إحدى المميزات الأساسيَّة للممثّل، يحيى الفخراني، الذي قد يكون من أعظم الممثلين في تاريخ التلفزيون المصري، هو قدرته الدائمة والمدهشة على التجدد. لم يركن الفخراني أبداً إلى النجاح الواحد والدور المكرر، ولم يعتمد على نفس الكاتب أو المخرج ليقدم نفس المسلسل كل عام. بل على العكس، فهو يغيِّر جلده باستمرار، ويذهب إلى مناطق أخرى غير معتادة تماماً. في السنوات الأخيرة، كوّن الفخراني شراكة عمل ناجحة جداً مع الكاتب، عبد الرحيم كمال، ميزتها الأساسية ليست فقط قوة كمال ككاتب سيناريو، ولكن أيضاً أنه يبدع في مناطق مختلفة كل مرة، ويمنح الفخراني ميزة التجدد والعوالم المختلفة، من دراما صعيدية في "شيخ العرب همام"، مروراً بخواجة بروح صوفية في "الخواجة عبد القادر"، قبل أن يقتبس مسرحية الملك لير لوليام شكسبير في "دهشة". وأخيراً، هذا العام، يجعل "الفخراني" شيطاناً في مسلسل "ونوس".
المسلسل هو العمل الرابع الذي يجمعهما ويعرض في رمضان الحالي، هو اقتباس غير مباشر من مسرحية "فاوست" للكاتب الألماني يوهان غوته، حيث القصة الكلاسيكية عن الشخص الذي يبيع روحه للشيطان. في الحلقة الأولى من المسلسل، يأتي ضيف غريب يدعى "ونوس" إلى إحدى الأسر، وبحضور طاغٍ وذكاء شديد يخبرهم أنه صديق قديم لوالدهم الغائب منذ 20 عاماً، وأنه يعرف مكانه الآن، والأهم، أنَّ هناك إرثاً ماليّاً مشتركاً يجمعهما، ويصل إلى ملايين الجنيهات. ذلك الحضور يبهر الأبناء لدوافع مختلفة، قبل أن يبدأ حضور "ونوس" يأخذ منحى أكثر غرائبية في الحلقات اللاحقة، يظهر ويختفي في أي وقت، يرتدي نفس الملابس دوماً، يفعل أشياء غريبة مثل معالجة طفل مريض، وهو يوسوس بصوت منخفض طوال الوقت. وفي إحدى المشاهد مع الأب الغائب، يدور الحديث عن صفقة قديمة، وأن الأب يجب عليه أن "يمضي كما يقول الاتفاق"، وهو، تبعاً للمسرحية، اتفاق ينص على "خدمة الشيطان للرجل في حياته، في مقابل الحصول على روحه بعد وفاته"، وأمام رفض "ياقوت" الأب، فإن "ونوس" يبدأ في تدمير حيوات الأبناء بالغواية.
يحيى الفخراني هو روح ونبض هذا العمل، قادر بلهجته المميزة وانفعالات وجهه وجسده، أن يسيطر على انتباه ومشاعر واهتمام المتفرج تماماً. الشيطان يجب أن يكون ساحراً ومغوياً ومقنعاً، أن نصدق فعلاً قدرته على السيطرة، والفخراني يقنعنا لأنه يسيطر علينا مثلما يفعل تماماً مع الأبطال أمامه.
ولكن السؤال المهم، إلى أي مدى قد ينقذ ،الفخراني المسلسل من الشروخ التي يعاني منها؟ مشكلة هذا العمل ليس في كونه اقتباساً لحكاية كلاسيكية معروفة، فقد فعلها، عبد الرحيم كمال، مع نفس المخرج، شادي الفخراني، في مسلسل "دهشة" قبل عامين. ولكن المشكلة، أن معالجته نفسها لنفس الحكاية لا تحمل أي جديد، منذ تبين الأحداث والعلاقات في الحلقة الثانية، أصبح المشاهد يعرف المسار الأساسي الذي ستتحرك نحوه الدراما، غواية "ونوس" للأبناء من أجل الضغط على الأب للإمضاء، ولا يوجد في الأحداث بعدها، حتى الآن، أي شيء مفاجئ أو استثنائي. الأمور تسير برتابة، بل أن الشكل الذي يختاره كمال للغواية هو شكل يبدو وكأنه خارج من أحد أفلام الأربعينيات أو الخمسينيات، حيث أحد الأبناء يسيل لعابه على المال، والآخر يصبح مطرباً في كباريه! مع تفاصيل أخرى كثيرة تجعل الحدث نفسه متوقعاً وبطيئاً، على الرغم من المجهود الواضح في الصورة، والاعتناء المعتاد بالحوار.
