تعدّ قرية يِبنَة من أكبر القرى العربية في قضاء الرملة، وتقع بين عسقلان ويافا، إلى الجنوب الغربي من الرملة، على خط سكة الحديد القادم من غزة والمتجه إلى محطة القطار المركزيّة في مدينة اللد، وتبعد محطتها مسافة 56 كلم عن محطة غزة، و22 كلم عن محطة اللد التي توسّعت زمن الحكم البريطاني لفلسطين في القرن الماضي.
وتقع يبنة في منتصف طريق رئيسة معبّدة، تصل غزة في الجنوب بيافا في الشمال، وبذلك تشكّل البلدة عقدة مواصلات للشاطئ الجنوبيّ لفلسطين، وهي تبعد عن يافا قرابة 24 كلم وعن البحر 6 كلم.
تقوم يبنة الحاليّة على أنقاض مدينة كنعانيّة قديمة تدعى "يبنى"، وربما تعني "يبنى أيل" أي الرب يبني. وعُرفت في العهد الرومانيّ باسم "يامينا"، ودعاها العرب يُبْنى – يبنا، وأما الفرنجة فسمّوها "إيبيلين".
اشتهرت القرية أثناء الحروب المكابيّة الرومانيّة، إذ قام الرومان في هذه الحروب بهدم المدينة وإحراقها في عام 156 ق. م. ولكن غابينوس الرومانيّ أعاد بناءها بعد بضع سنوات. وفي عهد الإمبراطور أوغسطوس أهديت بلدة يبنة إلى الحاكم الرومانيّ هيرودوس الكبير، الذي بنى زمن حكمه مدينة قيساريا الساحليّة.
وقد اضطلعت يبنة بدور بارز في هذا العهد – أي العهد الرومانيّ – وأصبحت مركزاً لمقاطعة كبيرة، كان ميناؤها أهم من ميناء يافا. وقد اتخذها اليهود بعد خراب القدس عام 70م مقراً لمجلسهم الديني (السنهدرين).
دخلت يبنة في حوزة العرب على يد عمرو بن العاص الذي منح أهلها الأمان على أنفسهم وأموالهم بحسب الرواية الإسلاميّة. وقد ذكرها المؤرخون العرب فقال المؤرخ والجغرافي أحمد اليعقوبي إنها "إحدى مدن فلسطين القديمة تقع على تل مرتفع" وذكر ياقوت الحموي في القرن السابع أنها "بليد قرب الرملة فيه قبر الصحابي أبي هريرة".
وذكرها أحمد المقدسي صاحب أحسن التقاسيم فقال: "بها جامع نفيس، وهي معدن التين الدمشقي النفيس". وارتبط اسمها إبان الحروب الصليبيّة بكثير من الحوادث. ففي عام 1113م، حدثت قربها موقعة هامّة بين الفاطميين والإفرنج انهزم فيها الفاطميون. وفي عام 1114م، كانت يبنة مركزاً دفاعياً هاماً وقد بنى الإفرنج فيها قلعة حصينة. ولكن المدينة عادت بعد معركة حطين عام 1187 للمسلمين.
وفي بلدة يبنة، تلقى الظاهر بيبرس عام 1256م نبأ انتصار جيوشه على جيوش التتار الغازية في شمالي سورية.
في عام 1834م، زار الرحّالة إدوارد طوموس يبنة ووصفها بأنها "أقيمت على تلة، وهي بلدة مزدهرة تضم نحو 300 نسمة جميعهم من المسلمين، وتحيط بها سهول متسعة خصبة".
ترتفع يبنة 26م عن سطح البحر، وقد بلغت مساحتها في عهد الانتداب البريطاني 127 دونماً. وكان أهالي البلدة يمتلكون 59554 دونماً وتقع غالبيّة تلك الممتلكات إلى الغرب من البلدة.
وشغلت الحمضيّات معظم المساحة المزروعة، في حين احتلّت أشجار الزيتون جزءاً قليلاً لم يتجاوز 25 دونماً. وتكثر حول يبنة الآبار وينابيع المياه لقربها من الشاطئ الرمليّ الجنوبي الذي تكثر فيه أشجار النخيل. ويجاورها قرى النبي روبين والقبيبة وزرنوقة وعرب صقير وأسدود.
وقد امتدت مبانيها بين الطرق المعبّدة وخطّ السكّة الحديديّة إلى الشمال قليلاً من ملتقاهما على بعد بضعة كيلومترات جنوبيها. وكان يخترق البلدة أربعة شوارع، اثنان منها يتّجهان شمالاً واثنان جنوباً. وتلتقي هذه الشوارع في منتصفها تقريباً.
