هند المطيري: تضامن بجرعات خفيفة

27 ديسمبر 2015
"لا أسطورة لا بطل"، فيصل سمرة / السعودية
+ الخط -

قبل أقلّ من أسبوعين، مُنعت الشاعرة السعودية، هند المطيري، من أية مشاركة أدبية في مدينة مكّة، إثر إلقائها قصيدة في "معرض جدة للكتاب" بعنوان "ويحَ القبيلة"؛ تعرّضت فيها بالنقد لسلطة القبيلة على الفرد.

مرّ الأمر مروراً بليداً في المشهد الثقافي السعودي، إذ لم يتحرّك المثقفون هناك، ولم يُسمع منهم صوت تضامني معها. وكذلك الأمر بالنسبة إلى الصحافة السعودية، لم يرد فيها شيءٌ حول الحادثة، سوى أخبار رسمية عن منعها من قراءة الشعر في مكّة بأمر من أميرها "الشاعر" خالد الفيصل.

وفيما يرى بعضهم أن هذا المنع سينسحب على بقية المناطق، متسائلين: "من سيجرؤ على دعوة المطيري إلى قراءة الشعر بعد منعها؟"، تُشير دلالات الحادثة إلى أنّ لبساً مستمرّاً يسيطر على التعامل مع النصوص الأدبية، ومحاكمتها خارج الإطار الشعري.

يُرجع بعضهم هذا الصمت إلى أن نسبة كبيرة من المثقفين والكتّاب السعوديين من أصل قبَلي؛ ما يعني أن قصيدة المطيري مسّتهم في العمق، بل وأزعجت كثيراً منهم، وفق تعليقات قليلة في مواقع التواصل.

يرى المتابعون أن عدم إعلان أي موقف مناهض لمنع المطيري، يكشف عن تناقضات المثقفين وازدواجيتهم؛ بين صورة الكاتب الذي يريد أن يكون حداثياً في الحياة العامة، ثم يعود إلى قبيلته ويتعايش معها بكل تقليدية ويدافع عن منظومتها إن تعرّض إليها أحدٌ بالنقد، مع أنّ التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي عرفتها السعودية في العقود الأربعة الأخيرة، خلخلت من فكرة تماسك القبيلة.

أياً يكن الأمر، فمن اللافت أن فكرة التضامن في الوسط الثقافي السعودي ضمن سياقاتٍ كهذا، هي فكرة نادرة الحدوث، إلا في استثناءات قليلة، مثل التضامن مع الأكاديمي سعيد السريحي عندما سُحبت شهادته قبل 28 عاماً بسبب "مخالفته للقيم والمناهج التي تسير عليها الجامعة (أم القرى)".

ولعل عاصفة التضامن، العربية والأجنبية، التي هبت من خارج السعودية وانتقدت حكم إعدام الشاعر الفلسطيني أشرف فياض، هي ما أحرج المثقفين السعوديين، ودفعت قلة في المشهد الأدبي إلى التضامن وتسجيل موقف منحاز إلى فياض.

غير أن الأصوات السعودية التي تضامنت مع فياض في الصحافة، كانت في غالبيتها من الأسماء التي تكتب في زوايا الرأي، وليس في الصفحات والملاحق الثقافية التي، في ما يبدو، تخضع لسلطة رقيب آخر.

عموماً، لا يزال المجال والوقت مفتوحَين ليتضامن المثقفون السعوديون مع المطيري، بغضّ النظر عن حسابات النقد الفني وجودة القصيدة، خصوصاً عندما تتحوّل المسألة إلى سابقة قد تطاول كتّاباً آخرين قد يتعرّضون إلى نقد واحد من تابوهات المجتمع السعودي، فيكون مصيرهم المنع، أو السجن.


اقرأ أيضاً: السعودية: مسلسل منع طويل

المساهمون