همّهم مغادرة لبنان

03 يناير 2016
كثيرون هنا يشعرون بالخوف (العربي الجديد)
+ الخط -
ترك أبو محمد الكردي سورية بعدما اشتدت المعارك في مخيم اليرموك، وأُحكم الطوق عليه من قبل الجيش السوري. كثرت الحواجز أيضاً. وإذا ما نجا أحدهم من الحاجز الأول، يصعب أن ينجو من الثاني أو الثالث، على حد قوله. يتحدر الرجل من منطقة بصقع في قضاء صفد في فلسطين، وقد عاش حياته في سورية.

كان يقطن في مخيم اليرموك قبل أن ينزح إلى لبنان، ويسكن في غرفة صغيرة في مبنى تجاري في مدينة صيدا (جنوب لبنان). كان صاحب المبنى قد قرر فتح أحد طوابقه لاستقبال النازحين السوريين. يقول: "في سورية، كنت أعيش حياة كريمة. كنت أعمل في التجارة، وقد نجحت في تأمين بيوت لأولادي. لكن بعد الأحداث في مخيم اليرموك، تركت كل شيء وجئت إلى هنا". يتابع: "اضطر أولادي إلى تغيير تخصصاتهم في الجامعات لتعذّر العودة إلى سورية وجلب الأوراق اللازمة. اليوم، يفكر أولادي بالهجرة. أنا أيضاً، يعيقني فقط عدم حيازتي على جواز سفر، واستحالة العودة إلى سورية لأننا مطلوبون من النظام السوري".
يخشى الكردي أيضاً أن يطلب أولاده للالتحاق بالجيش، كما حدث مع بعض أقاربه. يقول: "التحق ابن أخي بالجيش منذ بداية الأحداث. ولا يمكن للشباب اليوم الاستقالة من هذه الخدمة".

يتابع لـ "العربي الجديد" أن النظام السوري اعتقل شقيقه، وقد اتصلوا به ليحصل على شهادة وفاته. في وقت لاحق، عرف أنه ما زال على قيد الحياة. لكن حتى هذه اللحظة، ليس متأكداً إن كان ما زال على قيد الحياة، أم أنه مات نتيجة التعذيب. كذلك، فإن والده طاعن في السن، ولا يستطيع الذهاب إلى أي مكان للبحث عنه، لافتاً إلى أنه لم يكن هناك أي تهمة موجهة إلى شقيقه. كذلك، أصيب شقيق آخر بالرصاص بعدما أطلق عليه أحد عناصر النظام النار، وذلك قبل فرض الحصار على مخيم اليرموك. كل ما حدث أدى إلى تشتت العائلة. هناك من خرج من المخيم، فيما أصر آخرون على البقاء فيه.

يقول الكردي: "في بداية المعارك، لم نترك المخيم. في وقت لاحق، صار القصف قريباً من بيتنا، وذلك قبل بدء الحصار. كان يمكن الخروج من المخيم والدخول إليه، فقررنا النزوح عنه. وبعدما اشتد الحصار على المخيم، صار ممنوعاً الخروج منه والعودة إليه".

غادر الكردي سورية، فيما اختار والده البقاء في إحدى المناطق الخاضعة لسيطرة النظام. يضيف: "كون زوجتي فلسطينية كانت تعيش في مخيم عين الحلوة في صيدا، قصدته فور وصولنا. لكن الأوضاع الأمنية السيئة في المخيم، بالإضافة إلى عدم تمكننا من استئجار منزل، دفعنا للبحث عن مكان آخر. وقع الاختيار على هذا المبنى، وكانت لنا غرفة فيه، علماً أن المرحاض مشترك لجميع العائلات الموجودة في الطابق".

يتابع الكردي أن أولاده يعملون ويتعلمون في الوقت نفسه. اختاروا الالتحاق بالجامعة اللبنانية لعدم قدرتهم على تحمل تكاليف الجامعات الخاصة. لكنهم اضطروا إلى تغيير تخصصاتهم. الابن الأكبر كان يدرس المعلوماتية في سورية، والثاني إدارة الأعمال. لكن كان صعباً اثبات ذلك لأن جميع الأوراق ما زالت في سورية. في الوقت الحالي، يدرس الأول التاريخ والثاني الجغرافيا.

يضيف: "في البداية، حين جئت إلى لبنان، كنت أعمل. لكنني عاجز عن العمل في الوقت الحالي لأنني أعاني من آلام في الظهر. اليوم، أبلغ من العمر ستة وخمسين عاماً، ولم أعد قادراً على تحمل المهن المتعبة". يضيف: "شاركت في العديد من التظاهرات ضد الأمم المتحدة للمطالبة بالهجرة، علماً أن وجودنا في لبنان ليس شرعياً. وحتى أتمكن من تأمين إقامات لجميع أفراد العائلة، أحتاج إلى 1200 دولار سنوياً"، مشيراً إلى أنه عاجز عن تأمين هذا المبلغ.

يضيف: "لهذا السبب أفكر بالهجرة. بين الحين والآخر، يداهم الجيش اللبناني المكان الذي نعيش فيه، ويعتقل أولئك الذين ليس لديهم إقامات. كثيرون هنا يشعرون بالخوف، بسبب كيفية معاملة النازحين".

اقرأ أيضاً: السجن بدلاً من الهجرة