استيقظ العالم، صباح الأربعاء، على المرشّح الجمهوري دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، ومتحكماً في مصير العالم. ومع آلاف التحليلات السياسية، التي كتبت بلغات مختلفة، عن الآثار السياسية والاقتصادية التي قد تنتجها أفكار رجل معاد للسود والأقليات، وداعم للديكتاتوريات والتعذيب بحجّة محاربة الإرهاب، ومؤمن بأن المكسيك والصين أخطر على الولايات المتحدة من روسيا، وغيرها من الأمور التي يفتخر بها دائماً، فإن هذا التقرير يتناول، بشكل مختلف، الأثر الذي قد يحدث في أفلام هوليوود، نتيجة التحولات المرتبطة بأميركا، في الأعوام الأربعة المقبلة:
1ـ جيمس بوند لن يكون ممثلاً أسود
أحد التصوّرات المطروحة في الأعوام الأخيرة، بشأن العميل الإنكليزي جيمس بوند، يكمن في الاستعانة بممثل أسود. وقد رُشِّح إدريس ألبا لتأدية الدور في الأجزاء المقبلة من السلسلة، بعد انتهاء مرحلة دانيال كريغ. مع سياسات ترامب، التي تُعلن، صراحة، معاداتها السود، فإن المخاطرة في تاريخ السلسلة، المرتبطة بشكل قطعي بفترة أول رئيس أسود حكم البيت الأبيض، باتت الآن في حكم المستحيل: جيمس بوند سيظل أبيض، وربما سيعذِّب أعداءه أمام الشاشة أيضاً.
2ـ العدو لن يكون روسيّاً
أبدى دونالد ترامب إعجابه مراراً، بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مؤكّداً أنه "قائد قوي وصارم"، وأنه يراه أقوى من باراك أوباما نفسه، مُشيراً، في أكثر من خطاب، إلى أن العلاقات مع روسيا يجب أن تكون محل نظر. لذلك، فإن الروس ـ الذين كانوا لفترة طويلة جداً، بين الخمسينيات والتسعينيات، "العدو الدائم" في أفلام هوليوود ـ لن يكونوا كذلك أبداً بعد الآن، وربما تتّجه الأفلام إلى أن تكون روسيا حليفاً في حرب عالمية ليست بعيدة.
3ـ المكسيك هي المشكلة
لا تتحلّى السينما الهوليوودية بعلاقة ودية مع المكسيك. الأغلب، لديها، يكمن في تصويرها صحراء واسعةً جداً، يتم عبرها نقل المخدرات دائماً، وبأنها "خطر" على الولايات المتحدة الأميركية. هذا الأمر سيتضاعف الآن. ففي خطابات ترشيحه، أبدى ترامب رغبته في إقامة سدّ ضخم (يُكلِّف مليارات الدولارات) لحماية الحدود الأميركية من المدّ المكسيكي، "حيث يرسلون لنا أسوأ من فيهم، وينقلون لنا المخدرات والجريمة والاغتصاب". ما أدّى إلى تحريض الرئيس المكسيكي إنريكو نييتو إلى الردّ عليه، بالقول إن "صعود ترامب شبيه بصعود هتلر". لذلك، ربما ستكون المكسيك عدواً دائماً لهوليوود في الأعوام المقبلة، وسيكون الجدار المزمع بناؤه مادة لحكايات كثيرة.
