لم تتحقق وعود "الحزب الاشتراكي" الفرنسي في الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة، ولم يَجد اعترافُ البرلمان ومجلس الشيوخ الفرنسيَّيْن بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس صدىً لدى السلطة التنفيذية، في ظل حديث عن "التعاطف الكبير" للرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، مع إسرائيل.
ولم تقنع الزيارات المتعددة لرئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، إلى فرنسا، خاصة تلك التي شهدت حضورَه في التظاهرة الضخمة في باريس تنديدا بالاعتداء على صحيفة "شارلي إيبدو"، الرئيس الفرنسي بالاعتراف بالدولة الفلسطينية.
وبحسب العديد من المراقبين، لا يُعتبر الأمر غريبا بالنظر إلى رؤية الرئيس الفرنسي، الذي يعتبر من أكثر رؤساء فرنسا "تفهما" للموقف الإسرائيلي، خاصة اليميني المتطرف، إذ ساند الاحتلال الإسرائيلي أثناء العدوان على غزة 2014، وغنَّى، كما نقل الرئيس السابق لمنظمة "أطباء بلا حدود" روني برومان، مع بنيامين نتنياهو أغنية "الحياة الوردية".
وذكر شانيولو أن "هولاند حين يكون مع مسؤولين إسرائيليين يمكن اكتشاف التلقائية والسهولة التي يعبر بهما، وحين يكون مع مسؤولين فلسطينيين، في رام الله، يكون في وضعية حرجة، غير مُرضيَة".
ووصف الباحث الفرنسي لقاء خاصا للرئيس الفرنسي مع طلبة فلسطينيين من غزة عبر شاشات، بالقول: "كان الأمر صعب التصديق، فكأنه كان متجمّداً. كان يتحاور مع ثلاثة طلبة فلسطينيين يتحدثون اللغة الفرنسية بطلاقة، اثنان منهم لم يغادرا غزة أبدا. تحدثوا باحترام شديد للرئيس عن رغبتهم في الحياة وفي حرية التنقل والعمل"، فكان ردّه: "ولكن، يجب التفكير في أمن إسرائيل"، وسط ذهول الحاضرين من رام الله وغزة، "الذين اكتشفوا غياب أي حساسية للرئيس تجاه الفلسطينيين".
وغياب الحساسية هذا جعل هولاند يرفض دعوة وجهها له 154 برلمانيا فرنسيا من توجهات سياسية مختلفة، من بينهم بيير لوروان وماري - جورج بوفي وبوريا أميرشاهي وسيسيل دوفلو وإستير بينباسّا، إضافة إلى ماثيو هانوتين، مدير حملة بونوا هامون الانتخابية، يطلبون فيها منه الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة.
وكان رد الرئيس هولاند، في رسالة جوابية للنواب بتاريخ 28 فبراير/شباط، سلبيّا، إذ أعاد التذكير بمبادرة فرنسا التي تمخض عنها اجتماع 70 بلدا ومنظمة دولية في باريس، كما ذكّر بالقرار الأممي رقم 2334 الذي دان الاستيطان الإسرائيلي، والذي لعبت فرنسا دوراً في صدوره.
ويبدو أن الرئيس الفرنسي لا يريد أن يغضب رئيس الوزراء الإسرائيلي، ولا المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا، الذي كان ضيفَه الكبير في 22 فبراير/شباط الماضي.
ثمة بعض الأمل في الاعتراف بالدولة الفلسطينية في حال وصول المرشح الاشتراكي، بونوا هامون، بحسب ما وعد به الرئيسَ الفلسطيني أثناء لقائهما بباريس، أخيرا.
ويبقى هامون المرشح الوحيد، حتى الآن، الذي عبَّر، صراحة، عن هذا التعهّد.