وعود باستثمارات "إيني" تدعم الوساطة المصرية بين إيطاليا وحفتر

27 أكتوبر 2018
من الخطط المطروحة توحيد الجيش (عبدالله دومة/فرانس برس)
+ الخط -

كشفت مصادر دبلوماسية مصرية، أن اتصالات مكثفة تجري هذه الأيام بين القاهرة وروما بشأن التنسيق حول مؤتمر باليرمو المقرر الشهر المقبل، لمناقشة القضية الليبية، بالتزامن مع استضافة القاهرة عدداً من المسؤولين الليبيين للتباحث حول مستقبل المؤسسات السياسية الليبية وجهود توحيد الجيش تحت قيادة خليفة حفتر. وهي اللقاءات التي انتهت مساء الأربعاء الماضي، بمسودة اتفاق، على أن يكون رئيس الدولة المنتخب هو القائد الأعلى للجيش، في انتظار موافقة حفتر النهائية على ذلك، وهي في حكم الأكيدة، فضلاً عن موافقته على التشكيل الذي تم الاتفاق عليه لمجلس القيادة العامة للجيش.

في هذا السياق، ذكرت المصادر المصرية لـ"العربي الجديد"، أن "الاتصالات مع روما توازت أيضاً مع لقاءات أجراها ممثلون لحفتر ورئيس مجلس النواب في الشرق، عقيلة صالح، منهم النائب الليبي علي السعيدي، مع مسؤولين إيطاليين في روما، لبحث مشاركة حفتر وصالح في المؤتمر. واستطلع الممثلون موقف إيطاليا من إعادة شركاتها للعمل في المناطق التي يسيطر عليها حفتر، والتصورات الإيطالية لترتيب خريطة الطريق وضمان سيطرة حفتر على الرئاسة والجيش، ومستقبل العلاقات الاقتصادية بين البلدين في وجود حفتر".

وأوضحت المصادر أن "الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي يلعب دور الوسيط بين إيطاليا وحفتر منذ أغسطس/آب الماضي، فتح نقاشاً مع حفتر حول منح شركة إيني الإيطالية العملاقة للبترول عقود امتياز التنقيب والاستخراج في مكامن الغاز الطبيعي والهيدروكربون البحرية المقابلة للسواحل الليبية، وذلك في إطار سعيه لتحقيق تقارب بين الطرفين، والحصول على مكاسب لمصر من الشركة الإيطالية التي تعتبر أكبر مستثمر في حقول موارد الطاقة المصرية".

وأضافت المصادر أن "إيطاليا وإيني تتواصلان مع حفتر بشأن نفس الموضوع، لقطع الطريق على محاولات العملاق البريطاني المنافس بي بي، للاستحواذ على هذه المكامن التي تبدو واعدة بدرجة ربما تفوق المكامن المصرية والحقول التي تم اكتشافها خلال السنوات الثلاث الماضية شمال الدلتا والإسكندرية، لا سيما أن صناعة مشتقات الهيدروكربون وتصدير الغاز المسال لأوروبا أصبحت على رأس الأنشطة الاقتصادية الواعدة في منطقة شرق المتوسط وجنوبه، بعدما أصبح لدى مصر مصنعان للإسالة شمال الدلتا".



وذكرت المصادر أن "هذا الملف ربما يكون الدافع الرئيسي لحفتر لحضور مؤتمر باليرمو الذي يخشى الإيطاليون فشله أو تفريغ نتائجه من مضمونها حال غياب اللواء المتقاعد، والذي لم يعلن حتى الآن ما إذا كان سيشارك أم لا، رغم إبدائه حماسة تجاه ما سيناقش فيه، خلال لقائه مع وزير الخارجية الإيطالي إينزو ميلانيزي مطلع الشهر الحالي".

وعلى الرغم من الأجواء الإيجابية التي نقلها ميلانيزي عن اللقاء، استمر التوتر الميداني بين حفتر وإيطاليا بعدما احتجزت قواته البحرية زورقين إيطاليين و13 عنصراً من طاقميهما، بحجة وجودهما في المياه الليبية التي حظر جيش حفتر الإبحار فيها شمال مدينة درنة.

وأكدت المصادر المصرية أن "السيسي ما زال يرى أن الوتيرة التي يعمل بها حفتر للتحكم الكامل في السلطة تعرض تحالفه مع مصر للخطر داخلياً وخارجياً، ويفضل عدم إجراء أي انتخابات قبل إعداد الدستور بواسطة لجنة مشكلة بتوافق أممي وشعبي ليبي، وذلك كله بعد إتمام عملية جمع الأسلحة من القبائل خصوصاً في جنوب غربي البلاد المناوئ لحفتر والمحسوب على حكومة الوفاق".

وبحسب المصادر فإن "السيسي قلق من أن يؤدي تعجّل حفتر لشرعنة وضعه السياسي بعد سيطرته على منطقة (الهلال النفطي) بمساعدة مصر والإمارات وروسيا وفرنسا، إلى انهيار أمني في مناطق واسعة جنوب غربي البلاد، فالمعلومات المتاحة لدى المخابرات المصرية تفيد بعدم قبول معظم القبائل، بما فيها التي حضرت الأشهر الماضية اجتماعات القاهرة في إطار مبادرة جمع الأسلحة وتوحيد الجيش، لفكرة أن يصبح لحفتر وضع خاص فوق الدولة. كما أن بعض التيارات لا تثق في قبول حفتر لنتائج الانتخابات حتى إذا أجريت تحت إشراف دولي كما يرحب بذلك الآن، على خلفية سابقة إخلاله بتفاهمات باريس، وتدخله بالسلاح في العملية السياسية".

وكما يعتبر السيسي نزع أسلحة القبائل أولوية للأمن المصري، فهو يرغب أيضاً في استغلال مؤتمر روما لترويج صورته كلاعب أساسي في الملف الليبي قادر على إحداث فارق لصالح أي من القوى الدولية المتنازعة، سواء إيطاليا أو فرنسا، وفق أجندة المصالح المصرية أيضاً. المؤتمر سيكون فرصة لإبراز الجهود المصرية التي بذلت لجمع الأسلحة وتوحيد الجيش أمام الإدارة الأميركية، فضلاً عن الدور الذي أدته في تخفيف أخطار تنظيم "داعش" والجماعات الإرهابية الأخرى، ارتباطاً بحديثه المتكرر عن عدم تقدير الدول الغربية للدور الذي قامت به مصر في هذا السياق، ومطالبته بانتظام المساعدات العسكرية التي علقت في أغسطس/آب الماضي، وزيادة الدعم الأميركي لمصر لوجستياً في حربها على الإرهاب شرقاً وغرباً، مكرراً أن "مصر تخوض حربها بمفردها".