هواجــس مرتعـــد

31 مايو 2014
+ الخط -

حديثك اللحظي معي أصبح جزءاً من كياني، لا ينفك صراخك المقيت في أذنى أبد الدهر، ما دمت حياً أرزق في دنيا الله. استعبدت قلبي، وأرهبت نفسي، وأبكيت روحاً كان جُـــلّ ذنبها أنها ارتضت بجسدي سكنـاً لها.
ضاق صدري بأنفاسه، فلم يقوَ كياني على مجابهتك، فلقد تعودت عليك شديد العزم، قوي الشكيمة، عظيم الشأن بين ضلوعي.
استـذأبت في وضح النهار، واستمتعت بنهم في غياهب الظلام.
لعلك مثَلي الأعلى في الإصرار، فحينما اعتلتك الرغبة في أن تسكنني، أصبحت رداءك الذي تحرص على أّلا تخلعه، فتحيا حاضري وتستشرف معي مستقبلي.
ترددت كثيراً قبل مواجهتك، لكنني، اليوم، أستجمع قواي، وأخاطبك بملء فمي "كفــــــــــــــــــــــــى".
كفى، أيها الخوف، آلمتني وأرهقتني، وباعدت بين جفوني، واقتلعت قلبي من الضلوع. كفى خوفـاً من المستقبل وعليه، كفى خوفـاً على النجاح ومن الفشل، كفى خوفـاً من البشر وعليهم، كفى خوفـاً من الشقاء وعلى السعادة، كفى خوفـاً من الخطأ، كفى رهبة من الشيء واللاشيء.
نعم أيها الخوف، ما أروع أنفاسي بدونك، وما أمتع الحياة خالية من شوائبك!
قديمـاً، جابهتك ليلاً، فقد كنت أخشى عيونك في وضح النهار، أما اليوم، فأواجهك ليل نهار سرّاً وجهاراً، اليوم، أواجهك لعلّي أتخلص من عذاب دفين، يسكن أعماق نفسي في أبعد نقطة، داخل وجداني، لا أقوى على لمسها، أو حتى النظر إليها.
عذراً عن هذه المواجهة، بعد طول المعشر، لكنك أجبرتني على هذه الفعلة، فلقد قتلت بداخلي أسمى معاني الوجود، حيث افتقدت الثقة، وتباعدت عني القوة، وكـُبتت في داخلي طاقة الحلم الخلّاقة.
لكن، فيمَ الاعتذار وعلى أي شيء الأسف، فالاعتذار يأتي من خاطئ نادم على خطئه، وما أظن نفسي مخطئاً في مواجهتك، فما قيمتك أنت، بجوار هذه القامات الشامخة؟ أتنتظر مني أن أؤثّرك فيهم، وأترك ناصيتي بيدك؟ هيهات أن تظن هذا الهراء، فقد أضعف بين يديك، ولكن، أبداً لن أسحق تحت قدميك.
اليوم، وبعد طول عناء ستفارقني رعشتك، وتتباعد عني رجفتك، وسأنسى للأبد عشق النوم. ولا تخش أن تراقبني من بعيد، فلن يضيرك هذا في شيء، ولكن حذار أن تقترب من ظلي، فنار غضبي ستحرق أحشاءك قبل أطرافك، وستقبر روحك قبل جسدك، ولا عزاء لك عندي.

 

avata
avata
أحمد رشاد (مصر)
أحمد رشاد (مصر)