قال أحدهم لآخر: "فلان مريض"، أجاب الآخر: "غير معقول، شاهدته أمس وكان في صحة جيدة". هذه هي حال طائر "طير الغل" أو "الترغل" كما يعرفه كثيرون في لبنان والعالم العربي.
كم تباهى الصيادون بحلول موسم صيد الترغل وما اصطاد منه كلّ منهم. هو الطائر الواسع الانتشار والكثير العدد والذي لا يفكر المرء يوماً أنه قد ينقرض. فجأة، جاءت الدراسات العلمية من كلّ أنحاء العالم لتنبّه من الهبوط السريع والمتواصل لأعداده. وهو ما دفع "المجلس الدولي لصون الطبيعة"، و"المجلس العالمي لحماية الطيور" إلى التحذير المشدّد، وإلى تصنيف الترغل في رتبة الأنواع الهشّة على اللائحة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض. والمعلوم أنّ طيور اللائحة الحمراء محمية عبر اتفاقية" التنوع البيولوجي" واتفاقية "رامسار" واتفاقية "سايتس" واتفاقية "الأنواع المهاجرة" وقانون الصيد اللبناني.
بدأت أعداد الترغل بالتدني السريع في أوروبا، وبشكل أسرع في روسيا ووسط آسيا، وذلك بنتيجة فقدانه لأماكن تكاثره ورعيه، وبسبب الأمراض التي أصابته، وبسبب الصيد الكثيف خلال موسم هجرة الربيع، وخلال موسم الهجرة الخريفية عندما يتجه إلى مناطق اشتائه في أفريقيا. هذا الوضع المزري الذي يواجهه الترغل، يستلزم كثيراً من الجهود المتضافرة لوقف تدهوره ومنع اندثاره. فالرتبة التي صُنّف فيها الترغل هي نفس رتبة الفيل الأفريقي لناحية خطر التعرض للانقراض.
سمعة لبنان سيئة بسبب الصيد العشوائي. وبالفعل، يتهيأ العالم لمحاسبة لبنان لأنه لا يتلقى عنه سوى الأخبار المنافية للحفاظ على الطيور. والغريب، أنّ لبنان الصغير قد يقضي على نصف أعداد الترغل في أوروبا في موسم صيد واحد إذا لم يمنع صيد هذا الطائر في أقرب وقت ممكن. ففي لبنان 300 ألف صياد، ولو قدر لكلّ صياد أن يصطاد ترغلة واحدة في الأسبوع خلال موسم الصيد الذي يمتد على أربعة أشهر، فإنّ عدد الترغل الذي يجري اصطياده هو 4 ملايين و800 ألف ترغلة في موسم واحد، أي ما يعادل نصف عدد ترغل أوروبا. لذا، فإنّ لبنان أمام فرصة ذهبية لتبييض جزء من صورته أمام الرأي العام المحلي والعالمي، وذلك قد يكون بدعوة "المجلس الأعلى للصيد البرّي" للانعقاد، واتخاذ قرار في المجلس بمنع صيد الترغل طول السنة وحذفه من لائحة الطيور الطرائد المسموح صيدها.
كذلك، على روسيا وبلدان وسط آسيا وأوروبا، والساحل الأفريقي حيث يشتي معظم الترغل، إجراء دراسات جدية حول أسباب تناقص أعداده، والعمل على حمايته، ليعود مجدداً طريدة تصطاد بطريقة منظمة ومستدامة.
*اختصاصي في علم الطيور البرية
اقــرأ أيضاً
كم تباهى الصيادون بحلول موسم صيد الترغل وما اصطاد منه كلّ منهم. هو الطائر الواسع الانتشار والكثير العدد والذي لا يفكر المرء يوماً أنه قد ينقرض. فجأة، جاءت الدراسات العلمية من كلّ أنحاء العالم لتنبّه من الهبوط السريع والمتواصل لأعداده. وهو ما دفع "المجلس الدولي لصون الطبيعة"، و"المجلس العالمي لحماية الطيور" إلى التحذير المشدّد، وإلى تصنيف الترغل في رتبة الأنواع الهشّة على اللائحة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض. والمعلوم أنّ طيور اللائحة الحمراء محمية عبر اتفاقية" التنوع البيولوجي" واتفاقية "رامسار" واتفاقية "سايتس" واتفاقية "الأنواع المهاجرة" وقانون الصيد اللبناني.
بدأت أعداد الترغل بالتدني السريع في أوروبا، وبشكل أسرع في روسيا ووسط آسيا، وذلك بنتيجة فقدانه لأماكن تكاثره ورعيه، وبسبب الأمراض التي أصابته، وبسبب الصيد الكثيف خلال موسم هجرة الربيع، وخلال موسم الهجرة الخريفية عندما يتجه إلى مناطق اشتائه في أفريقيا. هذا الوضع المزري الذي يواجهه الترغل، يستلزم كثيراً من الجهود المتضافرة لوقف تدهوره ومنع اندثاره. فالرتبة التي صُنّف فيها الترغل هي نفس رتبة الفيل الأفريقي لناحية خطر التعرض للانقراض.
سمعة لبنان سيئة بسبب الصيد العشوائي. وبالفعل، يتهيأ العالم لمحاسبة لبنان لأنه لا يتلقى عنه سوى الأخبار المنافية للحفاظ على الطيور. والغريب، أنّ لبنان الصغير قد يقضي على نصف أعداد الترغل في أوروبا في موسم صيد واحد إذا لم يمنع صيد هذا الطائر في أقرب وقت ممكن. ففي لبنان 300 ألف صياد، ولو قدر لكلّ صياد أن يصطاد ترغلة واحدة في الأسبوع خلال موسم الصيد الذي يمتد على أربعة أشهر، فإنّ عدد الترغل الذي يجري اصطياده هو 4 ملايين و800 ألف ترغلة في موسم واحد، أي ما يعادل نصف عدد ترغل أوروبا. لذا، فإنّ لبنان أمام فرصة ذهبية لتبييض جزء من صورته أمام الرأي العام المحلي والعالمي، وذلك قد يكون بدعوة "المجلس الأعلى للصيد البرّي" للانعقاد، واتخاذ قرار في المجلس بمنع صيد الترغل طول السنة وحذفه من لائحة الطيور الطرائد المسموح صيدها.
كذلك، على روسيا وبلدان وسط آسيا وأوروبا، والساحل الأفريقي حيث يشتي معظم الترغل، إجراء دراسات جدية حول أسباب تناقص أعداده، والعمل على حمايته، ليعود مجدداً طريدة تصطاد بطريقة منظمة ومستدامة.
*اختصاصي في علم الطيور البرية