وأوضح البيان أن "الولايات المتحدة ستحمل النظام في طهران مسؤولية أي هجوم يسفر عن وقوع إصابات بين أفرادنا أو إلحاق ضرر بمنشآت حكومة الولايات المتحدة"، مشيراً إلى أن "أميركا سترد بسرعة وبشكل حاسم دفاعاً عن أرواح الأميركيين".
وشهدت المنطقة الخضراء، ليلة يوم الجمعة الماضي، وبعيد ساعات قليلة من حرق القنصلية الإيرانية في البصرة على يد متظاهرين، سقوط قذائف هاون بالقرب من محيط السفارة الأميركية الواقعة داخل المنطقة. ووقعت إحدى القذائف على مسافة قريبة من مبنى السفارة أعقبها قصف بالهاون أيضاً على مطار البصرة الذي تقع بداخله القنصلية الأميركية في البصرة، دون أن يسفر الاعتداءان عن أي أضرار بشرية أو مادية.
ويذهب مراقبون إلى أن القصف الصاروخي الإيراني على موقع لمسلحي الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني في بلدة كويسنجق قرب كركوك كان بمثابة رسالة إيرانية للأميركيين، حيث لا تبعد قاعدة "كي 1" (K1) التي توجد فيها وحدات أميركية قرب كركوك عن كويسنجق سوى 71 كيلومتراً، حيث تفصل مدن شوان وطقطق وشيلا بين كركوك التي تتركز فيها قوات أميركية ومدينة كويسنجق المستهدفة إيرانياً السبت الماضي.
وفي السياق، كشف مسؤول عراقي بارز في بغداد، عن تحصينات أميركية جديدة في سبعة مواقع عسكرية توجد فيها قوات أميركية في الأنبار وبغداد وصلاح الدين ونينوى وكركوك. وتشمل الإجراءات الأميركية تسيير طائرات مراقبة ودوريات استطلاع حول المعسكرات، ومنع اقتراب أفراد الفصائل المسلحة من محيط وجود الجنود الأميركيين.
وبحسب المسؤول نفسه، فإن السفارة الأميركية في بغداد اتخذت إجراءات أمنية إضافية، كما طلبت من الأميركيين العاملين في مجال الإغاثة والصحافة والمنظمات الدولية وعمليات نزع الألغام ومساعدة سكان المدن المحررة شمال وغرب البلاد، بالحيطة والحذر والاتصال الفوري عبر هاتف ساخن خصص لهم. ولفت المسؤول إلى أن الاحتياطات تأتي تخوفاً من عمليات عدائية ذات طابع انتقامي تنفذها مليشيات عراقية مرتبطة بإيران. وأشار إلى أن "الأميركيين أبلغوا رئيس الوزراء بأنهم رصدوا عمليات تسليح صاروخية غير مبررة لمليشيات محددة من خلال إيران، وأن واشنطن مضطرة للتعامل مع أي تهديد لمصالحها أو مصالح شركائها في العراق ضد أي استفزاز واعتداء عليها".
وتتحدث أوساط عسكرية عراقية في الأنبار ونينوى عن نصب القوات الأميركية منظومة رصد عالية الدقة قادرة على تحديد مكان انطلاق الصواريخ والقذائف المدفعية للرد عليها خلال وقت لا يتجاوز ثلاث دقائق.
وبحسب ضباط في الجيش العراقي، فإن القلق الأميركي محصور في القدرة الصاروخية للفصائل المسلحة الموالية لإيران في العراق، واستمرار تعزيزها ضمن مصانع وورش تطوير خاصة بها. ويضاف ذلك إلى ما تحصل عليه من قبل إيران براً عبر طرق مختلفة بين البلدين، أهمها محافظة ديالى التي تتعرض لعمليات تغيير ديمغرافي واسعة من قبل المليشيات نفسها.
وذكر نائب في البرلمان العراقي الجديد، ويعرّف بأنه مقرب من رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "إيران تستخدم فصائل مسلحة عراقية في المد والجزر مع الولايات المتحدة داخل العراق، وهناك خشية من أن تكون المناطق المحررة مسرحاً لتحرك مسلح من قبل تلك الفصائل". ولفت إلى أن الإيرانيين يريدون إخراج الأميركيين بأي شكل من العراق، ولديهم حالياً نصف البرلمان ملوحين بتشريع قانون "إخراج القوات الأجنبية من العراق، وحكومة وشيكة التشكيل أيضاً لن تكون بعيدة عن الإيرانيين"، على حد قوله.
وشدد على أن الأميركيين باتوا أكثر جدية في مسألة نفوذهم داخل العراق، والوجود العسكري لن يكون قصير الأمد على الأرجح.
وكان زعيم مليشيا العصائب، قيس الخزعلي، قد قال في كلمة له بحفل ديني في بغداد، إن "الصراع الموجود في العراق بين جماعة معينة وأميركا بكل قوتها هو بسبب الحشد الشعبي"، وتابع "نحن ضحينا وحققنا الانتصار العسكري والانتخابي وعلينا تحقيق الانتصار السياسي". واعتبر أن "مواقع التواصل الاجتماعي تدار من قبل الاستخبارات الأميركية"، في إشارة إلى انتقادات طاولت فصائل مسلحة موالية لإيران من قبل الشارع العراقي في اليومين الماضيين على خلفية انتشارها في البصرة وتهديدها سلامة المتظاهرين.
وبرأي عضو التيار المدني العراقي، ماجد غريب الكناني، الذي تحدث مع "العربي الجديد"، فإن الولايات المتحدة تفرّق بشكل واضح بين فصائل مسلحة وأخرى، وتعي أن هناك عشرين فصيلاً رئيسياً على علاقة مباشرة بالحرس الثوري ويقاتل عناصرها في العراق وسورية ولديهم أجندة إيرانية.
ويضيف: "هناك فرق بين فرقة العباس القتالية العراقية، والتي تقلد المرجع علي السيستاني، وبين العصائب التي تتبع مكتب المرشد الإيراني علي خامنئي، وهذا يعرفه كل العراقيين". وأشار إلى أن "الإيرانيين سيصعدون ضد الأميركيين من خلال المليشيات العراقية هذه، وهو ما يقلق الجميع حالياً".