وقفة مع الزهرة رميج

10 مايو 2020
(الزهرة رميج)
+ الخط -

تقف هذه الزاوية مع كاتب عربي في أسئلة سريعة حول انشغالاته وجديد إنتاجه وبعض ما يودّ مشاطرته قرّاءه. "أعيش عزلة الحجر الصحي، أتابع أخبار كورونا داخل المغرب وخارجه، وأتأمّل هذا الواقع الفريد الذي تعيشه البشرية جمعاء"، تقول الكاتبة والمترجمة المغربية.


■ ما الذي يشغلك هذه الأيام؟

- تشغلني هذه الأيام جائحة كورونا التي نشرت أجنحتها السوداء على العالم بأسره، وشنّت حرباً شعواء على جميع البلدان دون تمييز بين غني وفقير، وجعلتها تقف عاجزة أمام حصدها الأرواح بالجملة رغم العلم والتكنولوجيا المتطوّرة. أعيش عزلة الحجر الصحي، أتابع أخبار كورونا داخل المغرب وخارجه، وأتأمّل هذا الواقع الفريد الذي تعيشه البشرية جمعاء، والذي يفوق أفلام الرعب والخيال العلمي، وأحاول استخلاص دروسه.


■ ما هو آخر عمل صدر لك وما هو عملك القادم؟

- صدر لي مع بداية هذه السنة عملان، أحدهما في المغرب بعنوان "جمرة الكتابة"، وهو عبارة عن شهادات حول تجربتي الإبداعية قدمتها في مناسبات عديدة، والثاني في الأردن عن "دار فضاءات" بعنوان "من روائع الأدب الصيني"، وهو ترجمة لقصص صينية لثلاث كاتبات صينيات. أمّا العمل الجاهز حالياً للنشر فهو مجموعة قصصية قصيرة جداّ بعنوان "أجنحة اليراعات".


■ هل أنت راضية عن إنتاجك ولماذا؟

- لا يمكن للمبدع أن يرضى كلّ الرضا عن إنتاجه، لأن الإبداع ناقص بطبعه. والمبدع يسعى دوماً إلى الكمال ولكن هل يتحقّق الكمال؟ الرضا لا يأتي من داخل المبدع القلق والمتشكّك دوماً مثلي، ولكن قد يأتي القليل منه من خارجه، أي من القرّاء وتلقيّهم الإيجابي لكتابته واحتفاء النقد بها. وإذا ما نظرت لأعمالي انطلاقاّ من هذه المقاييس، يمكنني القول إني راضية نسبياً، عن مسيرتي الإبداعية وما حقّقته على هذه المستويات في ظرف زمني وجيز. ولكني أعمل باستمرار على تطوير تجربتي الإبداعية والارتقاء بها إلى مستوى أفضل.


■ لو قيض لك البدء من جديد، أي مسار كنت ستختارين؟

- أختار الكتابة بالتأكيد. فالكتابة كانت حلمي الذي تعثّر زمناً قبل أن ينهض من كبوته. وهي الجمرة التي اشتعلت في أعماقي زمن المراهقة، وانطفأت بمجرد انتقالي إلى الجامعة التي كانت معقلاّ ثورياً في سبعينيات القرن الماضي، ما جعلني أنخرط في حركة اليسار، وأتخلّى عن الكتابة. لكنها عادت تؤرقني بعد انكسار حلم اليسار، إلى أن وجدت الإبداع ينهض من رماده، والجمرة التي ظننت أنها انطفأت، تشتعل من جديد.


■ ما هو التغيير الذي تنتظرينه أو تريدينه في العالم؟

- التغيير الذي حلمت به دائماّ وكتبت عنه، هو تطبيق الديمقراطية الحقيقية في بلداننا العربية، وتحقيق العدالة الاجتماعية. وعلى مستوى العالم أن تهتمّ الدول المتقدّمة بالبحث العلمي الذي يخدم البشرية جمعاء لا الذي يوظّّف في الحروب، مثل الفيروسات القاتلة (كفيروس كورونا ربما)، وأن توقف استنزافها لطاقات الشعوب وثرواتها الطبيعية، وأن تتخلّى عن التدخّل في شؤون البلدان السائرة في طريق النمو، وعن إشعال نيران الحروب فيها لإضعافها والاستيلاء على خيراتها. حلم طوباوي بالتأكيد، ولكن هذا ما أحلم أن يكون العالم عليه.


