رفعت وزارة الخارجية الأميركية، أمس الخميس، السرية عن مئات الوثائق والخطابات والرسائل والبرقيات ومحاضر جلسات، ومذكرات رسمية، تتعلّق بعملية التفاوض حول معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل.
وتتضمن هذه الحزمة، التي جاءت في 413 وثيقة، الجزء المكمل لما تم رفع الحظر عنه قبل أربع سنوات من قبل وزارة الخارجية الأميركية، وتتضمن قضايا وتفاصيل مهمة تعاملت معها إدارة الرئيس الأسبق، جيمي كارتر، من خلال لقاءاته وأحاديثه مع الرئيس المصري الراحل أنور السادات، ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن، وغيرهما.
وتناولت تفاصيل وبنود معاهدة السلام، ودور واشنطن في الضغط على الدول العربية للقبول بها، والمباحثات مع الفلسطينيين حول تقرير المصير، والترتيبات الأمنية بين مصر وإسرائيل في سيناء، والعلاقات العسكرية بين القاهرة وواشنطن، والمساعدات العسكرية، ودور الولايات المتحدة تجاه الأزمة، والحرب الأهلية في لبنان.
وتلقي الوثائق أيضاً الضوء على علاقات السادات بشاه إيران، وصولاً إلى قبوله لاجئاً في مصر، وكذلك دور السعودية وسورية والأردن، وموقفها من عملية التفاوض المصرية الإسرائيلية.
وقُسمت الوثائق إلى أجزاء على النحو التالي:
- إطار عملية السلام: قمة كامب ديفيد 8 أغسطس/ آب - 17 أغسطس/ آب 1978 (58 وثيقة).
- مفاوضات اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية: الجزء الأول: 18 سبتمبر/ أيلول – 16 ديسمبر/ كانون الأول 1978 (102 وثيقة).
- مفاوضات اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية: الجزء الثالث: 17 ديسمبر/ كانون الأول 1978- 26 مارس/ آذار 1979 (82 وثيقة).
- البحث عن سلام أوسع: 27 مارس/ آذار - 31 ديسمبر/ كانون الأول 1979 (83 وثيقة).
- الطريق المسدود: 1 يناير/ كانون الثاني 1980-20 يناير/ كانون الثاني 1981 (88 وثيقة).
وعلى الرغم من رفع السرية عن الوثائق وإتاحتها، إلا أنها تمتلئ بأجزاء لم تُرفع عنها السرية بعد (أسطر في بعض الحالات، ومقاطع في حالات أخرى).
على سبيل المثال، لا تتضمن مذكرة تقدير موقف من وكالة الاستخبارات الأميركية بتاريخ 16 فبراير/ شباط 1979، وتفاصيل ما ذكرته الوكالة عن تحدي "القوى الإسلامية" لخطوات السادات تجاه التوقيع على اتفاقية سلام مع إسرائيل.
لم يُكشف النقاب في الوثيقة الصادرة بتاريخ 26 أكتوبر/ تشرين الأوَّل 1978 عن مقترح مصري لـ"القيام بعملية استخباراتية" ناقشها وزير الخارجية، سيروس فانس، ووزير الدفاع هارولد براون، ومستشار الأمن القومي زيجينيو بيرزنسكي، والمسؤول في قيادة الأركان المشتركة الجنرال ديفيد جونز، والمسؤول في "سي أي إيه" العميد ستانسفيلد تيرنر.
وتقررت في الاجتماع الموافقة على دعم المقترح (تذكر الوثيقة وجود 5.5 أسطر لم ترفع عنها السرية)، بعد استعراض المخاطر وحجم دعم المقرح. وتم رفع الأمر إلى وزير العدل للحصول على موافقة قانونية قبل عرضه على الرئيس كارتر.
ومن الوثائق المهمة التي تضمنتها هذه الحزمة مذكرة صدرت (لا يُذكر تاريخها) من وكالة الاستخبارات المركزية يُذكر فيها أن الزعيم الفلسطيني، ياسر عرفات، أبلغ اللواء شوكت مدير المخابرات العسكرية المصرية حينها أنه لا يثق بالرئيس السادات، ويفضّل التفاوض المباشر مع واشنطن، وأن عليه إبلاغ السادات بذلك.
وتؤكد "سي أي إيه" أن اللواء شوكت رفض أن يقول للسادات ما سمعه من عرفات، وفضّل أن يقول إن عرفات يعتقد أن لواشنطن حاجة في مسعاه لإحلال السلام في المنطقة، ولذا فهو لا يمانع في التفاوض المباشر معها.
وتشير برقية صادرة من السفارة الأميركية بالقاهرة، بتاريخ 12 أكتوبر/ تشرين الأول 1978، إلى علاقة اللواء شوكت بعرفات.
أهم مصادر الوثائق
إلى ذلك، عكف فريق من الباحثين التابعين لمكتب (المؤرخ - التأريخ Historian) بوزارة الخارجية على الاطلاع على سجلات إدارة الرئيس كارتر المتوفرة في مكتبته الرئاسية في ولاية جورجيا، وتتضمن مراسلاته مع قادة الدول الأخرى ويومياته الخاصة، وأرشيف مجلس الأمن القومي التي قُسمت لجزأين: وثائق مستشار الأمن القومي زبينو برزنسكي، ووثائق فريق المجلس الآخر.
وتشمل الوثائق كذلك برقيات السفارات الأميركية المختلفة في المنطقة، ولوحظ أن هناك تركيزاً كبيراً على يوميات ومذكرات كتبها بخط يده السفير الأميركي في إسرائيل، صامويل لويس، خلال مشاركته في مفاوضات كامب ديفيد بين 5 و7 سبتمبر/ أيلول 1978.
ويلزم القانون رقم 13526، الخاص بالحصول على المعلومات الحكومية الأميركية، بالكشف الدوري عن الوثائق الحكومية الرسمية بعد مرور 25 عاماً عليها، إلا أن القانون ذاته وفّر للحكومة تسعة استثناءات تمكنها من عدم النشر، وهذه الاستثناءات تتعلق بالحفاظ على حياة أشخاص ومصادر ممن تعاونوا سراً مع الولايات المتحدة. ومن الاستثناءات أيضاً ما قد يكون لحماية طرق جمع معلومات وتجسس، أو أي وثائق قد تكشف عن طرق صنع أسلحة دمار شامل، أو تكشف عن انتهاكات أميركية للقوانين أو المعاهدات الدولية.
كذلك تشمل تلك الاستثناءات أي وثائق تكشف طرق التخطيط لعمليات عسكرية أو عمليات استخباراتية.
ويتضمن القانون 13526 أيضاً مادة تلزم الحكومة بالحفاظ على سرية الوثائق التي تكشف عمليات استخباراتية، وهوية من قام بها لمدة 50 عاماً، ويعطي القانون الحكومة استثناءين، كما يلزم القانون الحكومة بالكشف عن كل الوثائق السرية بعد مرور 75 عاماً، مع السماح بوجود استثناءات نادرة.