13 يوليو 2015
يوتوبيا الوطن المفقود
عمر صقر (مصر)
من المحزن جداً أن ترى ابن التسعة عشرة عاماً معلقاً بحبل حول رقبته، لم تكن كرافتة زفافه، أو حفل تخرجه، بل كانت نهاية رحلة على كوكب الأرض الحزين، لم تكن قد بدأت بعد. من المؤسف حقاً أن تشنق هذه الرقبة الصغيرة، بل هذا الصبي حقاً أو الرجل، لأن كباراً كثيرين لا يتحملون أن يواجهوا الحقيقة التي واجهها عبد الرحمن. لا أستطيع أن أكمل الكتابة، لأنني حزين حقا على وضع بلدي، أن يصل إلى هذه المرحلة التعيسة. كيف يحدث هذا، بعد ثورة قام بها شباب حر؟ كيف يحدث هذا لشباب هم ثروة المستقبل وأمل الغد، والذين من أجلهم قامت قيامة الثورة؟
كيف يحدث هذا في وطن فرح يوماً بشمس حرية أتى بها هؤلاء البراعم والورود، من بين ظلام دامس، والتي فتّحت في ربوع البلاد ذات ربيع. تملأني علامات تعجب كثيرة. ولكن، ما يجعلني أعتصر ألماً، هو كيف يحدث هذا تحت سمع وبصر القيادة السياسية، الآن، في مصر التي تؤكد أن الشباب شركاء عملية سياسية، كيف ترتاح ضمائرهم، وهم يرون هذا المسكين يتأرجح كقاتل، في حين يترك كل من سفك وكل من قتل وكل من سرق وكل من خرّب حياتنا ومصرنا وجعلها دولة الأقزام أحرار وطلقاء ينعمون بحرية هؤلاء؟
كيف يحدث هذا؟ أريد إجابة لسؤالي، بل أريد اعترافاً كاملاً أمام مذبحة الوطن المقدسة، لأن الإجابة لن تعيد روح عبد الرحمن، ولن تطلق سراح هذا الكم الكبير من الشباب الموجود الآن خلف القضبان، ينتظر المصير نفسه، بل أسوأ منه بمراحل كثيرة. ولكن، لدي عدة أسئلة، أتمنى أن تجاوب عليها بمنتهى القسوة والصراحة
هل جرّبت، سيدي المسؤول، أن ترى ابنك خلف القضبان؟ هل جرّبت أن ترى دموعه في الزيارات الخاطفة خلف قضبان كبيرة وضخمة؟ هل جرّبت أن تتسلم جثته، لا قدر الله، من أمانات السجن، ليقول لك خذ الجثة. ولكن، انتظر التصريح؟ هل جرّبت أن تدخل البيت، لتجد زوجتك تبكي، بحرارة الدموع، فقد ابنها وغيابه عن البيت؟ هل زرت يوما بيت مسجون؟ وعشت مشاعرهم الحزينة؟ هل حاولت يوماً أن تخلد في هذه القبو، لتعرف معنى النوم المريح.
لا أنتزع منك في أسئلتي لك الحقيقة، فهي واضحة كالشمس. ولكن، لنحاول أن نحمي ونحافظ على ما بقي من شبابنا، لنستطيع بناء الوطن الذي نحلم به جميعاً، أم أنها يوتوبيا الوطن المفقود.
ولكن، يا ترى، الآن هل انتقل عبد الرحمن إلى ذلك الوطن الرحب في السماء الذي كان يتمنى أن يعيش فيه على الأرض، أم إنه يقول الآن، كأحمد شوقي، في شطر بيته الشهير: نازعتني إليه في الخلد نفسي.
كيف يحدث هذا؟ أريد إجابة لسؤالي، بل أريد اعترافاً كاملاً أمام مذبحة الوطن المقدسة، لأن الإجابة لن تعيد روح عبد الرحمن، ولن تطلق سراح هذا الكم الكبير من الشباب الموجود الآن خلف القضبان، ينتظر المصير نفسه، بل أسوأ منه بمراحل كثيرة. ولكن، لدي عدة أسئلة، أتمنى أن تجاوب عليها بمنتهى القسوة والصراحة
هل جرّبت، سيدي المسؤول، أن ترى ابنك خلف القضبان؟ هل جرّبت أن ترى دموعه في الزيارات الخاطفة خلف قضبان كبيرة وضخمة؟ هل جرّبت أن تتسلم جثته، لا قدر الله، من أمانات السجن، ليقول لك خذ الجثة. ولكن، انتظر التصريح؟ هل جرّبت أن تدخل البيت، لتجد زوجتك تبكي، بحرارة الدموع، فقد ابنها وغيابه عن البيت؟ هل زرت يوما بيت مسجون؟ وعشت مشاعرهم الحزينة؟ هل حاولت يوماً أن تخلد في هذه القبو، لتعرف معنى النوم المريح.
لا أنتزع منك في أسئلتي لك الحقيقة، فهي واضحة كالشمس. ولكن، لنحاول أن نحمي ونحافظ على ما بقي من شبابنا، لنستطيع بناء الوطن الذي نحلم به جميعاً، أم أنها يوتوبيا الوطن المفقود.
ولكن، يا ترى، الآن هل انتقل عبد الرحمن إلى ذلك الوطن الرحب في السماء الذي كان يتمنى أن يعيش فيه على الأرض، أم إنه يقول الآن، كأحمد شوقي، في شطر بيته الشهير: نازعتني إليه في الخلد نفسي.