هل يُفشل مصير الأسد مفاوضات جنيف؟

27 مارس 2016
اتفق لافروف وكيري على تسريع العملية السياسية (فرانس برس)
+ الخط -
بدأت التفاهمات الروسية الأميركية التي تمّت أخيراً في موسكو، تلقي بظلالها على المشهد السياسي السوري، تحديداً لجهة تحديد مصير الرئيس بشار الأسد، وتأجيل بحثه في الفترة الراهنة، لاعتبار المعارضة السورية أن ذلك يعني فشل المفاوضات بينها وبين النظام، التي من المفترض أن تُستأنف في جولة ثالثة في جنيف السويسرية، بين 9 أبريل/ نيسان و11 منه، على أن يصل وفد النظام بعد "الانتخابات النيابية"، التي سيُنظمها في 13 أبريل.

وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري، قد التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ووزير خارجيته سيرغي لافروف، ساعات عدة في العاصمة الروسية موسكو، يوم الخميس، نتج عنها العديد من التفاهمات، بما يخصّ الملف السوري ومصير المفاوضات المقبلة.

في هذا السياق، ذكر سيرغي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي، بعد اللقاء، أن "واشنطن باتت تتفهّم موقف موسكو حول ضرورة عدم بحث مستقبل رئيس النظام السوري بشار الأسد في المرحلة الراهنة"، مشيراً إلى أن "المسار السياسي أصبح ممكناً، بفضل تفهّم واشنطن لموقف موسكو المبدئي، بتأجيل البت في مصير الأسد".

كما اتفق الطرفان على تسريع عملية الانتقال السياسي في سورية، والضغط باتجاه إجراء مفاوضات مباشرة بين النظام والمعارضة، والإفراج عن المعتقلين، وكتابة دستور جديد للبلاد بحلول شهر أغسطس/ آب المقبل. ولا يبدو أن المعارضة، ممثلة بالهيئة العليا للمفاوضات، في صدد التراجع عن موقفها الرافض لأي دور لبشار الأسد وأركان حكمه، لا حالياً ولا مستقبلاً. وقد أعلنت أن استمرار الأسد في السلطة ولو في مرحلة انتقالية، يُعتبر من الخطوط الحمراء للثورة السورية، التي لا يمكن القفز فوقها مهما كانت الظروف والمعطيات والضغوط الدولية.

في هذا السياق، أكد المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات، رياض نعسان آغا، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "التصريحات الروسية حول مصير الأسد تُهدّد بفشل المفاوضات مع النظام في جنيف"، مضيفاً أنه "حين نتأكد من الجانب الأميركي من دقة هذه التصريحات، سنناقشها في إطار الهيئة العليا، وإذا صحّت فستعني فشل المفاوضات للأسف، لأن الراعيين الأساسيين لها، هما روسيا والولايات المتحدة، تعلمان أن الانتقال السياسي لا يتحقق إلا حين ينتهي دور الأسد، وأركانه".

اقرأ أيضاً السويداء والثورة السورية: "نأي بالنفس" عن محاولات الاستقطاب

من جهتها، ترى سهير الأتاسي، عضو وفد المعارضة السورية المفاوض، أن "الاتفاق الروسي الأميركي يتحدث عن انتقال سياسي"، مضيفة في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن "العالم بأسره بات يعلم أن الأسد هو العائق الأساسي والمعطّل الرئيسي في عملية انتقال حقيقية، وبقاؤه ما هو إلا تقويض لجوهر المفاوضات المتفق عليه في قرارات الشرعية الدولية كافة".

وتمضي الأتاسي في القول إن "قرارات الشرعية الدولية تؤكد على دور السوريين في قيادة العملية السياسية، وفي اختيار من يمثلهم في المفاوضات ومن يعبّر عن مواقفهم التفاوضية. وقد كان دور الهيئة العليا للمفاوضات جلياً بهذا المعنى، خصوصاً في تطبيق الهدنة، من أجل وقف الأعمال العدائية. بالتالي إن التزام قوى الثورة بها، دليل على قوة تمثيل الهيئة العليا للمفاوضات للشعب السوري، فهي التي رعت هذا التطبيق، وهي من تحدد هدف العملية السياسية بتحقيق الانتقال السياسي الجذري والشامل، عبر تشكيل هيئة حكم انتقالي تُمارس كامل السلطات على ألا يكون للأسد وأركان نظامه دور من بدء المرحلة الانتقالية".

ويؤكد الإعلامي يحيى العريضي، عضو الوفد الاستشاري لوفد المعارضة في مفاوضات جنيف، أنه "لا يُمكن للمعارضة التنازل عن الجسد السياسي الانتقالي"، مضيفاً في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن "الروس يدركون هذه الحقيقة جيداً". ويشير إلى أن "هذا الجسم الانتقالي ليس مطلب الهيئة العليا للمفاوضات فحسب، بل يشكّل مطلباً لطيف واسع من المعارضين السوريين المستقلين"، لافتا إلى أن "سحب الصلاحيات المطلقة لبشار الأسد لصالح هيئة حكم انتقالي، تعني بالضرورة تقويض نظام بشار الأسد، وهذا ما تدركه موسكو".

ويلفت العريضي إلى أن "العدالة الانتقالية التي ستطبّق في سورية، لا بد أن تعني محاسبة بشار الأسد وأركان حكمه"، موضحاً أن "هناك وثائق عمرها أربع سنوات ونيّف، تؤكد ارتكابهم لجرائم بحق الإنسانية، لا يمكن لأي طرف غض النظر عنها". ويضيف أن "هناك مساع جدية لإيصال الوثائق لمحكمة العدل للشروع في المحاسبة الدولية"، مبيّناً أن "هناك ادعاءات شخصية من سوريين على بشار الأسد وأركان سلطته غير قابلة للإسقاط".

ويعرب العريضي عن اعتقاده بأن "هناك تفاهماً روسياً أميركياً على قضايا أخرى، كالقضية الأوكرانية، فرفع العقوبات الاقتصادية عن روسيا الاتحادية سينعكس انفراجاً على الملف السوري"، مشيراً إلى "احتمال حدوث محادثات مباشرة بين وفدي المعارضة السورية والنظام في جولة جنيف العتيدة". ويلفت العريضي إلى أن "النظام لا يريد مفاوضات مباشرة لضرب مصداقية الهيئة العليا للمفاوضات ولصنع معارضات أخرى مهادنة له، لا تمانع في المشاركة في ما يُسمى حكومة وحدة وطنية، تضمن بقاء بشار الأسد في السلطة". مع العلم أن مصير الأسد يبقى العقبة الكأداء أمام مضي المفاوضات في الطريق الذي يفضي إلى إيجاد حل سياسي في سورية.

اقرأ أيضاً: جدل أميركي حول "الإبادة" بسورية... وإدارة أوباما تهادن النظام

المساهمون