... ويقولون إنها مدوّلة!

13 ديسمبر 2016
(جواد الريفي/الأناضول)
+ الخط -
ببلادة منقطعة النظير، يثرثر كثيرون، ببغائياً، ليقولوا إن الملف السوري كان ولا يزال "قضية عالمية". وكأنه إن اجتمع ممثلو دولٍ لمناقشة الإبادة، وإن خرجوا بلياقاتهم الدبلوماسية التافهة وأعربوا عن القلق إزاء "نهاية الإنسانية" و"محرقة القرن الحادي والعشرين"، وأمطروا الشعب السوري بمشاعر قلقهم، إزاء حلب اليوم وقبلها حمص ودير الزور وحماة وغوطتي وأرياف دمشق... كأنهم إن فعلوا ذلك من دون التجرؤ على أي سلوك لوقف هذا الذي يصفونه إنشائياً، يكون الملف السوري أصبح مدولاً بالفعل. غير أن هذه الثرثرة وهذه اللقاءات والاجتماعات لأصدقاء الشعب السوري ولأعدائه، لا تعدو كونها تسليم الملف السوري لمعسكرٍ واحد، لا تدويله، بما أن التدويل يفترض، تعريفاً، معسكرين كبيرين يتساويان في القوة والنفوذ، أو يكادان يتساويان، جرياً على ما كان عليه حال المعسكرين الغربي والشرقي. ذلك أن من قرّر في لحظة، ومن دون استشارة مجلس أمن أو قوة أميركية، هي وصفة للنفاق، وعواصم أوروبية تذرف دموع التماسيح، إرسال قواته العسكرية إلى سورية، واحتل وذبح وحرق شعبها وغيّر هويتها الديمغرافية، ولم يجد أمامه سوى أطراف مختلفة تصرّ على وصف نفسها بمعسكر "أصدقاء الشعب السوري"، فإنه تمكّن من اليوم الأول من احتكار التحكم بهذا الملف الذي يقال زوراً إنه مدوَّل. أما فتات السلاح وبقايا الذخيرة والطعام الذي يُعطى لمن قرر الانتحار صموداً في أرضه من السوريين، مدنيين ومسلحين، فهو لا يرقى لأن يصنّف في خانة مواجهة الاحتلال الروسي ــ الإيراني ــ المليشيوي بأطرافه اللبنانية والعراقية... وأخيراً السورية.

البشعون القذرون الأشرار الذي يذبحون ويحرقون البشر أحياءً ويرقصون فوق الجثث، في حلب اليوم، لا ينافسهم بشاعة وقذارة وشراً إلا أولئك الذين يتفرجون، مع أن بيدهم كل القدرات العسكرية لوقف الهولوكوست الإيرانية الروسية التي تنفذ مباشرةً وعبر الوكلاء السوريين وأولئك متعددي الجنسيات في سورية. أما بعد، فليس لدى ذاك المقيم في دويلته بقلب روما، إلا أن يضاعف من رسائله لبشار الأسد حول تعاطف كنيسته "العميق مع سورية". بعد كل هذا وذاك، يكمن اللغز الأكبر في فهم كيف يبقى عند من خسر كل شيء، حرفياً، مكان لأي شعور غير الانتقام من التكالب العالمي المتفرج على الإبادة على التلفزيون، أو المتضامن بكبسات فايسبوكية؟
المساهمون