وقف دعم المعارضة... تسليم سورية لروسيا بموافقة أميركية

05 فبراير 2016
تحول الدعم لـ"سورية الديمقراطية" المتهمة بالتواطؤ مع النظام(فرانس برس)
+ الخط -
لم يكن مفاجئاً ما كشف عنه رئيس "الائتلاف السوري المعارض"، خالد خوجة في حوار مع "العربي الجديد"، عن توقف الدعم العسكري لفصائل "الجيش السوري الحر" بعد بدء مباحثات فيينا في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ذلك أن الوقائع الميدانية تؤكد كلام خوجة، بدليل تمكن مليشيات النظام السوري السورية والأجنبية، مدعومة بغارات روسية غير محدودة، من احتلال مناطق عديدة من جنوب سورية إلى شمالها منذ تلك الفترة حتى اليوم.

وجاء قطع الدعم بالتزامن مع التدخل العسكري الروسي المباشر في سورية والذي جرى الإعلان عنه بشكل رسمي في الثلاثين من سبتمبر/أيلول 2015، إذ بدأ الطيران الروسي منذ ذلك الحين بقصف المدن والبلدات السورية مُوقِعاً آلاف المدنيين قتلى ومصابين، ممهّداً الطريق لقوات النظام وحلفائها للتقدم، مستخدماً سياسة الأرض المحروقة، وسط صمت أميركي، يرى فيه مراقبون أنّه "صمت المتواطئ". تواطؤ يدرك السوريون جيداً أنه كان سمة الموقف الأميركي منذ اليوم الأول للثورة. 

وأشار خوجة، إلى أنّ توقف الدعم عن المعارضة السورية المسلحة قابلته زيادة الدعم للنظام من قبل روسيا، وتقوية قوات حزب "العمال الكردستاني" تحت اسم قوات "مجلس سورية الديمقراطية" من ثلاث جهات، هي؛ الولايات المتحدة، وروسيا، والنظام. ويهدف ذلك، إلى سحب البساط من المعارضة "المعتدلة" ونقل الشرعية إلى "مجلس سورية الديمقراطية"، الذي يضم فصائل كردية وتركمانية وعربية، والتمهيد لما يفكر به الروس من سيناريو لتفاهم بين "الكردستاني" والنظام السوري لمحاربة "الإرهاب"، على حدّ تعبيره.

ويرى مراقبون، أنّ تزامن توقف الدعم مع تدخل الروس، جاء وفق توافق أميركي ــ روسي يهدف إلى إنقاذ نظام الرئيس السوري بشار الأسد، إثر سلسلة انهيارات لجيشه والمليشيات التي تقاتل معه أمام فصائل المعارضة، التي استطاعت التقدم في شمال وجنوب سورية. وأحكمت الأخيرة السيطرة على كامل محافظة إدلب شمال سورية، ما جعلها تهدّد بشكل مباشر معاقل النظام الأساسية في الساحل السوري.

كما استطاعت فصائل المعارضة تحقيق مكاسب مهمة جنوبي سورية، إذ طردت قوات النظام وعناصر حزب الله من مدينة بصرى الحرير، وباتت على أعتاب محافظة السويداء. وظهرت مؤشرات عسكرية على أنّ النظام على وشك السقوط قبل أن تعلن روسيا تدخلها لإنقاذ ما يمكن إنقاذه منه.

في هذا الصدد، يؤكد مصدر عسكري مسؤول في المعارضة لـ"العربي الجديد"، أنّ الدعم لم يتوقف كلياً، بل تضاءل كثيراً بالتزامن مع زيادة كبيرة في دعم النظام والغطاء الجوي الروسي الكثيف، الأمر الذي أدى إلى نقص كبير في الذخائر. ويرجح المصدر العسكري، أن يكون سبب خلق هذا الخلل في توازن القوى، هو إعطاء الأميركيين الملف السوري لروسيا ضمن خطة تقاسم مصالح، وفي الوقت ذاته ضغط الولايات المتحدة على أصدقاء الشعب السوري وخصوصاً الدول الإقليمية الداعمة للثورة، لتخفيف دعم المعارضة ومنعها من تقديم أسلحة متطورة تتناسب مع مجريات المعارك"، وفقاً للمصدر.

اقرأ أيضاً خوجة لـ"العربي الجديد":الدعم الخارجي للمعارضة المسلحة متوقف منذ فيينا

ويعطي المصدر ذاته، دليلاً على ذلك مشيراً إلى "صدور قرار مجلس الأمن الأخير الخاص بوقف إطلاق النار (2254) الذي يعطي ذريعة للروس للقضاء على المعارضة بحجة محاربة الإرهاب، وفي الوقت ذاته، يمنعها من الرد، ما يعني فعلياً القضاء على الثورة السورية لصالح ترتيب سياسي يصنعه الروس".   

