يا كادحي سورية اتحدوا

30 ابريل 2016
+ الخط -
"ولدي الصغير: عندما تكبر، وتصبح شاباً، وتحقق أمنية عمري، ستعرف لماذا أموت. ليس عندي ما أقوله لك أكثر من أنني بريء، وأموت من أجل قضية شريفة، ولهذا لا أخاف الموت، وعندما تكبر ستفخر بأبيك وتحكي قصته لأصدقائك".
كانت هذه كلمات من رسالةٍ كتبها أحد الكادحين الذين حولوا يوم الأول من أيار لمناسبة يحييها العالم للتذكير بحقوق الكادحين، لابنه، يؤكد فيها على حقه في النضال من أجل حياة أفضل للكادحين من أكثر من مئة سنة.
في سورية، خرج معظم الشعب ليطالب حكومته ونظامه بطلبات محقة، لكنها بدلاً من أن تلبي طلبات هذا الشعب، أحكمت فيه قتلا ًوتنكيلاً، وحين خرجت الأمور عن سيطرتها، حولت الوطن كله لساحة مستباحة للقوى الخارجية التي استقدمها هذا النظام للدفاع عن سلطته وعن بقائه، في مواجهة ثورة شعب تهدف للتغيير من نظام مستبد وفاسد وقاتل إلى نظام مدني ديمقراطي، وأرادت تحقيق المساواة بين السوريين والعدالة الاجتماعية، بعد أن كان الوطن مزرعة لعائلة حاكمة ولزبانيتها.
في هذا الاستدعاء لقوى الشر العالمي الخارجية، تم تدمير سورية على يد هذه القوى الظلامية القاتلة والمستبدة، دمرت وحدة الشعب السوري واقتصاده وبناه التحتية وكافة قواه المنتجة، على يد قوى ظلامية استخرجت كل أحقاد التاريخ لتعيد إنتاجها في سبيل بقاء هذا النظام متحكماً ناهباً لخيرات هذا الوطن.
في هذا الاستدعاء للخارج، تغير شكل تراكم الثروة في سورية، من سيئ جداً إلى أسوأ بكثير، حيث تركزت الثروة في يد ضباط الأمن والجيش وقادة الشبيحة وأمراء وتجار الحرب الذين راكموا ثروات هائلة من الاستثمار في الأزمة والمناطق المحاصرة، كما ساهمت أيضاً الفوضى في توزيع الإغاثة على الشعب السوري، وانتشار تجارة الأسلحة وتجارة البشر (سرقة الأعضاء، وتهريب البشر إلى أوروبا)، في تشكيل طبقة أخرى، وأصبحوا يملكون مئات إن لم نقل ملايين الدولارات، وانعكس ذلك على ازدياد عدد الفقراء بشكل غير مسبوق، وأدى إلى وفاة عشرات الآلاف، بسبب الجوع والمرض والغرق.
المتضرر الرئيسي من هذا كله هو الكادح السوري، من لا يملك أن يدفع إتاوة للهروب من الجيش أو للهروب إلى أوروبا، والذي أصبح وقود محرقة لقاتلٍ لا يهمه أن يفنى شعب سورية كله بجميع طوائفه وقومياته في سبيل بقائه في الحكم.
نحن، ككادحين، المتضرر الأساسي من هذه الحرب المجنونة، ومن دون تضامننا وتعاضدنا مع بعضنا ضد من يقتلنا ويسرق وينهب ثرواتنا، ويدمر بيوتنا ودور عبادتنا ومدارسنا وبنيتنا التحتية، لا يمكن أن تنتهي هذه الحرب الهادفة لإبقاء هذه العصابة الحاكمة، والتي أثبتت الوقائع عدم قدرتها على الحياة إلا بمساعدة قوى خارجية مختلفة.
أيها السوريون الكادحون، مصلحتنا ومصلحة بلدنا وشعبنا في توحدنا ضد وجود الغرباء على أرض الوطن، أيا أكانوا، ولأي طرف انتموا، سواء هم أفراد أو أحزاب أو دول أو ..
مصلحتنا ومصلحة بلدنا وشعبنا في رفض التمييز بين السوريين بناء على قومية أو دين أو مذهب، في الوقوف ضد محاولات تحويلها من ثورة شعب يطالب بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية إلى صراع طائفي أو قومي قاتل ومدمر لبلدنا وشعبنا، ولا ينتهي بفوز أي من طرفي النزاع.
دعونا نعمل جميعاً كسوريين لبناء دولة مدنية ديمقراطية يتساوى فيها الجميع من دون تأليه أو توريث، ضد إلغاء وجود الآخر، مع حرية ممارسة العقائد وحماية وصيانة دور العبادة وضد استهدافها، فهي بالنتيجة دور لعبادة الرب الواحد الأوحد، وليس لتأليه بشر لجانب الإله، ولنرفع راية سورية الموحدة أرضاً وشعباً ومكونات.
7ACC4AF7-1815-4B65-A0DA-2D4084576E15
7ACC4AF7-1815-4B65-A0DA-2D4084576E15
زكي الدروبي (سورية)
زكي الدروبي (سورية)