واشنطن تحسم قرار إرسال "المارينز" للعراق... والعبادي يوافق بشروط

13 فبراير 2015
التدخل الأميركي البري بات مجرد مسألة وقت (فرانس برس)
+ الخط -

يحظى التدخل البري الأميركي المحدود الذي تضمنه طلب الرئيس الأميركي باراك أوباما من الكونغرس، قبل يومين، بتأييد سياسي عند الجزء الأكبر من المشاركين في العملية السياسية من العرب السنة والأكراد، بينما ينقسم الصف الشيعي ممثلاً بالتحالف الوطني الحاكم، بين ما يعرف اصطلاحاً بـ "الجناح العراقي" والكتلة الموالية لإيران التي تجد في عودة الأميركيين إلى البلاد، تهديداً حقيقياً لنفوذها.

وتكشف مصادر عسكرية وأخرى سياسية لـ "العربي الجديد"، أن التدخل الأميركي البري، ولو كان محدوداً، في العراق، بات "مجرد مسألة وقت" على الرغم من التحفظ المعلن من قبل الكتل والتيارات السياسية الموالية لإيران في بغداد. ووفقاً لمسؤول عسكري عراقي رفيع المستوى، فقد حزمت واشنطن أمرها بالتدخل البري المحدود في العراق، من خلال قوات مشاة البحرية اللأميركية "المارينز" من الذين خدموا في العراق سابقاً بين عامي 2004 و2007، ممن يملكون تفاصيل واسعة عن طبيعة البلاد، عسكرياً وجغرافياً.

ويقول المسؤول العسكري الذي يشغل منصباً رفيعاً في هيئة رئاسة أركان الجيش العراقي، لـ "العربي الجديد"، إن "الأميركيين أبلغوا رئيس الحكومة حيدر العبادي، بشكل مباشر، استحالة تمكن القوات العراقية والمليشيات من تطهير البلاد وتحقيق نصر على تنظيم داعش خلال العام الحالي والعام المقبل، رغم ما تقدمه طائرات التحالف من دعم لتلك القوات". من هنا، بحسب رواية المصدر العسكري نفسه، أُبلغ العبادي مطلع الشهر الحالي بشكل مباشر باحتمال حصول تدخل بري أميركي محدود النطاق من قوات "المارينز".

انطلاقاً من ذلك، يجزم مقربون من العبادي بأن الأخير لم يتفاجأ بتاتاً بطلب أوباما، أول من أمس، من الكونغرس، السماح لإدارته بتوسيع نطاق الحرب، الجوية والبرية. وحول هذا الموضوع، يلوح خلاف بين العبادي وحلفائه في التحالف الوطني، ممن يتهمونه بعدم صراحته معهم وعدم مشاركته لهم بما يجري في الاجتماعات المتكررة مع المسؤولين الأميركيين في بغداد كل أسبوع، على مدار الشهرين الماضيين، وفيها كرر العبادي أكثر من مرة ما مفاده أن "داعش أخطر من أسلحة الدمار الشامل، وخطر مباشر على أمن العالم، والمسألة باتت أكبر من موضوع تحفظ عراقي على الدخول البري".

وينقل مسؤول عسكري عراقي طلب العبادي من الأميركيين بمنح الجيش والمليشيات فرصة تولي المهمة، وهو ما تمت الموافقة عليه، شرط ألا تتجاوز المهلة ثلاثة أشهر. كلام يؤكده وزير في حكومة العبادي، لـ "العربي الجديد"، متحدثاً عن "بوادر اتفاق أولي بين العبادي والأميركيين يفيد بأن التدخل الأميركي البري المحدود سيحصل في حال صرنا في منتصف عام 2015، وداعش لا تزال تسيطر على محافظات شمال وغرب العراق، خاصة مدن الموصل والفلوجة وتكريت".

وبحسب الوزير نفسه، ينصّ الاتفاق الأولي على ألا يوجد الأميركيون في مناطق نفوذ الدولة العراقية، بل في مناطق الصراع مع داعش في محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين وكركوك. كما ينص على ألا يكون هناك تماس مباشر للأميركيين مع المليشيات والجيش العراقي، فضلاً عن تعهّد الأميركيين بالخروج مباشرة من المدن بعد تحريرها إلى مقراتهم، وأن تكون كل تحركاتهم بالتنسيق مع السلطات العراقية، فضلاً عن التزامهم بمغادرة البلاد بعد التأكّد من "إنجاز المهمة" ليكون إعلان النصر في النهاية "عراقياً". ويبرر الوزير موافقة العبادي بأن التدخل الأميركي "سيقلل خسائر القوات العراقية والمليشيات، ويوفر مزيداً من المال والجهد على العراقيين.

ويقول المحلل السياسي العراقي حارث الحديثي لـ "العربي الجديد"، إن "كل التوقعات تشير إلى فترة ذهبية سيمر بها داعش خلال الأشهر المقبلة، سيستولي خلالها على بلدات جديدة، خاصة في غرب وشمال العراق وقرب بغداد، ما يدفع الحكومة إلى استعجال التدخل البري". ويضيف الحديثي أن "الموضوع ليس نظرية مؤامرة وتسهيل احتلال داعش المدن من أجل دخول الأميركيين، لكن القوات العراقية أُنهكت فعلاً، والمليشيات تستنزف قواتها كل يوم، وهناك ضغط شعبي في الجنوب العراقي، في مقابل تكيُّف عجيب لداعش مع الضربات، وكأن التنظيم امتصّ الصدمة، وبات ينسحب من مناطق ويحتل أخرى في اليوم نفسه". ويخلص الحديثي، نتوقع أن "نرى الدخول الأميركي أمراً واقعاً بعد أشهر، خصوصاً أنه سيحظى بدعم عربي من دول مختلفة أبرزها الأردن والسعودية والإمارات التي تجد التدخل الأميركي أفضل بكثير من التدخل الإيراني، وهو ما يؤيده الأكراد أيضاً والعرب السنة بجزء كبير منهم".