في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها اللبنانيون اليوم، يبدو وضع مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين أسوأ من الفترات السابقة التي كانت صعبة بدورها
بعدما مرّ نحو شهرين على الحراك الشعبي الثوري في لبنان، واشتداد الأزمة المعيشية في البلاد، تأثر الوضع الاقتصادي في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، في صيدا، بوابة الجنوب اللبناني، بشكل كبير، إذ إنّ الفلسطينيين في لبنان جزء من التكوين اللبناني، وفقدت أسر عديدة أعمال معيليها.
في هذا الإطار، عقد اجتماع طارئ في جمعية "عمل تنموي بلا حدود - نبع"، حضرته المؤسسات، والفاعليات، والفصائل، واللجان الشعبية العاملة في الوسط الفلسطيني، فناقشت تأثيرات الأزمة المالية الاقتصادية والاجتماعية على اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. وبعد عرض قدّمه رئيس الجمعية ومديرها العام، قاسم سعد، حول تأثير الأزمة على اللاجئين، ناقش المجتمعون المخاوف من انزلاق الأوضاع إلى ما لا تحمد عقباه من مشاكل وآفات اجتماعية من سرقة وقتل. وخلص الاجتماع إلى رفع التوصيات التالية: مطالبة وكالة الأونروا بتنفيذ برامج طوارئ تتضمن زيادة المساعدات المقررة إلى مستفيدي برنامج شبكة الأمان الاجتماعي، وتنفيذ برنامج مساعدات طارئة تشمل اللاجئين كافة، وتفعيل وتنفيذ برنامج المال مقابل العمل لتوليد الدخل للأسر، وتعزيز التغطية الصحية، وتفعيل الرعاية الإنسانية، وحث المجتمع الدولي على مساعدة مجتمع اللاجئين، ومطالبة المنظمات الدولية بتنفيذ برامج طوارئ إغاثية تلبي الحد الأدنى من مقومات الحياة لمجتمع اللاجئين، والضغط على المجتمع الدولي لتأمين المساعدات الفورية لمواجهة الأزمة المالية والاقتصادية والاجتماعية، والعمل على إيجاد برامج لمدة لا تقل عن ستة أشهر لمواجهة تأثيرات الأزمة.
كذلك، طالب المجتمعون المؤسسات الأهلية بتوزيع مساعدات غذائية للأسر الفلسطينية كافة داخل وخارج المخيمات، وإنشاء صندوق مالي لمساعدة العائلات الفقيرة بإدارة مشتركة من الجمعيات والمؤسسات، وإنشاء مطابخ داخل المخيمات لتوزيع وجبات ساخنة للمعوزين، وإيجاد فرص عمل، ومساعدة تلاميذ المدارس على تجاوز تأثيرات الأزمة المالية على وسائل نقلهم ووجباتهم الغذائية. وعلى صعيد الفصائل واللجان الشعبية، طالب المجتمعون بمراقبة فلتان الأسعار، ومنع دخول المواد الغذائية منتهية الصلاحية إلى المخيمات.
شعبياً، تقول أم حسين، وهي من الرأس الأحمر بفلسطين المحتلة، وتعيش في منطقة الطوارئ، عند مدخل مخيم عين الحلوة، وتعمل في مخبز داخل المخيم: "تنحدر أوضاع السكان في ظل هذه الأزمة نحو الهاوية، فالطفل الذاهب إلى المدرسة لا يستطيع شراء المنقوشة (معجنات) التي لا يتعدى ثمنها 750 ليرة لبنانية (نصف دولار أميركي بحسب السعر الرسمي)، فمصروفه اليومي هو 250 ليرة، أي ثلث سعر المنقوشة، وأحياناً لا يأخذه، ففي بعض الأوقات يسألني الطفل إن كان باستطاعتي بيعه منقوشة بـ250 ليرة. غالباً ما يبقى الطفل طوال دوام المدرسة من دون تناول الطعام، كما يذهب إلى المدرسة خارج المخيم مشياً". تتابع لـ"العربي الجديد": "هذا الأمر بدأ مع قرار وزارة العمل اللبنانية قبل شهور، في ما خص فرض إذن عمل على الفلسطينيين، واستمر حتى اليوم. من جهتنا، تعرض زوجي لوعكة صحية، فقد أصيب بالديسك، ولم يعد باستطاعته العمل، فاضطررت للعمل. ابني يعمل منذ خمس سنوات في محل لتوزيع المياه على البيوت ويتقاضى أجراً زهيداً لا يكفيه حتى شراء حاجياته، وصاحب العمل ينتظره أسفل المبنى حتى يأخذ منه الإكرامية (البقشيش) التي يتقاضاها، فابني يعيش حياة يائسة، إذ ترك المدرسة وعمل في محل تصليح دراجات لتعلم المهنة ثم ترك المهنة لاحقاً".
