصول وفد الحوثيين.

الجدير بالذكر أن مشاورات جنيف، وفقاً لمقترحات المبعوث الدولي الأولية، كان من المقرر أن تُختتم السبت، إذ اقترح غريفيث أن تكون لثلاثة أيام، وغير مباشرة بالضرورة (لا يلتقي فيها الوفدان بغرفة اجتماعات واحدة)، إلا أن غريفيث نفسه، ألمح خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده الأربعاء، إلى إمكانية تمديد فترة المشاورات، من خلال القول إنه اقترح أن تكون لثلاثة أيام ويأمل ألا تمتد إلى ثلاثة شهور.

وأياً تكن الملابسات، التي أجّلت انطلاق مشاورات جنيف اليمنية بنسختها الثالثة، فقد بدت بالنسبة لمحللين يمنيين مؤشراً على أن التحدي أمام نجاحها ليس سهلاً، إذ تحوّل الحضور ذاته إلى تحدٍ يتطلب حل عقدته أياماً، وبالتالي فإن المشاورات حول ملفات كإطلاق سراح المعتقلين والأسرى والتوصل إلى تسوية بشأن الوضع في الحديدة وصولاً إلى المقترحات السياسية الأخرى، لن تكون سهلة في أغلب الأحوال.