وشدّد المتحدثون في كلماتهم على عدم تطبيق القوانين والتشريعات الدولية ذات الصلة، وعدم تنفيذ رئيس الحكومة سعد الحريري وعوده بتخصيص موازنة لتجهيز الأماكن لتصبح دامجة. كذلك عرض تجارب شباب بدأوا نضالهم مطالبين بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
وقالت رئيسة الاتحاد سيلفانا اللقيس إن نسبة الأشخاص ذوي الإعاقة الحركية هي 15 في المائة من سكان لبنان. وأضافت: "اليوم، وللمرة الأولى، ينشأ قادة من شبان وشابات بدأوا نضالهم لإكمال الطريق حتى نصل إلى العدالة يوماً من الأيام".
إحدى هؤلاء الشابات، وتدعى آلاء عون، عرضت ورقة الحقوق السياسيّة وتناولت فيها تجربة الانتخابات النيابية التي شهدها لبنان هذا العام. تقول عون إن الاتحاد عمل على تطبيق القانون 220/2000، والمرسوم التنفيذي 2214/2009 حول تسهيل عملية اقتراع الناخبين ذوي الإعاقة، وقدّم دراسة نموذجية لعشرة مراكز اقتراع دامجة مرفقة بالخرائط الهندسية والتكاليف المالية.
كذلك عمل على تكييف بطاقة الانتخابات الموحدة بطريقة برايل للأشخاص المكفوفين كي يقترعوا باستقلالية وسرية. "إلا أنّ مصير هاتين المبادرتين لم يختلف عن مصير عشرات الدراسات والبحوث وأوراق العمل التي قدّمت في الأعوام السابقة وضربت بها الوزارة المعنية عرض الحائط".
ولفتت عون إلى رصد انتهاكات بحق الناخبين المعوقين أثناء عملية الاقتراع، ارتكبها رؤساء الأقلام ومساعدوهم ومندوبو اللوائح الانتخابية، وغيرهم ممن يحضرون في مراكز وأقلام الاقتراع، بالإضافة إلى استغلال الأشخاص ذوي الإعاقة وعدم احترام إنسانيتهم وكرامتهم أو الاستهزاء بهم أو الشفقة عليهم.
وأوضحت أن عدم تطبيق رئيس الحكومة وعده القاضي باقتطاع موازنة خاصة لتجهيز المراكز الانتخابية يؤثر على ضمان استقلالية الناخب ذي الإعاقة وكرامته.
من جهتها، قالت نور جمول، من مرصد حقوق الأشخاص المعوقين، إن نسبة الأشخاص ذوي الإعاقة العاطلين من العمل بلغت 85.6 في المائة. "ويمكن اللجوء إلى مجلس شورى الدولة بعد زيادة الشكاوى لدى المرصد، والتي قاربت خلال السنوات الخمس الماضية نسبة 30 في المائة لناحية انتهاكات حق العمل".
وألقى كلمة الاتحاد نائب رئيسه حسين جبر، قائلاً: "بعد 18 عاماً على صدور القانون 220/2000، و12 عاماً على صدور الاتفاقية الدولية حول حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، لم نلمس مساعي رسميّة جديّة لتضمين حقوقنا على أجندة التنمية وللوصول إلى تكافؤ الفرص في مجتمع ينبغي أن يحترم جميع أبنائه". تابع: "ننتظر تطبيق الوعود التي أغدقت خلال فترة الانتخابات. الرئيس سعد الحريري وعدنا بفتح باب في ميزانية الدولة لتجهيز الأماكن وتغذية هذا البند سنوياً. ننتظر وزارة التربية لتنتقل من تنفيذ تجارب محدودة لا تطاول إلا عدداً ضئيلاً من الطلاب المعوقين، إلى مرحلة اعتماد خطة وطنية وسياسة وطنية مبرمجة وممنهجة لتغطي العدد الأكبر من الأشخاص ذوي الإعاقة. ننتظر الكثير من الأمور المتعلقة بالحقوق الإنسانية البديهية".
وقالت اللقيس لـ"العربي الجديد" إن "الدولة اللبنانية لم تحص نسبة الأشخاص ذوي الإعاقة. نلجأ في إحصاءاتنا إلى الأرقام الصادرة عن منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي. نسبة ذوي الإعاقة في البلدان العربية تراوح ما بين 2 و4 في المائة بحسب الحكومات، بينما تراوح النسبة في أوروبا ما بين 20 و25 في المائة، على الرغم من أن البلاد لا تشهد حروباً وأمراضاً وحوادث كالتي تشهدها البلدان العربية".
وأشارت إلى أن سبب اعتماد الحكومات لهذه الأرقام غير الصحيحة يعود إلى محاولتها التهرب من مسؤولياتها.
وعن أسباب عدم تطبيق القوانين، أوضحت اللقيس: "تدّعي الوزارات عدم قدرتها على تنفيذ الدمج بحجة أنه أمر جديد، وهي حجة سخيفة، إذ بإمكانهم الاستعانة بالخبراء لو شاؤوا، وقد قدمنا لهم كل الدعم التقني".
تابعت: "قدمنا نموذجاً لمساعدة الشركات على إدارة الدمج، وفزنا بثلاث جوائز عالمية. وتناول الأمين العام للأمم المتحدة في تقرير التنمية والإعاقة نموذجنا كنموذج رائد. على الرغم من ذلك، لم نتمكن في لبنان من الوصول إلى كوتا 3 في المائة بسبب غياب الإرادة من قبل المعنيين. عملنا مع القطاع الخاص وتمكنا من تأمين 45 وظيفة للأشخاص ذوي الإعاقة خلال ستة أشهر". وأكّدت أن منع الأشخاص ذوي الإعاقة من العمل يرتد سلباً على الاقتصاد اللبناني والدخل القومي.
من جهته، روى حسن كرنيب تجربته لـ "العربي الجديد"، قائلاً إنه يعمل سائقاً بشكل مخالف للقانون، بعدما رفض المعنيون منحه رخصة سوق عمومية لأنه من ذوي الإعاقة الحركية. تابع: "لم أتمكن من متابعة دراستي في المعهد بسبب عدم قدرتي على صعود الأدراج. بعدها، درست تصميم المجوهرات وعملت مع خالي الذي قدر ظرفي. وبعدما أقفل محله، بحثت عن عمل من دون جدوى، ولم يبق أمامي سوى العمل سائق أجرة ولو من دون رخصة. لا حل آخر لدي". وأشار كرنيب إلى أن عناصر القوى الأمنية عادة ما يراعون وضعه ويتجاهلون مخالفته. لكن في أحيان أخرى، يسطرون بحقه محضر ضبط سير".
بدوره، عانى سهيل غنوي من المشكلة ذاتها، وذكر أنه تقدم عبر "المفكرة القانونية" بدعوى ضد وزارتي الداخلية والصحة العامة، لرفض الأولى منحه رخصة سوق عمومية على الرغم من حيازته على رخصة خصوصية، وضد الثانية لرفض منحه تقريراً طبياً يثبت أن في إمكانه مزاولة المهنة. ويستند غنوي في دعواه إلى عدم وجود نص في قانون السير الجديد يمنع ذوي الإعاقة من الحصول على رخصة عمومية.
أما خالد عويدات، فيلفت نظر المعنيين إلى "الكلفة الباهظة التي يدفعها الشخص ذو الإعاقة كل ثلاث سنوات بدل صيانة أطرافه الاصطناعية، والتي تراوح ما بين 300 ألف (نحو 200 دولار) و400 ألف ليرة لبنانية (نحو 264 دولاراً)".