اقــرأ أيضاً
الطفل حمزة مصعب (10 أعوام) كان ذاهباً إلى المدرسة رفقة شقيقته مشياً، ومع سؤاله عن سبب ذلك، يقول لـ"العربي الجديد": "أبي لا يملك المال حتى يعطينا لنذهب إلى المدرسة في سيارة، أو حتى لشراء منقوشة نتناولها في المدرسة، فنحن نتناول طعام الفطور في البيت صباحاً". يضيف: "والدي كان يعمل في بيروت بائع كلسات، لكنه لم يعد يستطيع ذلك اليوم". وتقول شقيقته: "أحزن عندما أرى أصدقائي يشترون من الدكان في المدرسة وأنا غير قادرة على ذلك".
اقــرأ أيضاً
أما حنان هجاج، التي تعيش في المخيم، وتعمل في مشروع خيم زراعية على السطوح، تابع لإحدى الجمعيات، وتتقاضى 200 دولار شهرياً، فتقول لـ"العربي الجديد": "هناك العديد من اللبنانيين ممن يقولون إنّ هذه الثورة لا تعنينا نحن الفلسطينيين. لكن، كيف لا تعنينا ونحن نعيش في بلد واحد، ونعيش معاناة مشتركة، فنحن نعمل ونتقاضى راتباً ننفقه في لبنان، لكنّ الأوضاع تزداد سوءاً يوماً بعد يوم، خصوصاً بعد ارتفاع سعر صرف الدولار، ما أدى إلى ارتفاع في أسعار السلع كافة، وهناك بعض التجار في المخيم يساهمون في الضائقة الاقتصادية التي نعيشها، ففي المخيم متجر أخرج أصحابه بضاعته من المستودع وباعوها بأسعار مرتفعة جداً". تتابع: "لديّ ثلاثة أبناء ذكور، وبنت واحدة. تخرج الكبيران بشهادة محاسبة من معهد فني، لكنهما لم يجدا عملاً بسبب قرار وزارة العمل اللبنانية، وكانا قد تدربا في مركز من مراكز الأونروا، لمدة ثلاثة أشهر. وبعد ذلك اشترى أحدهما سيارة بالتقسيط ليعمل عليها كسيارة أجرة، لكنّه لم يتمكن بسبب مطاردة قوى الأمن الداخلي له، كونها لا تحمل لوحة عمومية. اليوم يدفع أقساطها صديق له، وحكماً صارت السيارة للصديق. كذلك، فإنّ زوجي كان يعمل في شركة في منطقة الغازية، جنوبي لبنان، وطرد من العمل بعد قرار وزارة العمل". تضيف: "ابني نفسه ذهب إلى سورية لشراء مواد غذائية، كاللبنة، والجبنة والصعتر، عسى أن ينجح مشروعه ويتمكن من بيع البضائع عندما يعود".
في هذا الإطار، عقد اجتماع طارئ في جمعية "عمل تنموي بلا حدود - نبع"، حضرته المؤسسات، والفاعليات، والفصائل، واللجان الشعبية العاملة في الوسط الفلسطيني، فناقشت تأثيرات الأزمة المالية الاقتصادية والاجتماعية على اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. وبعد عرض قدّمه رئيس الجمعية ومديرها العام، قاسم سعد، حول تأثير الأزمة على اللاجئين، ناقش المجتمعون المخاوف من انزلاق الأوضاع إلى ما لا تحمد عقباه من مشاكل وآفات اجتماعية من سرقة وقتل. وخلص الاجتماع إلى رفع التوصيات التالية: مطالبة وكالة الأونروا بتنفيذ برامج طوارئ تتضمن زيادة المساعدات المقررة إلى مستفيدي برنامج شبكة الأمان الاجتماعي، وتنفيذ برنامج مساعدات طارئة تشمل اللاجئين كافة، وتفعيل وتنفيذ برنامج المال مقابل العمل لتوليد الدخل للأسر، وتعزيز التغطية الصحية، وتفعيل الرعاية الإنسانية، وحث المجتمع الدولي على مساعدة مجتمع اللاجئين، ومطالبة المنظمات الدولية بتنفيذ برامج طوارئ إغاثية تلبي الحد الأدنى من مقومات الحياة لمجتمع اللاجئين، والضغط على المجتمع الدولي لتأمين المساعدات الفورية لمواجهة الأزمة المالية والاقتصادية والاجتماعية، والعمل على إيجاد برامج لمدة لا تقل عن ستة أشهر لمواجهة تأثيرات الأزمة.
كذلك، طالب المجتمعون المؤسسات الأهلية بتوزيع مساعدات غذائية للأسر الفلسطينية كافة داخل وخارج المخيمات، وإنشاء صندوق مالي لمساعدة العائلات الفقيرة بإدارة مشتركة من الجمعيات والمؤسسات، وإنشاء مطابخ داخل المخيمات لتوزيع وجبات ساخنة للمعوزين، وإيجاد فرص عمل، ومساعدة تلاميذ المدارس على تجاوز تأثيرات الأزمة المالية على وسائل نقلهم ووجباتهم الغذائية. وعلى صعيد الفصائل واللجان الشعبية، طالب المجتمعون بمراقبة فلتان الأسعار، ومنع دخول المواد الغذائية منتهية الصلاحية إلى المخيمات.
