هموم شعرية: مع عبد العظيم فنجان

26 يناير 2019
(عبد العظيم فنجان)
+ الخط -

تقف هذه الزاوية مع شاعر عربي في علاقته مع قارئه وخصوصيات صنعته ولا سيما واقع نشر الشعر العربي المعاصر ومقروئيته.


■ من هو قارئك؟ وهل تعتبر نفسك شاعراً مقروءاً؟
- نعم، أعتقد أنني شاعر مقروء، وهناك قرّاء كثيرون لي، وهم في تزايد. يمكن القول إن قارئي شاب، ويمكن أن يكون أيضاً أكبر. لعلّ الفئة العمرية هنا مهمّة، لأن موضوع شعري كلّه، تقريباً، هو الحب، كونه يمثّل مشكلة إنسانية تتداخل فيها عناصر الفلسفة وعلم الاجتماع، إضافة إلى أن الحب يُعتبر حلاً جوهرياً بديلاً من الأيديولوجيات الدينية والسياسية التي أثبتت فشلها عربياً.


■ كيف هي علاقتك مع الناشر، هل لديك ناشر وهل هو الناشر الذي تحلم به لشعرك؟
- تولّت "دار الجمل" طبع كتبي الشعرية الخمسة. كان هناك تفهّم من الناشر، بل كان ثمّة تناغم رائع بيننا، لكن خلافاً روحياً عميقاً مع الصديق خالد المعالي، صاحب الدار، كان سبباً في افتراقنا: طلاق دون عودة، وها أنا دون ناشر، رغم كثرة العروض من دور نشر أخرى، لكنني متريّث، رغم أن الزمن يجري على حساب ما أكتب، فأنا غزير في الكتابة. أعتقد أن المشكلة هي في توزيع الكتاب، فتجربتي مع "الجمل" وضعتني في صورة واقعية للتوزيع، وهي صورة سيّئة بالنسبة إلى الكاتب أو الشاعر، حين لا يصل كتابه إلى قرّاء هم بحاجة إليه.


■ كيف تنظر إلى النشر في المجلات والجرائد والمواقع؟
- كان النشر قبل ثورة الاتصالات يمثّل مشكلة كبيرة، فأنت خاضع لشروطٍ معظمها غير ثقافية، لكن عالم الاتصالات حلَّ المشكلة، مع أنني قليل النشر أصلاً. لكن ذلك جلب مشكلة أفدح هي اختلاط الأخضر باليابس، النوعي والمستهلَك، التجاري والإبداعي. إن النشر، في عالمنا العربي، لا يزال يعتمد على العلاقات، وليس على حرية الأفكار، أو على القيمة النوعية للمادة المكتوبة، وهكذا فعالمنا الثقافي غارق بأسماء ثقافية كسبت صيتها من خلال العلاقات، لا من خلال إنتاجها، إلّا في ما ندر.


■ هل تنشر شعرك على وسائل التواصل الاجتماعي، وكيف ترى تأثير ذلك في كتابتك أو كتابة زملائك ممن ينشرون شعرهم على وسائل التواصل؟
- معظم نشاطي الإبداعي يتم من خلال وسائل التواصل، بل إن القارئ العربي لم يعرفني إلّا من خلالها. صحيح أن هذه المواقع متاحة للجميع، لكن القارئ المتميّز أو القارئ الشقيق يستطيع التمييز بين الطارئ والأصيل.


■ من هو قارئ الشعر العربي اليوم في رأيك؟
- كثيرون زعموا موت الشعر، لكنهم لم يقدّموا الدليل، فالشعر ما زال حياً. صحيح أنه تخلّى عن وظيفة الدعاية والتبشير القومي والديني والسياسي ـ أعني الشعر الحديث ـ وصحيح أنه صار يعكس تشظّي الفرد، وتخلّى عن هموم القبيلة والعشيرة، لكنه بهذا قد عاد إلى أصله، فالشعر هو غناء الروح المثقلة بالألم والتوبيخ والثمالة، وليس غير ذلك قطعاً، ولذلك فإنه يجد نفسه محفوفاً بعناية أولئك المجروحين والحالمين، وهم وحدهم مَن يقرأون الشعر العربي.


■ هل توافق أن الشعر المترجم من اللغات الأخرى هو اليوم أكثر مقروئية من الشعر العربي، ولماذا؟
- نعم، الشعر المترجم أكثر مقروئية، لأنه أكثر وضوحاً وعمقاً من معظم الشعر العربي الذي استسهل كتابتَه قليلو الموهبة والخبرة.


■ ما هي مزايا الشعر العربي الأساسية وما هي نقاط ضعفه؟
- نقطة ضعف الشعر العربي تتلخّص في كون معظمه ـ عدا استثناءات قليلة ـ اتّجه نحو اللغة، لا إلى التجربة. أعني أنه مجرّد اجتهاد لغوي خال من حرارة المخاض والألم، وهو بذلك يعبّر عن تجربة لغوية محضة لا عن خبرة حياتية أو تجربة روحية. الشعر ـ في تقديري ـ هو التناغم الخلّاق بين التجربة وبين اللغة.


■ شاعر عربي تعتقد أن من المهم استعادته الآن؟
- أعتقد أن شاعراً نقياً كأنسي الحاج مرشّح لهذه الاستعادة، خاصة كتابه الفذ "خواتم" الذي لم يظهر في رأيي كتاب يوازيه لحد الآن.


■ ما الذي تتمنّاه للشعر العربي؟
- أن يتخلّص من أوهام تغيير العالم، فهذا الأخير لن يغيّره إلّا الاقتصاد، وليكن دور الشعر هو المحفّز، المرشد إلى مناطق إنسانية أخرى جديدة وغير مكتشفة.


بطاقة
شاعرٌ عراقي من مواليد سنة 1955. صدرت له خمس مجموعات شعرية، هي: "أفكر مثل شجرة" (2009)، و"الحب حسب التقويم البغدادي" (2011)، و"الحب حسب التقويم السومري" (2013)، و"كيف تفوز بوردة؟" (2014)، و"كمشة فراشات" (2016).

المساهمون