تقف هذه الزاوية مع شاعر عربي في علاقته مع قارئه وخصوصيات صنعته ولا سيما واقع نشر الشعر العربي المعاصر ومقروئيته.
■ من قارئك؟ وهل تعتبر نفسك شاعراً مقروءاً؟
- أعتقد أن قارئي هو من يُقبِل على الإبداع دون أي شروط مسبقة وتصوُّرات قبلية. كلُّ شاعر بالبداهة هو شاعر مقروء، حتى لو كان من لدن ذاته! أمّا إذا قصدتَ هل أنا شاعر له جمهور غفير، فبالطبع لا!
■ كيف هي علاقتك مع الناشر، هل لديك ناشر وهل هو الناشر الذي تحلم به لشعرك؟
- علاقتي بالناشرين الذين تعاملتُ معهم طيّبة؛ إذ ليس لي طلبات كثيرة عند النشر، فقط كل ما يهمُّني أن يخرج الكتاب سريعاً، وفي صورة لائقة. ليس لدي ناشر محدّد، لكنني سعيد بتجربتي مع "دار الآن ناشرون" التي أصدرت ديواني الأخير "في مديح البلدات الصغيرة"، وأتمنّى أن يدوم التعاون بيننا.
■ كيف تنظر إلى النشر في المجلّات والجرائد والمواقع؟
- النشر في المجلّات والجرائد والمواقع مهمّ وأمر إيجابي، بشرط ألّا يجعلها المبدع غاية، فهي نافذة يطلّ منها القرّاء على نصوص الشاعر. لا يصح للشاعر أن يتمثّل وجاهةً ما لأنه نشر هنا أو هناك. الوجاهة الحقيقية تكون داخل النص لا في الوسيلة التي تعرضه.
■ هل تنشر شعرك على وسائل التواصل الاجتماعي، وكيف ترى تأثير ذلك في كتابتك أو كتابة زملائك ممن ينشرون شعرهم على وسائل التواصل؟
- لا أحب النشر عبر صفحات التواصل الاجتماعي؛ لأن لكلّ مقام مقالا. الأمر محفوف بمخاطر جمّة منها أن الشاعر الحريص على النشر على صفحات التواصل لن يستطيع، بعد وقت، التعامل بجدية مع نصّه، طالما صار بمقدوره وضع النص على الصفحة متى يشاء وأن يحذفه متى يشاء أيضاً. وأرى أن الجميع على مواقع التواصل يتعاملون مع كل شيء باستخفاف. ولعلّك تتّفق معي في أن المهتمّ الجاد سيبحث عن الإبداع في أماكن أخرى.
■ من قارئ الشعر العربي اليوم في رأيك؟
- قارئ الشعر العربي هو قارئ الشعر في أي مكان وأي زمان، هو الإنسان بكل إحالات الكلمة، كهل، شاب، ربة منزل، طالب... منهم الحريص على المتابعة وشراء الكتاب، ومنهم من يقع على الشعر بالصدفة، فيمنحه من وقته واهتمامه، ثم ينساه إلى أن تعيده مصادفة أخرى... وتلك هي رحمة الشعر ورحابته؛ أنّه يقبل الجميع ويتّسع للجميع.
■ هل تُوافق أن الشعر المترجم من اللغات الأخرى اليوم أكثر مقروئية من الشعر العربي، ولماذا؟
- ليس اليوم فقط! والظاهرة لا تخفى على أحد. أمّا لماذا، فالأسباب كثيرة لا مجال لحصرها، لكن أهمّها التركة الثقيلة التي توارثناها، ثقيلة بمنجزها الإبداعي العظيم، وثقيلة أيضاً بعيوبها وما تضمّنته من ثرثرة ولغو. سبب آخر خاص بعملية القراءة، المجال الإنساني الذي يُنتج قارئاً يرى في قراءة كل قصيدة ولوحة وعمل فني مغامرة طليقة، يختلف عن مجال آخر أفرز قارئاً لا يفتّش إلّا عمّا يعرفه ويأنس به. أحدهما يقرأ ليستكشف صيغاً للوجود تثري حياته وتعمّق فيه الحس بكونه إنساناً، بينما الآخر يقرأ ليستهلك ما تم استهلاكه وليفرغ شهوة إصدار الأحكام.
■ ما مزايا الشعر العربي الأساسية وما نقاط ضعفه؟
- من مزايا الشعر العربي ثراء الرؤى وتعدُّد التجارب. ومن نقاط ضعفه الثرثرة والعشوائية. وأقصد بها اختلاط الأمر على المهتمّين؛ شعراء وقرّاء، يخلطون بين الشعر والإنشاد، بين الشعر والإصلاح الاجتماعي، بين الشعر والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر!
■ شاعر عربي تعتقد أن من المهمّ استعادته الآن؟
- توفيق صايغ. تجربته في الكتابة امتداد لمعاناته كإنسان مع الدين والوجود والهوية.
■ ما الذي تتمنّاه للشعر العربي؟
- أمنية مستحيلة، أتمنى أن يتخلّص ديوان العرب من كل ما هو ليس شعراً. كل شاعر يقوم بذلك فردياً فيحدُّد مختاراته، لكنه محكوم بذائقته ودرجة وعيه، وكذلك تبقى الأمنية مستحيلة على المستوى العام ولعموم القرّاء.
بطاقة
شاعر مصري من مواليد دمنهور سنة 1973. صدرت له أربع مجموعات شعرية هي: "حروب وهزائم" (2004)، و"الحنين... سلّة المفقودات" (2010)، و"ثمّة أشياء لن يجرّبها" (2012)، و"في مديح البلدات الصغيرة" (2018).