وبلغ عدد سكان البلدة 1791 نسمة عام 1922، وارتفع هذا العدد إلى 3600 نسمة عام 1931. وقدر عدد السكان بنحو 5420 نسمة عام 1945 بالإضافة إلى 1500 من البدو القاطنين حولها، ووصل عدد سكّانها عام النكبة 6287 نسمة وتم احتلالها في الرابع من حزيران من عام 1948.
وقد دمّر الصهيونيون البلدة في عام 1949، وأقاموا على أراضيها مدينة "يفنة" وثماني مستوطنات صغيرة بين السنوات 1949-1963.
من أشهر الأعلام في هذه القرية في هذا الزمن هو الشهيد عبد العزيز الرنتيسي التي استشهد يوم 17/4 /2004، والذي اغتيل على يد أريئيل شارون.
احتلالها وتهجير سكّانها
كانت القرية موضع تنازع بين القوّات المصريّة والإسرائيليّة، في الأسبوع الأوّل من حزيران/يونيو 1948، جاء في بلاغٍ عسكريّ إسرائيليّ نقلته وكالة "أسوشييتد برس" في 1 حزيران/يونيو، أن في يبنة وحدة مصريّة متقدّمة.
كما ذكر المؤرّخ الإسرائيليّ بني موريس أن القوّات الإسرائيليّة استولت على القرية في الرابع من حزيران/يونيو، في سياق المرحلة الثانية من عمليّة "براك" ويكتب: "بعد القصف بمدافع الهاون وقتالٍ قصير، دخلت الوحدات القرية فوجدتها خالية إلاّ من بعض الرجال والنساء المسنّين الذين ما لبثوا أن طُردوا أيضًا".
وهكذا كانت يبنة آخر "القلاع العربيّة" بين تل أبيب والمواقع المصريّة المتقدّمة على الجبهة الساحليّة شمالي أشدود/اسدود العربيّة.
القرية اليوم
يخترق أحد خطوط سكة الحديد القرية، وما زال المسجد الخرب قائمًا على أعلى التلّة، منزلان، على الأقل، من المنازل الباقية تستعملهما أُسر يهوديّة. أحد المنزلين اللذين يقيم اليهود فيهما مبني بالأسمنت، ويرتفع من سقفه المسطح عمود كهرباء وهوائي تلفاز. وللمنزل الآخر سقف على شكل الجملون وبالقرب منه بئر مستديرة الفوهة، لم تعد تُستعمل. وقد شُيّدت بنية حجريّة نصف أسطوانيّة فوق قسم من البئر، يحيط حائط حجري بها من أحد طرفيها.
وتقع يبنة في منتصف طريق رئيسة معبّدة، تصل غزة في الجنوب بيافا في الشمال، وبذلك تشكّل البلدة عقدة مواصلات للشاطئ الجنوبيّ لفلسطين، وهي تبعد عن يافا قرابة 24 كلم وعن البحر 6 كلم.
تقوم يبنة الحاليّة على أنقاض مدينة كنعانيّة قديمة تدعى "يبنى"، وربما تعني "يبنى أيل" أي الرب يبني. وعُرفت في العهد الرومانيّ باسم "يامينا"، ودعاها العرب يُبْنى – يبنا، وأما الفرنجة فسمّوها "إيبيلين".
اشتهرت القرية أثناء الحروب المكابيّة الرومانيّة، إذ قام الرومان في هذه الحروب بهدم المدينة وإحراقها في عام 156 ق. م. ولكن غابينوس الرومانيّ أعاد بناءها بعد بضع سنوات. وفي عهد الإمبراطور أوغسطوس أهديت بلدة يبنة إلى الحاكم الرومانيّ هيرودوس الكبير، الذي بنى زمن حكمه مدينة قيساريا الساحليّة.
وقد اضطلعت يبنة بدور بارز في هذا العهد – أي العهد الرومانيّ – وأصبحت مركزاً لمقاطعة كبيرة، كان ميناؤها أهم من ميناء يافا. وقد اتخذها اليهود بعد خراب القدس عام 70م مقراً لمجلسهم الديني (السنهدرين).
دخلت يبنة في حوزة العرب على يد عمرو بن العاص الذي منح أهلها الأمان على أنفسهم وأموالهم بحسب الرواية الإسلاميّة. وقد ذكرها المؤرخون العرب فقال المؤرخ والجغرافي أحمد اليعقوبي إنها "إحدى مدن فلسطين القديمة تقع على تل مرتفع" وذكر ياقوت الحموي في القرن السابع أنها "بليد قرب الرملة فيه قبر الصحابي أبي هريرة".
