وادي القمر... منطقة سكنية تخنقها سُحُب الإسمنت في الإسكندرية

10 يوليو 2017
انبعاثات المصنع تسبب الأمراض (فيسبوك)
+ الخط -



ذكرت المبادرة المصرية للحقوق والحريات الشخصية، أنه على الرغم من الأوضاع السياسية وإحكام القبضة الأمنية في مصر عموماً، وصعوبة وارتفاع تكلفة التحرك الجماهيري، ما زال أهالي منطقة وادي القمر في الإسكندرية، ينشطون على مواقع التواصل الاجتماعي ويتابعون القضايا ويتقدمون بالشكاوى للجهات المسؤولة ويأملون في تحقيق العدالة البيئية يوماً ما.

وبحسب التقرير الصادر عن المبادرة، أمس الأحد، يعاني سكان منطقة وادي القمر في الإسكندرية، من مصنع إسمنت بورتلاند المجاور لمساكنهم، الذي يضر السكان والبيئة، ويصدر انبعاثات وأتربة جراء عمليات الطحن والتعبئة وغيرها. كما تؤدي الاهتزازات الناجمة عنه إلى تصدع بعض المنازل، إضافة إلى التلوث الصوتي من ضجيج الماكينات المستمر.

ولفت التقرير إلى أن تحول المصنع أخيراً من استخدام الغاز الطبيعي إلى حرق الفحم والمخلفات ضاعف معاناة السكان.

وأضاف التقرير الذي حمل عنوان "الحركة الشعبية في وادي القمر بالإسكندرية من أجل العدالة البيئية، رصد مقاومة الأهالي ضد تلوث البيئة الذي يسببه مصنع تيتان للإسمنت"، أنه منذ سنوات طويلة، احتجوا سلمياً ضد المصنع بكتابة العرائض وتقديم الشكاوى وتنظيم الوقفات الاحتجاجية ومفاوضة المسؤولين في المصنع وشرح قضيتهم لوسائل الإعلام واستخدام السوشيال ميديا، وتصوير الأفلام الوثائقية وإجراء الأبحاث وطرح البدائل المدروسة، واللجوء إلى المجالس المنتخبة المحلية والوطنية وصولًا إلى التقاضي في ساحات القضاء الوطنية. كما تقدموا بشكوى ضد البنك الدولي الذي يموّل الشركة.

وفي مواجهة اللجنة التنسيقية الشعبية في منطقة وادي القمر، حرضت الشركة البلطجية ضدها، واختلقت التهم ولفقت القضايا لأفرادها وحاولت رشوتهم، بحسب التقرير.

وتقع منطقة وادي القمر غرب الإسكندرية على ساحل البحر المتوسط. ويفصل مصنع الإسمنت الواقع شمال المنطقة السكنية بينها وبين البحر. ويبعد السور الجنوبي للمصنع عن المساكن نحو 10 أمتار فقط.





ويذكر الأهالي أن معظم السكان في المنطقة ينتمون إلى قبائل استوطنت هذا الجزء منذ أزمنة طويلة، وعلى وجه التحديد قبيلة أولاد علي وقبيلة جهينة، ويصل تعدادهم إلى نحو 60 ألف فرد.

وعايش كبار السن منهم المنطقة عندما كانت مكانًا للنزهة والاستشفاء، وشهدوا تغيرها بعد أن غزتها المصانع، واخترقتها الطرق.





وأوضح التقرير، أنه بعد عام 2002، وخصخصة المصنع زاد التلوث فزادت معاناة الأهالي وغضبهم، وتكرر تجمع الأهالي العشوائي أمام المصنع. وظهرت بعض القيادات الطبيعية في المنطقة والتي حاولت قيادة التفاوض مع الشركة، لكن لم تصل إلى أي توافق.

للتكيّف مع هذا الوضع، لجأ الأهالي إلى تأسيس اللجنة التنسيقية للدفاع عن أهالي وادي القمر عام 2004، التي وسعت اللجنة عملها تباعاً، وبدأت في توثيق انتهاكات المصنع البيئية بالصور وتقديم شكاوى لوزارة البيئة، وجمع الشهادات وروشتات المرضى ومن الصيدليات، وتوثيق قضايا التعويض التي رفعها بعض الأهالي المرضى ضد الشركة.

ووضعت اللجنة بعض القواعد العامة لعملها منها التعامل بشفافية وعدم التواصل مع الشركة في الخفاء، وعدم التصادم مع البوليس والدولة، وتحييد الميول السياسية وعدم الارتباط مع أي حزب أو جماعة سياسية، والتواصل والتشبيك مع كل منظمات المجتمع المدني والهيئات والأفراد المتعاطفين معهم من كافة التوجهات.

مواجهة منظمة يتبعها الأهالي ضد المصنع(فيسبوك) 


ومع تجميع الوثائق والتحرك المنظم، اكتشف الأهالي عدداً من مخالفات الشركة، أهمها متعلقة بالترخيص. وأوضح التقرير أن الأهالي رفعوا دعوى قضائية ضد الشركة أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية عام 2010 طالبوا فيها بإلغاء ترخيص المصنع لعدم قانونيته. ورغم تقرير هيئة مفوضي الدولة أن الشركة تعمل بموجب ترخيص غير سليم قانوناً ويستوجب إلغاؤه، ما زالت القضية تتعرض للتأجيل المستمر.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2012 نظم أعضاء اللجنة مظاهرة أخرى أمام بوابة الشركة. وتقدم الأهالي في أبريل/نيسان عام 2015 بمساعدة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ومنظمات أخرى بتقديم شكوى إلى مكتب المحقق المستشار لشؤون التقيُّد بالأنظمة في البنك الدولي. وجاءت بعثة فض المنازعات إلى مكتب المحقق لزيارة المنطقة ومقابلة أطراف الشكوى لتقييم الموضع وبحث إمكانية التفاوض.

وساعدت المبادرة الأهالي في إقامة دعوى ضد رئيس الوزراء والشركة وآخرين بخصوص استخدام المصنع للفحم في يناير/كانون الثاني 2016، بعد أن أصدر رئيس الوزراء تعديلاً للائحة التنفيذية سمحت باستخدام الفحم في الأماكن السكنية ومنها وادي القمر.

ونجح الأهالي كذلك، بمساعدة المبادرة في إقامة دعوى جنحة ضد المصنع بسبب مخالفاته قانون البيئة.

وأفاد التقرير، أن المبادرة ساعدت الأهالي في إعداد ملفات وافية عن الموضوع وعرضوها على نواب المنطقة. وبالفعل تقدم نائب من نواب الإسكندرية بطلب إحاطة في لجنة البيئة البرلمانية، وزار عدد منهم المنطقة وتعرفوا على الوضع، وطالبوا المصنع بتحسين أدائه وتقديم خدمات أفضل للمنطقة.


دلالات
المساهمون