تنامى الغضب في منطقة ورقلة، جنوب الجزائر، في الفترة الأخيرة، وبات الحراك الجنوبي في البلاد على موعدٍ مع التاريخ، في ملفّ استغلال الغاز الصخري، لتُشكّل مسيرة يوم السبت، التي دعت إليها اللجنة الشعبية لمناهضة الغاز الصخري وسط مدينة ورقلة، محطة فاصلة تُنذر بخطوات تصعيدية عدة.
شارك آلاف المحتجين في مسيرة ورقلة، وانضمّ إليهم محتجّون من مدينة عين صالح، التي سبق أن قمعت السلطة احتجاجها قبل أسبوعين، وواكبها حشد إعلامي كبير ذهب برفقة شخصيات سياسية معارضة، حضرت لمساندة ودعم المحتجين.
وتجمّع المتظاهرون أمام ساحة بلدية ورقلة، لا من أجل استكشاف الغاز الصخري، بل بسبب تجاهل السلطة والحكومة ثلاثة أشهر من الاعتصامات والاحتجاجات المتواصلة، في عين صالح وورقلة وأغلب مدن الجنوب، ضد مشروع استكشاف واستغلال الغاز الصخري.
اقرأ أيضاً: سؤال جزائري: البترول نعمة أم نقمة؟
وقال سفيان، الذي تحدث أمام المشاركين، إن "الحراك الشعبي في منطقة الجنوب، يُعدّ درساً سياسياً كبيراً عن وعي المجتمع الجزائري والتحول العميق الذي حصل في المنطقة". أما دويبي، فاعتبر أن "هذه المسيرة تُعدّ إشارة صريحة للسلطة بضرورة مراجعة مواقفها، لا بشأن الغاز الصخري فقط، بل بشأن كثير من السياسات التي تنتهجها، وتتجاهل خلالها المواقف والإرادة الشعبية".
ولفت أحد منظمي الحراك، الطاهر بلعباس، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "سكان منطقة الجنوب قرروا عدم العودة إلى الحياة الطبيعية، أو وقف الحراك الاحتجاجي، قبل تحقيق مطلبهم الأساسي المتعلق بوقف مشروع الغاز الصخري، ومراجعة أوضاع السكان في منطقة الجنوب، خصوصاً ما يتعلق بتوفير أعمال لشباب الجنوب". وحذّر "ليكن واضحاً أن الوضع صعب، والغضب السكاني والشبابي من تجاهل السلطة لمطالبنا يتزايد، وعلى السلطة وأحزابها التي تطالبنا بالتعقّل، أن تتعقّل وتفهم أن لدينا مطالب مشروعة".
من جهته، انتقد الناشط ايبك عبدالمالك ما وصفه بـ"محاولات التشويش على سلمية الحراك الاجتماعي والشعبي في مدن الجنوب". واعتبر أن "هناك أطرافا مدفوعة من قبل السلطة للتشويش علينا، واتهامنا بمحاولة زعزعة استقرار البلاد، مع العلم أن السؤال المطروح هو: من يريد زعزعة استقرار البلد، نحن أم من يبيعه إلى الشركات متعددة الجنسيات؟".
وعندما كانت المسيرة متجهة إلى ميدان الصمود وسط ورقلة، كان عدد كبير من قوات الشرطة ومكافحة الشغب، يراقبها عن بُعد، ربما لأن السلطات الجزائرية لم ترغب في تكرار الانزلاق الذي حصل في عين صالح، بعد تدخّل قوات الأمن ومحاولتها فض اعتصام المحتجين بالقوة.
وارتأت قوات الشرطة البقاء بعيدة عن مكان المسيرة والاعتصام في ورقلة، تجنباً لأي استفزازات أو مواجهات بين المحتجين والشرطة، خصوصاً في ظلّ حضور كبير وقياسي لوسائل الإعلام المحلية والدولية في ورقلة، والاهتمام الإعلامي الكبير بالحدث.
شكّل احتجاج ورقلة رسالة غاضبة إلى السلطة من الجنوب الغاضب، وتحولاً لافتاً في مسار الحراك الاحتجاجي في جنوب الجزائر، مع مواصلة التهديدات بتصعيد الموقف والتحول إلى أشكال نضالية أخرى في الجنوب، من أجل إسقاط مشروع الغاز الصخري، في ظل استمرار السلطة بالمزيد من المناورة السياسية والإعلامية، وتمسّكها بخطاب التخوين ضد المعارضة السياسية والمحتجين.
اقرأ أيضاً: دلالات الاحتجاجات في جنوب الجزائر