وذكرها أحمد المقدسي صاحب أحسن التقاسيم فقال: "بها جامع نفيس، وهي معدن التين الدمشقي النفيس". وارتبط اسمها إبان الحروب الصليبيّة بكثير من الحوادث. ففي عام 1113م، حدثت قربها موقعة هامّة بين الفاطميين والإفرنج انهزم فيها الفاطميون. وفي عام 1114م، كانت يبنة مركزاً دفاعياً هاماً وقد بنى الإفرنج فيها قلعة حصينة. ولكن المدينة عادت بعد معركة حطين عام 1187 للمسلمين.
وفي بلدة يبنة، تلقى الظاهر بيبرس عام 1256م نبأ انتصار جيوشه على جيوش التتار الغازية في شمالي سورية.
في عام 1834م، زار الرحّالة إدوارد طوموس يبنة ووصفها بأنها "أقيمت على تلة، وهي بلدة مزدهرة تضم نحو 300 نسمة جميعهم من المسلمين، وتحيط بها سهول متسعة خصبة".
ترتفع يبنة 26م عن سطح البحر، وقد بلغت مساحتها في عهد الانتداب البريطاني 127 دونماً. وكان أهالي البلدة يمتلكون 59554 دونماً وتقع غالبيّة تلك الممتلكات إلى الغرب من البلدة.
قرية يبنة (العربي الجديد) |
وشغلت الحمضيّات معظم المساحة المزروعة، في حين احتلّت أشجار الزيتون جزءاً قليلاً لم يتجاوز 25 دونماً. وتكثر حول يبنة الآبار وينابيع المياه لقربها من الشاطئ الرمليّ الجنوبي الذي تكثر فيه أشجار النخيل. ويجاورها قرى النبي روبين والقبيبة وزرنوقة وعرب صقير وأسدود.
وقد امتدت مبانيها بين الطرق المعبّدة وخطّ السكّة الحديديّة إلى الشمال قليلاً من ملتقاهما على بعد بضعة كيلومترات جنوبيها. وكان يخترق البلدة أربعة شوارع، اثنان منها يتّجهان شمالاً واثنان جنوباً. وتلتقي هذه الشوارع في منتصفها تقريباً.
وبلغ عدد سكان البلدة 1791 نسمة عام 1922، وارتفع هذا العدد إلى 3600 نسمة عام 1931. وقدر عدد السكان بنحو 5420 نسمة عام 1945 بالإضافة إلى 1500 من البدو القاطنين حولها، ووصل عدد سكّانها عام النكبة 6287 نسمة وتم احتلالها في الرابع من حزيران من عام 1948.
وقد دمّر الصهيونيون البلدة في عام 1949، وأقاموا على أراضيها مدينة "يفنة" وثماني مستوطنات صغيرة بين السنوات 1949-1963.
من أشهر الأعلام في هذه القرية في هذا الزمن هو الشهيد عبد العزيز الرنتيسي التي استشهد يوم 17/4 /2004، والذي اغتيل على يد أريئيل شارون.
احتلالها وتهجير سكّانها
كانت القرية موضع تنازع بين القوّات المصريّة والإسرائيليّة، في الأسبوع الأوّل من حزيران/يونيو 1948، جاء في بلاغٍ عسكريّ إسرائيليّ نقلته وكالة "أسوشييتد برس" في 1 حزيران/يونيو، أن في يبنة وحدة مصريّة متقدّمة.
كما ذكر المؤرّخ الإسرائيليّ بني موريس أن القوّات الإسرائيليّة استولت على القرية في الرابع من حزيران/يونيو، في سياق المرحلة الثانية من عمليّة "براك" ويكتب: "بعد القصف بمدافع الهاون وقتالٍ قصير، دخلت الوحدات القرية فوجدتها خالية إلاّ من بعض الرجال والنساء المسنّين الذين ما لبثوا أن طُردوا أيضًا".
وهكذا كانت يبنة آخر "القلاع العربيّة" بين تل أبيب والمواقع المصريّة المتقدّمة على الجبهة الساحليّة شمالي أشدود/اسدود العربيّة.
القرية اليوم
يخترق أحد خطوط سكة الحديد القرية، وما زال المسجد الخرب قائمًا على أعلى التلّة، منزلان، على الأقل، من المنازل الباقية تستعملهما أُسر يهوديّة. أحد المنزلين اللذين يقيم اليهود فيهما مبني بالأسمنت، ويرتفع من سقفه المسطح عمود كهرباء وهوائي تلفاز. وللمنزل الآخر سقف على شكل الجملون وبالقرب منه بئر مستديرة الفوهة، لم تعد تُستعمل. وقد شُيّدت بنية حجريّة نصف أسطوانيّة فوق قسم من البئر، يحيط حائط حجري بها من أحد طرفيها.