يوم الرصيص

01 أكتوبر 2015
getty
+ الخط -
يطلق عليه في فلسطين اسم يوم الرصيص أو يوم الرصيع في بعض القرى الفلسطينية، خاصة في جبال نابلس، ومهما اختلفت المسميات فهو اليوم المشهود الذي تتساقط فيه الأمطار القليلة على شكل رذاذ لتعلن بدء موسمه، فيما يحتفل اليهود بعيد من أعيادهم ويهلّلون ويستبشرون بأن الرب راض ٍعنهم إلا أن هذا اليوم لا يعني شيئا لهم أكثر من شعارات جوفاء واعتقادات خرقاء ولكنه يعني الكثير لصاحب الأرض الذي توارثها جدا عن جد.


الرصيص، هي كلمة مستوحاة من الشكل الهندسي غير المنتظم والمتلاصق بصورة شديدة لا تسمح بنفاذ أي شيء بينها، وهذا ما نراه في نوع من الحصى أو الحجارة التي تنتشر في "أقدام" الجبال نتيجة لعمليات الزحف والانزلاقات الأرضية، وبالتالي فهي تكون فوق بعضها البعض وهي أكثر أنواع الحصى انتشارا وتكثر في فرنسا وتشاهد كثيرا هناك، ولكن في فلسطين تم أخذ الاسم لمغزى مختلف تماما، فهو يشير إلى وضعية الذهب الأخضر للحفاظ عليه.

وعلى ذلك تستخدم كلمة الرصيص أو الرص لترتبط بالزيتون الأخضر، حيث يتم استخدام طريقة الرص اليدوي أو الآلي حاليا، وكانت النسوة الفلاحات الفلسطينيات يستخدمن الحجر أو السكين أو حتى مطرقة خشبية لشق حبات الزيتون حتى يتغلغل السائل الملحي بداخلها ويحصلون بذلك على طريقة آمنة وبسيطة وشعبية في حفظ الزيتون من الموسم للموسم أو من العام إلى العام دون أن يتلف.

الرصيص يتم بجرح لحمية الزيتون أي الثمرة وخروج المركبات المرة منها ثم دخول السائل الملحي إليها والذي يتم تركيبه بطريقة خاصة لكي لا يكون مالحا ولا قليل الملح، وأفضل نسبة تركيز هي استخدام 1 كلغ من الملح مع 9 ليترات من الماء وبعد ذلك يتم رص الحبات في أوعية بحيث تكون مضغوطة فوق بعضها لعدم السماح بنفاذ الهواء إليها وإضافة المحلول الملحي وتغطيتها وحفظها حتى تنضج ويتم تناولها.


يعتبر الرصيص من مؤونة البيت الفلسطيني، ويقال على سبيل التندّر إن من يريد أن يعذّب المرأه الفلسطينية فليحرمها من الزيت والزيتون، وإن البيت الفلسطيني لا يفقر ولا يعاني فاقة طالما وجد فيه الزيت والزيتون والزعتر.


اهتمت المرأة الفلسطينية بالرصيص، ولم يكن قطف الثمار عن الأشجار ليتم دون "أن يصلّب الصليب"، ويقصد سقوط المطر في أواخر سبتمبر/ أيلول، فهو الموعد المناسب لقطف الثمار وغالبا ما يحصل أصحاب الأراضي على إجازات من عملهم وكذلك الطلبة، ويتم "جد الزيتون"، أي قطفه، في صورة تعاونية تدلّل على تكافل وتعاون المجتمع الفلسطيني رغم ما تتعرض له الشجرة المباركة من انتهاكات من قبل الإسرائيليين.


تحتفظ الجدات وكبيرات السن برصيص الزيتون في أماكن أمينة وبعيدة عن أيدي صغار العائلة لأنه خزين العام، ولا تسمح الحماة لكنتها أو ابنتها أن تضع يدها في "برطمان" الزيتون الناضج لتأخذ بضع حبات منه إذا كانت حائضا أو نفساء فهي تدعي أن هذا الأمر يؤدي إلى تلف الزيتون المرصوص حتما ولا تلتفت إلى نقص السائل الملحي أو عدم تركيزه جيدا ولكنها تصب جام غضبها على الكنّة التي تكون حريصة ألا تقرب الرصيص المقدس حتى تطهر.
دلالات
المساهمون