توفي، ليل الخميس – الجمعة، أحدى مناضلي "مجموعة 22"، التي فجّرت ثورة تحرير الجزائر، في مطلع نوفمبر/تشرين الثاني 1954، محمد مشاطي، في أحد المستشفيات، في مدينة جنيف السويسرية، عن عمر يناهز الـ93 سنة.
ونقل مشاطي إلى المستشفى قبل أيام بسبب معاناته من المرض، لكن الموت لم يسعفه للعودة إلى الجزائر، تاركاً خلفه أرملة من جنسية سويسرية وولدين.
وعُرفت مجموعة الـ22 بدورها، في صيف 1954، حين اتخذت قراراً بتفجير العمل الثوري المسلح في الجزائر، لتحريرها من الاستعمار الفرنسي. الأمر الذي تحقق في يوليو/تموز 1962.
وعرف مشاطي بمواقفه المعارضة للسلطة، خصوصاً في السنوات الأخيرة، التي أعلن فيها رفضه لسياسات السلطة، والرئيس، عبد العزيز بوتفليقة. كما شارك في حملات سياسية وندوات إعلامية مناهضة له، وكان من أبرز معارضي تعديل الدستور في العام 2008، الذي أتاح لبوتفليقة الترشّح لولاية رئاسية ثالثة في الانتخابات الرئاسية 2009.
وفي يونيو/حزيران 2013، نشر مشاطي رسالة وجهها الى مسؤولي المؤسسة العسكرية في الجزائر، للتدخل والحد من الأزمة السياسية المتفاقمة بسبب غياب بوتفليقة عن البلاد حينها.
وفي يناير/كانون الثاني 2014، وقّع على رسالة مشتركة مع شخصيتين مستقلتين، هما رئيس الحكومة الأسبق، أحمد بن بيتور، و رئيس حزب "جيل جديد" المعارض، جيلالي سفيان، والتي دعت إلى رفض ترشح بوتفليقة لولاية رئاسية رابعة.
وحرص على تقديم مطالعاته وشهاداته حول المراحل الهامة للثورة الجزائرية، من أجل فهم أفضل لمراحل حساسة من تاريخ الجزائر، بالرغم من تقدمه في السنّ.
ووصف الناشط السياسي، عبد الوكيل بلام، لـ"العربي الجديد"، مواقف مشاطي بـ"الشجاعة"، معتبراً أنه "فارس آخر يترجّل. كان شامخاً ومتواضعاً وثابتاً في مواقفه، ووفياً لرسالة الشهداء".
وبحسب المهتمين بتاريخ الجزائر فإن ما يحز أكثر هو عدم ترك مشاطي لكتابات ومذكرات حول تاريخ الثورة الجزائرية وأسرارها، ما عدا كتاباً يضم شهاداته بعنوان "مناضل الجزائر المستقلة"، أصدره في سنة 2000.
وولد شاطي في 21 مارس/آذار 1921، في قسنطينة، شرقي الجزائر، وشارك في الحرب العالمية الثانية، قبل أن ينخرط في العام 1945، في حزب "الشعب الجزائري" ثم في "المنظمة الخاصة" و"حركة انتصار الحريات الديمقراطية" و"اللجنة الثورية للوحدة والعمل"، التي بدأت التفكير العملي للثورة.
كما كان مسؤولاً عن منطقة الجزائر العاصمة، تحت قيادة القائد الأول للثورة، محمد بوضياف، قبل تحويله إلى منطقة الجنوب في أغسطس/آب 1956، فأوقفته القوات الفرنسية وزجّت به في السجن قبل إطلاق سراحه سنة 1961.
وشغل بعد الاستقلال مناصب هامة عدة، فكان سفيراً للجزائر في ألمانيا ونائب رئيس "الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان".
وسيُعاد جثمانه إلى الجزائر، غداً السبت، حيث ستقام له جنازة رسمية ويدفن في المقبرة الرسمية العالية في الضاحية الشرقية للعاصمة الجزائرية.