وقال مصدر دبلوماسي مصري قريب من الاجتماعات، التي أجريت اليوم، إن ملف عودة الطيران والسياحة الروسية إلى مصر شغل حيزاً أساسياً من المحادثات رغم عدم تمثيل أو حضور جهات الطيران المدني في البلدين، حيث أكد السيسي وشكري أن مصر قدمت كل ما في وسعها لتطوير نظم الأمن الجوي والمطارات لديها، وأن جميع الاشتراطات الروسية تم توفيرها في المطارات الرئيسية، وأن مصر كانت تنتظر خطوة مقابلة بإعادة حركة السياحة خلال عام 2016.
ولفت المصدر إلى أن لافروف لم يحدد موعداً لاستئناف الطيران الروسي المباشر بين البلدين، لكنه تحدث عن "ضرورة تطوير التنسيق الثنائي بين البلدين لعودة الرحلات في أقرب وقت ممكن".
وأكد المصدر أن المحادثات تناولت الضربات المصرية الأخيرة للمليشيات الليبية المناوئة لجيش اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر المدعوم من روسيا ومصر والإمارات، وأن شكري شدد على ضرورة أن تلعب روسيا دوراً أكبر في رفع حظر توريد السلاح للجيش الليبي باعتباره قوات نظامية وليس مجرد مليشيا، من وجهة النظر المصرية.
وتطرقت المحادثات أيضاً، وفقاً للمصدر ذاته، إلى سبل تطوير التعاون العسكري باستيراد مصر عدداً من الأسلحة البرية المتطورة وتحديث منظومة الدفاع الجوي القائمة، بالإضافة لبحث إمكانية إجراء مناورات برية مشتركة مع دول أخرى في المنطقة على الأراضي المصرية خلال عامي 2017 و2018.
بدورها، أصدرت وزارة الخارجية بياناً، قالت فيه إن شكري استعرض خلال لقائه الثنائي بلافروف جهود مصر المتواصلة مع كافة الفرقاء في ليبيا، بهدف تقريب وجهات النظر بينهم، وإحلال الأمن والاستقرار في الدولة الشقيقة، مشيرةً إلى مركزية اتفاق الصخيرات ووجود توافق ليبي حالي على أهمية إدخال بعض التعديلات على الاتفاق لتحقيق التوافق الوطني الكامل حوله.
وأضافت أن المشاورات تطرقت إلى تطورات الأزمة السورية، حيث أعرب شكري عن تقدير مصر للدور الروسي في إنجاح مسار أستانة، وتطلع مصر إلى أن يؤدي هذا المسار إلى وقف شامل لإطلاق النار وتعزيز مسار المحادثات السياسية.
وفي ما يتعلق باليمن، اتفق الجانبان على أهمية الحل السياسي، وضرورة تعزيز الجهود الإقليمية والدولية في هذا الاتجاه.
كما تطرق الوزيران إلى القضية الفلسطينية والانخراط الأميركي الإيجابي لإحياء المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، حيث أشار الوزير الروسي إلى أهمية تنشيط دور الرباعية الدولية مرة أخرى لدعم تلك الجهود.
ونسب البيان لوزير الخارجية الروسي حديثه عن دعم بلاده الكامل لمصر في مواجهة الهجمة الإرهابية التي تتعرض لها حالياً، وإشادته بالدور المصري في التصدّي لظاهرة "الإرهاب الدولي" من خلال عضويتها بمجلس الأمن.
وانطلقت في القاهرة جولة مشاورات مصرية روسية، في إطار صيغة "2 + 2"، من المنتظر أن تركّز على "القضايا والأزمات الإقليمية في كل من سورية وليبيا واليمن والعراق، والمواقف المصرية والروسية إزاءها"، بحسب الخارجية المصرية.
وقد تمّ تفعيل الحوار الاستراتيجي بين مصر وروسيا بصيغة 2+2 على مستوى وزيري الخارجية والدفاع، لتصبح مصر الدولة السادسة التي ترتبط معها روسيا بمثل هذا الإطار من المباحثات الاستراتيجية، بعد الولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا واليابان.
وعقد الجانبان اجتماعين في إطار هذه الصيغة، الأول في القاهرة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2013، والثاني في موسكو في فبراير/ شباط 2014.
ويأتي اللقاء في الوقت الذي قالت فيه مصادر دبلوماسية مصرية، لـ"العربي الجديد"، إنّ "المباحثات الروسية المصرية لا تتعلّق بدرجة كبيرة بما يسمى صيغة 2+2، ولكن اللقاء يأتي من جانب روسيا، وعلى مستوى تمثيل رفيع، في محاولة لاحتواء تداعيات القمة العربية الإسلامية في الرياض، وسعي القاهرة للتقارب أكثر مع الجانب الأميركي، في أعقاب وصول الرئيس دونالد ترامب للبيت الأبيض، بعد فترة تقارب مصري روسي، أعادت للأذهان العلاقات المصرية السوفييتية في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر".
وذكّرت المصادر بأنّ الفترة الماضية شهدت تراجع نقاط الاشتراك في المواقف المصرية الروسية إزاء قضايا المنطقة، وأبرزها الأزمة السورية، التي باتت فيها القاهرة أكثر ميلاً للتصوّر السعودي لحلّ الأزمة، فضلاً عن تخلّيها عن التمسّك ببقاء بشار الأسد، وهو أيضاً ما يقترب بشدة من التصوّر الأميركي.
وأشارت المصادر إلى أنّ الملف الثاني، الحاضر في الاجتماع، هو الملف الليبي، حيث "قفزت أميركا إلى المشهد"، بحسب المصادر، وذلك بتنسيق مع كل من مصر والإمارات، بعد أن بذلت روسيا جهوداً واسعة لضمّها لنفوذها في منطقة الشرق الأوسط.
وقالت المصادر إنّ "الزيارة الروسية رفيعة المستوى تأتي في وقت عاد فيه التقارب المصري السعودي المتحالف مع أميركا، حيث تخشى موسكو من تراجع التنسيق مع القاهرة، في ظل الموقف السعودي الرافض لأي تواجد لإيران، الشريك الأساسي لروسيا في المنطقة".
فيما أكدت مصادر سياسية مصرية، قريبة من دوائر صناعة القرار، أنّ الفرصة جاءت للقاهرة، التي تعيش أزهى فترة منذ 2013، للضغط على موسكو لإعادة الرحلات السياحية وحركة الطيران بين البلدين مرة أخرى، وهو ما كانت روسيا تماطل فيه منذ فترة طويلة، على الرغم من انصياع الجانب المصري، في وقت سابق، لكافة المطالب الروسية في هذا الشأن.
إلى ذلك، قالت مصادر دبلوماسية، لـ"العربي الجديد"، إنّ "أجندة اللقاءات بين الجانبين تتضمّن محوراً بشأن الأوضاع في قطاع غزة"، موضحة أنّ "الجانب الروسي طالب مصر في وقت سابق، بضرورة منْح هامش من التسهيلات للرئيس الجديد للمكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، وضرورة عدم الدخول في صدامات جديدة مع الحركة، على الأقل في الوقت الراهن".
وكان هنية قد أجرى مشاورات، عبر الهاتف، مع ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي، مبعوث الرئيس الروسي لمنطقة الشرق الأوسط، في 19 مايو/ أيار الجاري.