هنيئاً إذن للفرنكفونية!

18 مارس 2017
أرنو لابيير/ فرنسا
+ الخط -
شهدت السنوات القليلة الماضية اهتماماً فرنسياً رسمياً في تكثيف حضور "الفرنكفونية" الثقافي في البلدان غير ناطقة بالفرنسية حول العالم، وهو ما يعكسه تنظيم عشرات الفعاليات والمؤتمرات في مدن عربية مثل القاهرة وعمّان ورام الله والدوحة وأبوظبي ومسقط.

بدءاً من الثامن عشر من الشهر الجاري وحتى السادس والعشرين منه، أعلن عدد من المعاهد الثقافية الفرسية عن انطلاق "الأسبوع العالمي للغة الفرنسية والفرنكوفونية" الذي يقام بالتنسيق مع السفارات السويسرية والكندية والبلجكية في عواصم المنطقة.

تلفت البيانات الصحافية للتظاهرة إلى أن الهدف الأساسي من إقامتها –في بلدان لا تنتمي إلى المنظومة الفرنكوفونية- تتمثّل في نشر اللغة الفرنسية وعدد المتحدّثين فيها، ويُمكن النظر إلى إنشاء فروع للجامعات الفرنسية، خاصة في دول الخليج ضمن هذا السياق.

يظهر هدف آخر عبر تنويع برامج "الفرنكفونية" لتشمل تعريفاً بالمطبخ الفرنسي والموضة ونمط العيش والسينما والمسرح بوصفها "أداة للدبلوماسية الثقافية التي تنشر الإشعاع الفرنسي"، بحسب المنظّمين، وهي عبارة تُحيل إلى جهود تساعد باريس في ترويج منتجاتها الاقتصادية وتعزيز استثماراتها في بلدان لم تخضع سابقاً للاستعمار الفرنسي.

في عمّان، تنظّم زيارات لدبلوماسيين فرنسيين إلى المدارس الحكومية والخاصة وعدد من الجامعات، كما تُعرض مسرحية "كاره البشر" لـ موليير من أداء "فرقة الكوميديا الفرنسية"، وفيلم الرسوم المتحرّكة "أداما" لـ سيمون روبي، وأفلام قصيرة ناطقة بالفرنسية من رومانيا وسويسرا، ويقام حفل موسيقي لفرقة "تريبو".

وتُعقد محاضرة للكاتبة الكندية أنتونين ماييه، بالتعاون مع السفارة الكندية، إضاف إلى تخصيص ورشات عمل في المولات التجارية والفنادق لتعلّم الطبخ الفرنسي.

في مصر، التي تمتاز بوجود طبقة حافظ أبناؤها على تعلّم الفرنسية تاريخياً، انتظم مؤتمر "وجهات نظر المرأة الفرنكوفونية شمالاً وجنوباً" في "مكتبة الإسكندرية"، بمشاركة عشرات الباحثين في مجالات الصحة والتعليم والإعلام من تونس ولبنان وفرنسا إضافة إلى مصر.

ركّز المؤتمر على التنمية والاقتصاد بالدرجة الأولى، إلى جانب فعاليات أخرى أقامها "المركز الثقافي الفرنسي" في القاهرة ومدن أخرى كما جرت العادة كلّ عام.

خليجياً، يأخذ الحضور الفرنسي بعداً آخر للاستثمار في التعليم والثقافة، مع افتتاح فروع لجامعات ومدارس فرنسية معروفة هناك، إلى جانب استضافات دائمة لمقتنيات متاحف ومعارض باريسية.

في المقابل، لا نكاد نلحظ مبادرات عربية منظّمة ومُمأسسة لنشر الثقافة العربية في العالم رغم تأثيرها التاريخي وفرصها الكبيرة للتأثير؛ في حين تبدو دولنا ومؤسساتنا بارعة أشدّ البراعة ومنفتحة أشد الانفتاح في "الاستقبال" من المركز، لا في الإصغاء الثقافي لفرص الحوار التي نحتاجها فعلاً. هنيئاً إذن للفرنكفونية!

المساهمون