■ شخصية من الماضي تودّين لقاءها ولماذا هي بالذات؟

- هناك شخصيات كثيرة أتمنى لقاءها، شخصيات من العصر الحديث وأخرى من العصور القديمة، وعلى رأسها أبو ذر الغفاري. منذ سنين طويلة وهذه الشخصية تسكنني. لقد كان شخصاً متفرداً في زمانه. قاده تأمّله وتفكيره المنطقي إلى أن يكون من أوائل من اعتنقوا الإسلام عن اقتناع وليس خوفاً أو طمعاً. وهذا ما جعله يعارض سياسة عثمان بن عفان في مسألة كنز الأموال، ما تسبّب في نفيه إلى الصحراء حيث عاش وحيداً إلى أن وافته المنية.


■ صديق يخطر على بالك أو كتاب تعودين إليه دائماً؟

- الكتب أعظم الأصدقاء. وهناك عدّة كتب أعيد قراءتها من حين إلى آخر، أهمّها كتابان، هما: "هكذا تكلم زرادشت" لـ فريدريك نيتشه، وكتاب "النبي" لـ جبران خليل جبران.


■ ماذا تقرأين الآن؟

- أقرأ كتاب "نظام التفاهة" للفيلسوف الكندي آلان دونو، بترجمة وتعليق د. مشاعل عبد العزيز الهاجري. أحاول من خلاله معرفة هذا النظام الذي ساد العالم الغربي والعربي على حد سواء، وخلق نجوماً تافهين، وغيّب العقل والمنطق، وأوصل التافهين إلى قمة السلطة في بعض البلدان، والأميين إلى البرلمانات العربية، ووضَع على رأس الأحزاب سياسيين محدودي الثقافة، من دون رؤيا فكرية ثاقبة، ومن دون تأثير فعّال على الجماهير.


■ ماذا تسمعين الآن؟ وهل تقترحين علينا تجربة غنائية أو موسيقية يمكننا أن نشاركك سماعها؟

- أنا الآن أكتب، وعندما أكتب لا أستمع إلى الموسيقى. لكن آخر ما استمعت إليه أغنية للمطرب الجزائري رابح درياسة بعنوان: "الممرضة"، والحقيقة أنني بحثت عنها لأستمع إليها مجدّداً بعد عقود، احتفاء وتكريماً لما تبذله الممرضات - والممرضون أيضاً - في هذه المرحلة الصعبة من مجهودات خدمة للمصابين بفيروس كورونا والاعتناء بهم والتخفيف عنهم. فدور الأطباء جوهري، ولكن دور الممرضين والممرضات لا يقلّ أهمية.


بطاقة

شاعرة وروائية ومترجمة مغربية من مواليد عام 1950. صدرت لها في الرواية: "أخاديد الأسوار" (2007)، "عزوزة" (2010)، "الناجون" (2012)، "الغول الذي يلتهم نفسه" (2013)، "قاعة الانتظار" (2019). وفي القصة: "أنين الماء" (2003)، "نجمة الصباح" (2006)، "عندما يومض البرق" (2008)، "أريج الليل" (2013)، "الشبرق" (2014)، "صخرة سيزيف" (2015). وفي الشعر: ديوان "ترانيم" (2016). وفي السيرة الذاتية: "الذاكرة المنسية" (2017). وفي النقد: "عيون تحدق في العتمة" (2015)، و"جمرة الكتابة" (2020). كما ترجمت مجموعة من الأعمال الأدبية إلى العربية، وشاركت في العديد من المؤلفات الجماعية، وتُرجمت بعض نصوصها القصصية إلى الفرنسية والإنكليزية والإسبانية والبرتغالية.

المساهمون