من جهته، يؤكد عضو المكتب السياسي في حركة "نور الزنكي" التابعة لـ"الجيش الحر" في حلب، بسام حاج مصطفى، أنّ "الدعم العسكري المقدم للمعارضة قليل وغير كاف للوقوف أمام قوات النظام ومليشياته وتحقيق تقدّم على الأرض". ويضيف لـ"العربي الجديد"، أنّه "دعم مدروس من قبل غرفة العمليات العسكرية التي شكلها (أصدقاء الشعب السوري) في تركيا كي لا تختل الموازين العسكرية على الأرض". ويشير حاج مصطفى، أن "الحركة تعرضت لحصار من قبل الغرفة منذ أواخر عام 2014، إذ قوبلت كل محاولاتنا للتواصل معها بالصد تحت ذرائع واهية"، موضحاً أن هناك خلافات بين القوى المشتركة في الغرفة.

ويلفت القيادي ذاته، إلى أن ما يُسمى بـ"قوات سورية الديمقراطية" تمثّل حزب "العمال الكردستاني" مع بقايا الفصائل التي فككتها "جبهة النصرة" مثل جبهة "ثوار سورية"، و"حركة حزم"، مشيراً إلى أنّ هذه الفصائل انضوت ضمن هذه القوات بإيحاء ودعم أميركي، مؤكداً أن هذه القوات، "ليست أكثر من مليشيات تعمل بالتنسيق مع قوات النظام". ويبيّن حاج مصطفى، أن "قوات سورية الديمقراطية حصلت في البداية على دعم من وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، ولاحقاً تلقت دعماً من النظام بعد مجموعة تفاهمات تمت بإشراف الروس"، موضحاً أنه يجري حالياً تحويل هذه القوات التي وصفها بـ"العصابات" إلى جيش تحت إشراف روسي ــ أميركي. ويرى حاج مصطفى، أنّ الغاية من وراء هذا الدعم العسكري الذي يُقدم لـ"قوات سورية الديمقراطية"، هي الضغط المتواصل على تركيا، ومحاربة "داعش"، والمعارضة "المعتدلة"، متوقعاً تحميل هذه القوات مشروعاً سياسياً في المستقبل.

وتمكّنت قوات النظام من انتزاع السيطرة على بلدة الشيخ مسكين الاستراتيجية في محافظة درعا جنوب سورية، إثر قصف من الطيران الروسي أحالها إلى دمار، فاضطرت فصائل "الجيش السوري الحر" للانسحاب تحت ضغط ناري كثيف من الطيران.

في السياق ذاته، يؤكد نائب قائد فرقة "عامود حوران" التابعة لـ"الجيش الحر"، أبو كفاح الحريري، أن "المعارضة لا تقاتل قوات النظام فحسب، بل الروس ومن قبلهم إيران وحزب الله"، مضيفاً لـ"العربي الجديد"، أنّه "لو بقي الأمر على النظام لسقط منذ فترة طويلة". ويشير أبو كفاح، إلى أن الروس يستخدمون سياسة الأرض المحروقة، داعياً فصائل المعارضة العسكرية لـ"الوحدة ورصّ الصفوف، وعدم الانجرار وراء الدعايات الرنانة، وفتح معارك جديدة في جنوب سورية".

من جانبه، يقول القائد الميداني في الجبهة الساحلية، العقيد أبو علاء، إنّ "هناك مؤامرة واضحة المعالم على الشعب السوري، إذ لم تعد ترد للجيش السوري الحر أسلحة وذخائر تساعدنا على وقف هذه الحملة البربرية من قبل قوات النظام ومليشياته"، مشيراً إلى أن المعارضة المسلحة بحاجة إلى مضاد طيران. ويضيف القائد الميداني ذاته، أنّ "هذه حقيقة واضحة أمام أصدقاء الشعب السوري، ولكن لم يتحركوا إطلاقاً لتأمين هذا السلاح القادر على تغيير المعادلة على الأرض"، مؤكداً حاجة الفصائل لمضاد دبابات، ومناظير ليلية، وأجهزة اتصالات غير مخترقة، وقناصات، ووسائط مصفحة، ودعم مادي ولوجستي. ويدعو أبو علاء، الفصائل "إلى الوحدة في هذا الوقت العصيب، لمواجهة هذه الهجمة غير المسبوقة على السوريين".

اقرأ أيضاً: واشنطن ترحب باستعداد السعودية للمشاركة بعملية برية في سورية

المساهمون