وداعاً لـ"الاختلاف"

05 يوليو 2017
بعض منشورات "الاختلاف"
+ الخط -

تواجه دار "الاختلاف" الفرنسية (La Différence) خطر الاندثار الوشيك، وتهددها نقطة نهاية مجحفة لمغامرة متميزة، انفردت بها هذه الدار الصغيرة والمستقلة في ميدان النشر الأدبي دامت أكثر من أربعين عاماً.

حكم القضاء على الدار أخيراً، بعملية "بيع بالتصفية"، جراء الأزمة المالية الخانقة التي تمر بها. والتصفية في العُرف القضائي الفرنسي، تعني بيع أصول الشركة المالكة وكافة ممتلكاتها، بما فيها كاتالوغ لأزيد من ألفي عنوان في الرواية والشعر والدراسات والترجمات، في المزاد القضائي.

وأعلنت مديرة الدار، كوليت لامبريك، في رسالة، موجهة إلى الكُتاب والمترجمين المتعاملين معها، عبر موقع "فيسبوك" أن "منشورات الدار تحولت إلى محجوزات قضائية، وستباع بثمن بخس في مزاد، وسيتم فصل كل الموظفين والمتعاونين، بقرار إداري"، ونعت المديرة الدار مضيفة: "لقد صرنا ربما، جزءاً من الماضي بعد هذا القرار الإداري المتعسف".

ويأتي هذا القرار القضائي، بعد أن تراكمت المتاعب المالية على دار "الاختلاف"، بسبب انخفاض مبيعاتها. وبلغت الضائقة حدّ العجز عن دفع ديون الطبع والتوزيع، وأجور موظفيها، لتكون أول دار نشر تؤدي ضريبة التراجع المتزايد لمبيعات الكتب في فرنسا. مبيعات انحدرت إلى أرقام مخيفة في السنوات الأخيرة، وباتت تهدد الدور الكبرى بسبب النشر الإلكتروني.

لن تتمكن الدار من إصدار عشرات الكتب، التي كانت معدة للموسم الأدبي المقبل، من بينها ترجمة جديدة عن البرتغالية لـ "كتاب اللاطمأنينة" لفرناندو بيسوا، أنجزتها ماري هيلين بيونيك، وكانت ستعزز أعمال بيسوا الكاملة التي نشرتها سلفاً.

تميّزت الدار التي تأسست عام 1976، على يد المفكر مارسيل باكيه، والشاعر جواكيم فيدال، باهتمامها بنشر الشعر الفرنسي والأجنبي، طبقاً لاختيارات شعرية صارمة، لا تأبه بمنطق سوق النشر. وحتى وقت قريب كانت تنشر حوالى 50 عنواناً كل سنة، وتتمتع بمكانة محترمة في ساحة النشر "الرصينة".

اشتهرت "دار الاختلاف" بسلسلة "أورفي"، التي احتضنت عشرات الشعراء، ونشرت الأعمال الشعرية الكاملة للعديد من الشعراء الفرنسيين والأجانب. كما اهتمت بإصدار أنطولوجيات عن التجارب الشعرية العالمية، منها أنطولوجيا عن الشعر المغربي صدرت عام 2005، وأشرف عليها الشاعر عبد اللطيف اللعبي. كما فسحت حيّزاً واسعاً للدراسات النقدية والفلسفية، وهي مجالات غير مربحة، في سوق تعتمد بالخصوص على الروايات.

اختفاء الدار خسارة كبيرة، للأدب العربي المكتوب بالفرنسية أو المُترجم إليها، خاصة في منطقة المغرب، التي كان أدباؤها محتضنين من طرف الدار، نشراً وترجمةً، منهم عبد اللطيف اللعبي الذي نشر غالبية أعماله في هذه الدار، وعبدالله زريقة وعبد الكبير الخطيبي وعبد الفتاح كيليطو ومحمد ديب، هذا بالإضافة إلى عشرات الشعراء والكتاب العرب مثل محمود درويش ومحمد الماغوط وآخرين.

المساهمون