شعبياً، تقول أم حسين، وهي من الرأس الأحمر بفلسطين المحتلة، وتعيش في منطقة الطوارئ، عند مدخل مخيم عين الحلوة، وتعمل في مخبز داخل المخيم: "تنحدر أوضاع السكان في ظل هذه الأزمة نحو الهاوية، فالطفل الذاهب إلى المدرسة لا يستطيع شراء المنقوشة (معجنات) التي لا يتعدى ثمنها 750 ليرة لبنانية (نصف دولار أميركي بحسب السعر الرسمي)، فمصروفه اليومي هو 250 ليرة، أي ثلث سعر المنقوشة، وأحياناً لا يأخذه، ففي بعض الأوقات يسألني الطفل إن كان باستطاعتي بيعه منقوشة بـ250 ليرة. غالباً ما يبقى الطفل طوال دوام المدرسة من دون تناول الطعام، كما يذهب إلى المدرسة خارج المخيم مشياً". تتابع لـ"العربي الجديد": "هذا الأمر بدأ مع قرار وزارة العمل اللبنانية قبل شهور، في ما خص فرض إذن عمل على الفلسطينيين، واستمر حتى اليوم. من جهتنا، تعرض زوجي لوعكة صحية، فقد أصيب بالديسك، ولم يعد باستطاعته العمل، فاضطررت للعمل. ابني يعمل منذ خمس سنوات في محل لتوزيع المياه على البيوت ويتقاضى أجراً زهيداً لا يكفيه حتى شراء حاجياته، وصاحب العمل ينتظره أسفل المبنى حتى يأخذ منه الإكرامية (البقشيش) التي يتقاضاها، فابني يعيش حياة يائسة، إذ ترك المدرسة وعمل في محل تصليح دراجات لتعلم المهنة ثم ترك المهنة لاحقاً".
الطفل حمزة مصعب (10 أعوام) كان ذاهباً إلى المدرسة رفقة شقيقته مشياً، ومع سؤاله عن سبب ذلك، يقول لـ"العربي الجديد": "أبي لا يملك المال حتى يعطينا لنذهب إلى المدرسة في سيارة، أو حتى لشراء منقوشة نتناولها في المدرسة، فنحن نتناول طعام الفطور في البيت صباحاً". يضيف: "والدي كان يعمل في بيروت بائع كلسات، لكنه لم يعد يستطيع ذلك اليوم". وتقول شقيقته: "أحزن عندما أرى أصدقائي يشترون من الدكان في المدرسة وأنا غير قادرة على ذلك".
أما حنان هجاج، التي تعيش في المخيم، وتعمل في مشروع خيم زراعية على السطوح، تابع لإحدى الجمعيات، وتتقاضى 200 دولار شهرياً، فتقول لـ"العربي الجديد": "هناك العديد من اللبنانيين ممن يقولون إنّ هذه الثورة لا تعنينا نحن الفلسطينيين. لكن، كيف لا تعنينا ونحن نعيش في بلد واحد، ونعيش معاناة مشتركة، فنحن نعمل ونتقاضى راتباً ننفقه في لبنان، لكنّ الأوضاع تزداد سوءاً يوماً بعد يوم، خصوصاً بعد ارتفاع سعر صرف الدولار، ما أدى إلى ارتفاع في أسعار السلع كافة، وهناك بعض التجار في المخيم يساهمون في الضائقة الاقتصادية التي نعيشها، ففي المخيم متجر أخرج أصحابه بضاعته من المستودع وباعوها بأسعار مرتفعة جداً". تتابع: "لديّ ثلاثة أبناء ذكور، وبنت واحدة. تخرج الكبيران بشهادة محاسبة من معهد فني، لكنهما لم يجدا عملاً بسبب قرار وزارة العمل اللبنانية، وكانا قد تدربا في مركز من مراكز الأونروا، لمدة ثلاثة أشهر. وبعد ذلك اشترى أحدهما سيارة بالتقسيط ليعمل عليها كسيارة أجرة، لكنّه لم يتمكن بسبب مطاردة قوى الأمن الداخلي له، كونها لا تحمل لوحة عمومية. اليوم يدفع أقساطها صديق له، وحكماً صارت السيارة للصديق. كذلك، فإنّ زوجي كان يعمل في شركة في منطقة الغازية، جنوبي لبنان، وطرد من العمل بعد قرار وزارة العمل". تضيف: "ابني نفسه ذهب إلى سورية لشراء مواد غذائية، كاللبنة، والجبنة والصعتر، عسى أن ينجح مشروعه ويتمكن من بيع البضائع عندما يعود".