فتح سماح قوات الجيش المصري لعدد من أهالي محافظة شمال سيناء النازحين بالعودة إلى أراضيهم ومنازلهم في مدينة الشيخ زويد، الباب أمام تساؤلات عن احتمال وجود خطة جديدة للجيش المصري في حربه على مسلحي "ولاية سيناء"، الذين بايعوا تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). وقد تمكن عدد من أهالي الترابين وأبو رفاعي من العودة إلى منازلهم، التي نزحوا عنها تحت وطأة القصف المدفعي والجوي للجيش المصري، أو إجبار الجيش لهم على مغادرة منازلهم. وتتردد أنباء بين الحين والآخر عن احتمال عودة أسر إلى منازلها في مناطق أخرى، في حين تواجه قرى أوضاعاً مأساوية للغاية، جراء الحصار المفروض على الأهالي.
واختلفت التفسيرات حول سماح الجيش للأهالي بالعودة إلى منازلهم في مناطق محددة، خصوصاً مع الترويج الإعلامي بأن هذه الخطوة جاءت بعد القضاء بشكل كبير على الإرهاب، وتطهير تلك المناطق من المسلحين. لكن حقيقة الأمر أن العمليات المسلحة ضد الجيش والشرطة متواصلة ولم تتوقف. وسقط، قبل أيام، 14 عسكرياً بين قتيل وجريح، في هجوم مسلح على كمين الغاز في مدينة العريش، فيما جرح مجندان خلال اشتباكات في العريش السبت الماضي. ويأتي سماح الجيش للأهالي بالعودة إلى منازلهم، مع دخول فصل الشتاء، حيث أن بعض الأسر تعيش داخل الخيام والأكواخ، ما يضاعف المعاناة خلال سقوط الأمطار وبرودة الطقس.
وقالت مصادر قبلية إن الجيش اشترط على العائلات التي ستعود إلى منازلها، التواصل بشكل كبير مع الجهات المعنية، للإبلاغ عن أية تحركات غير طبيعية، داخل مناطقهم. وأضافت المصادر، لـ"العربي الجديد"، أن الجيش اتفق مع العائلات على رصد المجموعات المسلحة وإبلاغه فوراً، فضلاً عن محاولة معرفة الأعداد بشكل محدد. ولفتت إلى أن الجيش حين بدأ عملياته في مواجهة المسلحين استعدى الأهالي، وباتوا ضده، وربما يريد فتح صفحة جديدة مع أهالي سيناء، وأدرك أخيراً أنه لا يمكنه حسم المعركة من دون الاعتماد على الأهالي. وأكد وجود استعدادات لعودة أسر أخرى إلى منازلها، مع التأكيد على المحافظة على صرف التعويضات الخاصة بهدم المنازل والأضرار التي لحقت بها، فضلاً عن السماح بمرور شحنات مواد البناء بسهولة لإعادة ترميم المنازل المهدمة.
وأرجع شيخ قبلي بارز في سيناء سبب سماح الجيش بعودة بعض الأسر إلى منازلها، بأنه ليس لفتح صفحة جديدة وتعويض ما فات من جفاء بين الدولة والأهالي، إنما لسبب خاص بالقيادة العسكرية. وقال الشيخ القبلي، لـ"العربي الجديد"، إن معلومات وصلته، قبيل عودة الأهالي إلى منازلهم، خلال عمليات رصف وإنارة الطرق وتخفيف حدة التضييقات على الأهالي والمسافرين، وإصلاح خطوط الكهرباء، بزيارة وفد إلى سيناء مطلع الشهر المقبل، مشيراً إلى أن هذا الوفد سيتابع الأوضاع على الأرض والإجراءات المتخذة في سبيل مواجهة المسلحين، فضلاً عن تحسين سبل عيش أهالي سيناء، وعودة الهدوء مرة أخرى لأجزاء كبيرة من المنطقة. ولفت إلى أنه يتردد داخل سيناء أن هذا الوفد ربما يكون من خارج مصر، وهو يريد معرفة طبيعة الوضع والحالة التي وصل إليها الأهالي، ولا بد من الانتظار لمعرفة حقيقة هذه الخطوات، هل هي رسائل إلى خارج مصر أم هناك تغير في استراتيجية الجيش لمواجهة المسلحين؟
من جانبه، قال أحد شيوخ سيناء، ويدعى عرفات خضر، إن منطقة "الجورة وما حولها محاصرة منذ 24 يوماً، وكل الطرق مغلقة ولا يسمح لأية وسيلة أن تتحرك إلا عبر عربات تجرها الأحصنة أو عبر الأقدام، وقنينة الغاز وصل سعرها إلى 70 جنيهاً، و20 كيلوغراماً من الدقيق إلى 65 جنيهاً". من جانبه، اعتبر الخبير العسكري، اللواء محمد فريد التهامي، أن خطط القوات المسلحة في سيناء لم تتغير، وإنما ظهرت آثارها أخيراً. وقال التهامي، لـ"العربي الجديد"، إن الجيش المصري نفذ استراتيجية تعتمد على فرز أسماء الأهالي في المناطق التي تتمركز فيها العناصر المسلحة، تمهيداً لعملية عزل ومعرفة أسماء المتطرفين والإرهابيين، موضحاً أنه فور الانتهاء من عملية الفرز والعزل ومراجعة الموقف الأمني من عدد كبير من أهالي الشيخ زويد ورفح، عاد بعضهم إلى منازلهم بانتظار عودة آخرين خلال الفترة المقبلة. وشدد على أن الجيش لا يتعامل بحدة أو عنف مع الأهالي، لكن يجب على الجميع تفهم طبيعة المرحلة الحرجة للقضاء على الإرهاب في سيناء لتصبح خالية من المسلحين تماماً.