4ـ المسلمون هم الشرّ الداخلي
بعد 11 سبتمبر/ أيلول 2001، أُنتجت أفلام يكون المسلمون المتطرّفون فيها "العدو"، بذقونٍ طويلة، ويُعدِّون لتنفيذ عمليات إرهابية. لكن، كانت هذه الأفلام محاولة للتفرقة بين المسلمين العاديين والمتطرفين. أما ترامب، فلم يحاول تبيّن ذلك الفرق، إذْ يؤكد على أن المسلمين جميعهم يكرهون الولايات المتحدة، ويدعو بشكل صريح إلى "منع تام للمسلمين من دخول أراضيها". نتيجة لذلك، سترتفع نبرة القلق والخوف من المنتمين إلى الديانة المسلمة، الذين سيتحوّلون سينمائياً، إلى شرّ داخليّ قائم، وقنابل يُنتظر تفجيرها في أي لحظة. ومع الوقت، ربما سيُقتل بعضهم على الشاشة الكبيرة، كأنهم داخل لعبة كمبيوتر، ومن دون اعتذار.
5ـ نسخة حديثة من "الديكتاتور العظيم"
عام 1940، في ذروة صيت أدولف هتلر، حقّق تشارلي شابلن فيلماً كوميدياً ساخراً ومهماً، بعنوان "الديكتاتور العظيم"، يسخر فيه ـ في وقت مبكر، وقبل الجنون الكامل في الحرب العالمية الثانية ـ من سياسات وتوجهات هتلر، وما يفعله في العالم. هذه المرة، الشخص المتطرف موجود في البيت الأبيض، وربما تكون إعادة إنتاج "الديكتاتور العظيم" متاحة جداً، بتصوّر جديد عن "ماذا إذا كان بطل شابلن هو رئيس الولايات المتحدة"؟ ساشا بارون كوهين، قد يتحمّس لتأدية هذا الدور.
6ـ مايكل مور سيصنع "فهرنهايت 11/ 9"
في يوليو/ تموز الماضي، كتب المخرج الأميركي اليساري مايكل مور مقالاً ذكياً جداً، نشره على موقعه الخاص، تنبّأ فيه بفوز دونالد ترامب بالرئاسة، لأسبابٍ عدّة لها علاقة بالمزاج العام المتطرّف، وبأداء المرشّحة هيلاري كلينتون. بدا واضحاً في المقال احتقار مور لترامب، ولكل ما يمثله، ومعلناً فيه معاداته الميل اليميني السائد في العالم. ولأن مور أحد أكثر السينمائيين جرأة واهتماماً بالسياسة، ولأنه أخرج، عام 2004، فيلمه الشهير "فهرنهايت 9/ 11" ("السعفة الذهبية" من مهرجان "كانّ")، وفيه هجاءٌ كبيرٌ للرئيس السابق جورج بوش الابن، فإنه الآن قد يُنجز فيلماً جديداً، في نهاية الأعوام الأربعة لترامب، يسميه "فهرنهايت 11/ 9"، في إشارة إلى تاريخ انتخابه رئيساً.
7ـ سيشتمه أحدهم في إحدى حفلات توزيع جوائز "أوسكار"
تُعتبر حفلة توزيع جوائز "أوسكار" أكبر وسيلة إعلامية للممثلين، خصوصاً ذوي المواقف السياسية، لإعلان معارضتهم الحكومة والرئيس، خصوصاً أن العالم بأسره يتابعها. بين عامي 2002 و2003، بعد 11 سبتمبر/ أيلول، وقبل حرب العراق، امتلأت الحفلتان بخطابات وإشارات سياسية، وصل بعضها إلى حدّ إطلاق الشتائم المباشرة ضد بوش الابن.
الأمر سيتكرّر الآن، نظراً إلى السياسات المنتظرة لترامب، وقد يكون المتحدث أليخاندرو غونزاليس إيناريتو مثلاً، وهو مخرج مكسيكي، فاز بجائزتي "أوسكار"، علماً أنه ـ بحسب قناعات دونالد ترامب ـ يجب أن يرحل أمثاله من أميركا. وقد يكون جورج كلوني، أو ليوناردو دي كابريو، أو أنجلينا جولي، أو روبرت دي نيرو، وهؤلاء لديهم مواقف سياسية واضحة. وعلى الأغلب، سيكون شون بن، من سيشتم ترامب على الهواء، مباشرة، في حفلة "أوسكار" ما.