اقــرأ أيضاً
المسلسل هو العمل الرابع الذي يجمعهما ويعرض في رمضان الحالي، هو اقتباس غير مباشر من مسرحية "فاوست" للكاتب الألماني يوهان غوته، حيث القصة الكلاسيكية عن الشخص الذي يبيع روحه للشيطان. في الحلقة الأولى من المسلسل، يأتي ضيف غريب يدعى "ونوس" إلى إحدى الأسر، وبحضور طاغٍ وذكاء شديد يخبرهم أنه صديق قديم لوالدهم الغائب منذ 20 عاماً، وأنه يعرف مكانه الآن، والأهم، أنَّ هناك إرثاً ماليّاً مشتركاً يجمعهما، ويصل إلى ملايين الجنيهات. ذلك الحضور يبهر الأبناء لدوافع مختلفة، قبل أن يبدأ حضور "ونوس" يأخذ منحى أكثر غرائبية في الحلقات اللاحقة، يظهر ويختفي في أي وقت، يرتدي نفس الملابس دوماً، يفعل أشياء غريبة مثل معالجة طفل مريض، وهو يوسوس بصوت منخفض طوال الوقت. وفي إحدى المشاهد مع الأب الغائب، يدور الحديث عن صفقة قديمة، وأن الأب يجب عليه أن "يمضي كما يقول الاتفاق"، وهو، تبعاً للمسرحية، اتفاق ينص على "خدمة الشيطان للرجل في حياته، في مقابل الحصول على روحه بعد وفاته"، وأمام رفض "ياقوت" الأب، فإن "ونوس" يبدأ في تدمير حيوات الأبناء بالغواية.
يحيى الفخراني هو روح ونبض هذا العمل، قادر بلهجته المميزة وانفعالات وجهه وجسده، أن يسيطر على انتباه ومشاعر واهتمام المتفرج تماماً. الشيطان يجب أن يكون ساحراً ومغوياً ومقنعاً، أن نصدق فعلاً قدرته على السيطرة، والفخراني يقنعنا لأنه يسيطر علينا مثلما يفعل تماماً مع الأبطال أمامه.
ولكن السؤال المهم، إلى أي مدى قد ينقذ ،الفخراني المسلسل من الشروخ التي يعاني منها؟ مشكلة هذا العمل ليس في كونه اقتباساً لحكاية كلاسيكية معروفة، فقد فعلها، عبد الرحيم كمال، مع نفس المخرج، شادي الفخراني، في مسلسل "دهشة" قبل عامين. ولكن المشكلة، أن معالجته نفسها لنفس الحكاية لا تحمل أي جديد، منذ تبين الأحداث والعلاقات في الحلقة الثانية، أصبح المشاهد يعرف المسار الأساسي الذي ستتحرك نحوه الدراما، غواية "ونوس" للأبناء من أجل الضغط على الأب للإمضاء، ولا يوجد في الأحداث بعدها، حتى الآن، أي شيء مفاجئ أو استثنائي. الأمور تسير برتابة، بل أن الشكل الذي يختاره كمال للغواية هو شكل يبدو وكأنه خارج من أحد أفلام الأربعينيات أو الخمسينيات، حيث أحد الأبناء يسيل لعابه على المال، والآخر يصبح مطرباً في كباريه! مع تفاصيل أخرى كثيرة تجعل الحدث نفسه متوقعاً وبطيئاً، على الرغم من المجهود الواضح في الصورة، والاعتناء المعتاد بالحوار.