يعاني قطاع التعليم في أفغانستان من مشكلة متواصلة، كقطاعات أخرى في البلاد. فالمجتمع الدولي يزعم أنّه ينفق مبالغ ضخمة على القطاعات التنموية، ومع ذلك تستمر الصعوبات بمختلف أشكالها. وتبرز هذه المشكلة تعليمياً من خلال النقص في الكتب المدرسية، خصوصاً في مدارس المناطق القبلية البعيدة عن أنظار الحكومة والمؤسسات المعنية.
وعلى الرغم من توجيه الرئيس الأفغاني، محمد أشرف غني، أوامر إلى وزارة التعليم بتوفير كل ما تحتاج إليه المدارس من الكتب والاحتياجات، غير أن الأمر لم يتغير حتى الآن، وما زال التلاميذ محرومين من الكتب، وهم مقبلون على امتحانات نهاية العام.
يؤكد المسؤولون أنّ الوزارة تعمل بجد لحل جميع الصعوبات التي تواجهها المدارس الأفغانية، وتدعي الوزارة أنها وفّرت الكتب في جميع المدارس الثانوية والمتوسطة، وأنها تعمل حاليا على توفير الكتب للمدارس الابتدائية. لكنّ مصادر قبلية ونشطاء في المجتمع المدني وتلاميذ ينفون ذلك. ويقول هؤلاء إنّ النقص ما زال موجوداً على جميع المستويات. وما يثير حفيظة القبائل والتلاميذ والأهالي أنّ الكتب التي توفّرها وزارة التعليم وبعض المؤسسات والمنظمات الدولية كـ "يونيسف"، لإدارات التعليم الإقليمية تباع وتشترى في الأسواق قبل أن يتم توزيعها على المدارس. وهو ما يشير إلى مدى الفساد الذي يطال جميع الدوائر الحكومية وليس إدارة التعليم فحسب.
يقول رئيس "جمعية آباء التلاميذ" في إقليم بكتيكا، عبد عزيز إنّ "توفير الكتب والمواد الدراسية من المسؤوليات الأساسية لوزارة التعليم، لكن يبدو أنها غير قادرة على القيام بتلك المسؤوليات. لذا نحن ندعو الحكومة المركزية إلى إيلاء اهتمام بالغ للقضية التي من شأنها أن تدمر أجيال البلاد". ويؤكد عزيز أنّ 60 في المائة من تلاميذ المدارس في إقليم بكتيكا محرومون من الكتب الدراسية، بالإضافة إلى صعوبات أخرى.
اقرأ أيضاً: كمال خان يحلم بتعليم طفليه
من جهته، يؤكد التلميذ في مدرسة بلال في مدينة خرنه عاصمة إقليم بكتيكا، بارك الدين أنه وزملاءه لم يحصلوا حتى الآن على الكتب الدراسية، وبالتالي هم غير قادرين على مراجعة الدروس والاستعداد للامتحانات. ويضيف أنهم يراجعون إدارة المدرسة يومياً للحصول على الكتب كي يستعدوا للامتحانات، غير أنّ المدير نفسه عاجز عن فعل شيء، عدا إرسال الرسائل إلى إدارة التعليم المحلية، التي بدورها توجه تلك الرسائل إلى وزارة التعليم بحسب المسؤولين المحليين.
في المقابل، يلوم التلميذ عصمت الله في المدرسة نفسها، المسؤولين في الإدارة المحلية ووزارة التعليم على حد سواء. ويقول إنّ أزمة نقص الكتب سببها عدم قيام المسؤولين في الإدارة المحلية والوزارة بواجبهم. ويتابع: "الكتب التي من المفترض أن توزّع على التلاميذ تباع في الأسواق، لكن بسبب الفقر لا يمكننا شراؤها، وليس أمامنا سوى الانتظار، ورفع الشكاوى مرة بعد أخرى، أو ربما يتوجب علينا تنظيم تظاهرات كي يصل صوتنا إلى المسؤولين، ويتحركوا من أجلنا".
بدوره، يقول الزعيم القبلي في إقليم ننجرهار، بادشاه خان: "من غير المستبعد في إدارة تباع فيها المناصب بالدولار، بيع الكتب الدراسية المخصصة للتلاميذ أيضاً". يتابع: "هنا كل شيء مقابل المال.. إذا أردت أن تكون مدرّساً لا يمكن ذلك حتى تدفع الرشاوى. وعلى هذا الغرار كلّ المناصب والوظائف. ففي دولة كهذه فإنّ بيع الكتب الحكومية ليس بأمر غريب أبداً". لكن خان يبدي تفاؤله من إمكانية تحسن الأمور تدريجياً، بعد أن بدأ الرئيس الأفغاني أشرف غني بمحاكمة المتورطين في قضايا الفساد. ويوصي بالصبر حتى يتضح أمام الشعب إن كانت الحكومة الحالية ستفي بوعودها في جميع مجالات الحياة، خصوصاً في مجال التعليم، أم أنها ستحذو حذو حكومة كرزاي، وبالتالي لن يتحسن شيء، بحسب وصفه.
في الأقاليم الجنوبية تتفاقم الأزمة أكثر، فهي من جهة ترتبط بالنقص في الكتب، ومن جهة أخرى بإغلاق المدارس بسبب المواجهات ما بين القوات الحكومية وحركة طالبان المسلحة. ويعتبر التلميذ إحسان الله نفسه سعيداً لأنّ بإمكانه الذهاب إلى المدرسة في مديرية ناد علي في هلمند التي شهدت معارك ضارية بين حركة طالبان وقوات الجيش، مقارنة بأقرانه وأصدقائه في المناطق البعيدة من المديرية نفسها. لكنه يشكو من فقدان جميع أنواع الاحتياجات الدراسية، كالكتب والكراسات والأقلام. وهي مواد أساسية توزعها وزارة التعليم مجاناً في أفغانستان. ويطلب إحسان من الحكومة توفير ما يحتاجون إليه لمواصلة عملية التعليم، ويذكرها بأنهم يذهبون إلى المدارس في ظروف أمنية صعبة للغاية.
اقرأ أيضاً: مدرّسون مدمنون على المخدرات