دفع الحصار الذي يفرضه نظام بشار الأسد على مناطق ريف دمشق منذ نحو عامين، نشطاء في الداخل إلى إطلاق حملات، لمد المحاصرين بالغذاء للبقاء على قيد الحياة، لا سيما الأطفال.
وأسس نشطاء في أبريل/نيسان الماضي جمعية إغاثية تحمل اسم "ورد دمشق"، بهدف تقديم المساعدة للأطفال، لا سيما منتجات الطحين والحليب المجفف التي اشتعلت أسعارها، بفعل الحصار وتردي الأوضاع المعيشية.
وبات شعار "أنقذوا أطفال سورية" هو النداء الأبرز مع بداية السنة الخامسة من الأزمة. وبحسب تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" صادر في مارس/آذار الماضي، فإن نحو 6 ملايين طفل سوري يعيشون في ظروف بائسة.
يقول مسؤول فريق "ورد دمشق" بالداخل أبو باسم القابوني إنه "لا يمكن تحقيق أي جدوى في ما يتعلق بالحصار أو توصل الخبز للجائعين والحليب للأطفال، لذلك قررنا أن نبادر نحن بالمساعدة، في ظل واقع تعجز فيه المنظمات الإغاثية عن توصيل المساعدات وتغافل المجتمع الدولي عن هذا الحصار".
ويضيف القابوني لـ "العربي الجديد"، أن " فكرة الجمعية بعيدة عن أي تحزب وانتماء سياسي
أو عسكري، وهدف فريقها فقط تخفيف معاناة أهلنا المحاصرين ومحاولة إسعاف الأطفال بالحليب، واستعادة الفرحة لقلوبهم عبر فعاليات ترفيهية ضمن المتاح والممكن".
ويشير إلى أن الجمعية تسعى من خلال فريقها التطوعي إلى توسيع دائرة عملها، عبر التواصل مع المتبرعين والنشطاء من أجل إغاثة المحاصرين في كل مكان.
ويتابع "أتذكر جيدا حينما نظمنا أول نشاط في منطقة القابون بدمشق، ودعونا نحو 250 طفلاً من المناطق المحاصرة لحضور كرنفال، لكننا فوجئنا بحضور ضعف المدعوين الذين تكفلنا كفريق بإحضار المساعدات لهم بجانب المتبرعين، وقمنا بتوزيع الطعام والحليب على الأطفال الرضع".
ويقول القابوني "دفعنا هذا المشهد بعد فترة وجيزة لإقامة حفل آخر في حي تشرين بدمشق، رغم المخاطر التي قد نتعرض لها من قصف واعتقال، وحرصنا على إقامة الملتقيات في أقبية بعيدة عن خطر موت حمم المدافع وبراميل الطائرات".
اقرأ أيضاً: تركوا المدارس وامتهنوا مسح الأحذية والتسول.. مأساة أطفال سورية
وحول مصادر تمويل "ورد دمشق"، يوضح القابوني "بدأنا عبر تبرعات قليلة لا تتجاوز 5 دولارات من المتبرع، قبل أن يتم اتساع نطاق المعرفة بنشاطنا ما أدى إلى تقديم مغتربين سوريين نحو 2000 دولار، مكنتنا من شراء حليب لنحو 678 طفلا بحي تشرين و650 طفلا في حي القابون، ونحضر الآن للتوزيع على منطقة ثالثة".
ويشير إلى أن محدودية التبرعات تحول دون توسيع نطاق المساعدات لتشمل الدواء، موضحا "لا يمكننا بالوقت الراهن توزيع الدواء، لكن ذلك ضمن خطة المجموعة، فقائمة الأطفال المحتاجين لتشمل نحو 1700 طفل بحاجة ماسة ومستمرة للحليب والغذاء".
ويتابع أن الفريق الذي تجاوز عدده الثلاثين يعمل بشكل تطوعي دون أي أجر، ويسعى إلى أن يؤمن غذاء وطرق إيصال المساعدات، "نضحي بحياتنا خلال إدخال الحليب عبر طرق خاصة محفوفة بالمخاطر، كما لا يمكننا طلب المساعدة من أي جهة حزبية أو سياسية أو عسكرية".
وتعاني مدن غوطة دمشق، ودوما على وجه التحديد، من حصار خانق فرضه النظام السوري، بهدف "التجويع حتى التركيع"، كما وصفته الناشطة الإغاثية بالغوطة زين الخطيب لـ "العربي الجديد".
وتقول الخطيب إن "نظام الأسد يمنع دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية، من طعام ودواء لأهالي الغوطة، ولا يسمح إلا بالقدر الضئيل من خلال تجار النظام، الذين يفرضون أسعاراً لا طاقة للأهالي بها، حيث استنزف الحصار مدخراتهم وتعرض لأغلبهم للبطالة".
وتشير إلى أن سعر كيلوغرام من الفول وصل إلى نحو 1000 ليرة (4.6 دولارات) ورابطة الخبز التي تزن أقل من 2 كيلوغرام 300 ليرة (1.4 دولار)، وعبوة الحليب المجفف للأطفال 1225 ليرة (5.6 دولارات).
وكانت المنظمة العالمية لحماية الطفولة، قد أشارت إلى أن أكثر من 1.5 مليون طفل في سورية، تركوا تعليمهم في المدارس، واتجهوا إلى سوق العمل لإعالة أسرهم، أو انخرطوا في الصراع المسلح الدائر في البلاد منذ ما يزيد على الأربع سنوات.
وحسب منظمات حقوقية سورية، فإن النظام السوري والمليشيات المساندة له، قتلت ما لا يقل عن 17 ألف طفل.
وبخلاف الأطفال في الداخل الذين يعانون ظروفا معيشية قاسية، فإن إحصائيات سابقة لمنظمة اليونسيف، أكدت أن هناك 8 آلاف طفل سوري نزحوا "وحيدين" من دون أب أو أم أو حتى مرافق، من بين مليون طفل نازح باتجاه دول الجوار منذ مطلع 2011 وحتى فبراير/شباط 2014.
اقرأ أيضاً: الحرب تدفع أطفال سورية إلى الأعمال الشاقة