عرضت المديرة التنفيذية لمنظمة "هيومن رايتس ووتش"- قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ سارة ليا ويتسون، صورة سوداوية لواقع حقوق الإنسان في المنطقة العربية التي تشهد حروبا وصراعات في 5 دول عربية، تشارك فيها بصورة غير مباشرة 13 دولة بطريقة أو بأخرى.
وقدّمت ويتسون، في المحاضرة التي ألقتها، ليلة أمس الثلاثاء، بدعوة من مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني، في معهد الدوحة للدراسات العليا، عن "النزاعات العسكرية في الشرق الأوسط: تحول الخريطة وتغير التحالفات"، شرحاً وافياً عن واقع المنطقة العربية في الفترة ما بعد الربيع العربي، والظروف الصعبة التي يمر بها كوادر المنظمة خلال عملهم في مناطق النزاع؛ وعزت ذلك إلى القمع الذي تمارسه السلطات في تلك الدول.
واستعرضت، خلال المحاضرة، عمل المنظمة في 3 مناطق نزاع عربية؛ هي سورية والعراق واليمن، إذ اعتبرت أن الوضع في سورية تحوّل من "مطالب شعبية بإصلاحات سياسية" إلى "حرب أهلية ذات صبغة طائفية"، واعتبرت أن تلك الصبغة الطائفية تأججت بسبب الدول الداعمة لطرفي النزاع، سواء النظام السوري أو قوات المعارضة، واعتبرت أنها تحولت إلى "حرب بالوكالة".
وحول الدور الذي لعبته "هيومن رايتس ووتش" في المنطقة؛ قالت ويتسون إنّ المنظمة كانت "الأولى والوحيدة التي نشرت أدلة لا تثبت استخدام السلاح الكيماوي في مدينة الغوطة فحسب، بل نشرت أدلة تؤكد مسؤولية الحكومة السورية عن تلك الهجمات التي ذهب ضحيتها المئات من المدنيين"، والتي اعتبرتها سببا في إجبار الحكومة السورية على التوقيع على اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية، إلا أنها تستمر في استعمال قنابل الكلور المحرمة دوليا.
وأضافت ويتسون، أن المنظمة ساهمت في أرشفة الانتهاكات الواقعة من قبل كافة أطراف النزاع بحيادية تامة، بصرف النظر عن خلفية أي جهة تمارس الانتهاكات، مؤكدة أن الحل في سورية سيكون ضبابيا، لا سيما بعد إبعاد خيار إسقاط الأسد من على طاولة المفاوضات.
وفيما يتعلق بالحرب العراقية، اعتبرت ويتسون أن الاجتياح الأميركي للعراق عام 2003 "أزاح ديكتاتورًا، وجلب الدمار للعراق"، مستشهدة بأرقام الضحايا التي وصلت إلى أكثر من مليون قتيل خلال سنوات الحرب، وحجم الدمار الحاصل في البلاد، مضيفة أن الحرب ساهمت في إرساء "نظام طائفي بقيادة نوري المالكي" وما نتج عنه من تشدد واستقطاب بين الشيعة والسنة في العراق.
وعُرض خلال المحاضرة، فيديو من إنتاج "هيومن رايتس ووتش" يرصد شهادات عراقيين متضررين من انتهاكات المليشيات الشيعية للمناطق السنية، تمثل بعضها في إحراق متعمد وتدمير للبيوت لمناطق ذات أغلبية سنيّة. وأشارت ويتسون إلى أن المنظمة أصدرت، يوم الإثنين 20 فبراير/شباط 2017؛ تقريرًا يتحدث عن حالات اغتصاب ضد نساء سنيّات من قبل قوات تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية "داعش" بعد محاولتهن الهرب من مناطق واقعة تحت سيطرة التنظيم.
وتطرقت ويتسون إلى الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، إذ اعتبرت أن حل الدولتين هو "محاولة مريحة للاستمرار في ابتلاع الأراضي الفلسطينية وتحويلها إلى وحدات استيطانية"، إذ أكدت أن العالم يشهد "وفاة حل الدولتين" وفق تعبيرها، لا سيما بعد السياسة التي تتبعها الإدارة الأميركية السابقة والحالية حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
كما عرضت ما سمتها انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وقعت في اليمن من قبل الأطراف المتحاربة، وهي الحرب التي قالت إنها قتلت 10 آلاف مواطن يميني وجرحت 40 ألفا، وشردت الملايين من منازلهم.
وأشارت ويتسون إلى أن الجرائم والانتهاكات التي ترتكب في المنطقة العربية فاقت حد التصور، معتبرة أن الجماعات المسلحة والمتطرفة تحاكي في سلوكها تصرفات وأفعال الدول والأنظمة القمعية، كما يحصل في سورية والعراق وليبيا واليمن وغيرها من مناطق الصراعات. لافتة إلى أن هناك خمس دول عربية تعيش الآن في حالة حرب هي: اليمن، سورية، العراق، ليبيا، مصر، بالإضافة إلى فلسطين التي هي في "حالة حرب دائمة منذ أكثر من 50 سنة"، وبمساهمة 13 دولة في هذه الحروب الخمس.