هل يعيد "الخدمة المدنية" الخلافات إلى البرلمان المصري؟

08 مايو 2016
عاتب السيسي النواب بعد رفضهم القانون (العربي الجديد)
+ الخط -

تبدأ لجنة القوى العاملة في مجلس النواب المصري مناقشة مشروع قانون الخدمة المدنية الجديد، المقدّم من الحكومة، اليوم الأحد، وسط توقعات بتجدد الخلافات بشأن مواده، فهو القانون الوحيد الذي رفضه البرلمان عند بدء انعقاده في يناير/كانون الثاني الماضي من إجمالي 341 قراراً بقانون، صادراً من رئيس الجمهورية في غياب المجلس النيابي.
ويتضمن القانون نظام الأجور والترقي والإجازات وفصل العاملين في الجهاز الإداري للدولة، إذ كان المشروع الساقط يفتح الباب للتمييز وعدم المساواة، بعد أن استثنى عدداً من الجهات الحكومية من مواده، شأن العاملين برئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء. وعاتب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، النواب عقب رفضهم للقانون الصادر منه.
وأعلن وزير التخطيط المصري، أشرف العربي، أن الحكومة لم تستثنِ أية جهات من المشروع المعدل، وأن الجهات التي لم يخاطبها القانون الجديد هي التي لم تكن خاضعة لقانون العاملين المدنيين رقم 47 لسنة 1978، لكونها تخضع لقوانين خاصة بها شأن موظفي قطاع الأعمال العام أو الخاص، والعاملين في هيئة التأمينات، أو يخضعون لكادر وظيفي مثل الأطباء، والمعلمين.
وواجه القانون السابق غضباً شعبياً بسبب نصوص عدد من مواده، أبرزها الخاصة بتخفيض الأجر الأساسي للموظفين، وإعطاء المدير المباشر صلاحيات واسعة في تقييم أداء الموظف، وما يترتب عليها من إجراءات فصله، من دون وضع معايير واضحة وشفافة تضمن عدم الكيدية، ونظام التعيين من خلال الاختبارات من دون آليات تضمن نزاهتها.
ويضم القانون الجديد 74 مادة، وأُحيل عقب إرساله إلى البرلمان من الحكومة إلى لجنة مشتركة من مكتب لجنة الخطة والموازنة، ولجنة القوى العاملة، وأُرفق بالمشروع جداول خاصة ببنود الوظائف الكتابية والتخصصية والفنية، وأسس حساب العلاوات الدورية، وطريقة الترقي بين الدرجات المختلفة، والمناصب القيادية، وكيفية حساب الإجازات، والتقاعد، والخروج إلى المعاش المبكر.
وقال وكيل لجنة القوى العاملة محمد وهب الله (حزب المحافظين)، إن الحكومة أدخلت عدداً من الإصلاحات على مواد القانون، خصوصاً المثيرة للجدل والخلاف في المشروع السابق، مشيراً إلى أن اللجنة خصصت جميع أيام الأسبوع الحالي لمناقشة القانون، سواء المقدّم من الحكومة أو الاقتراحات بقوانين المقدمة من نواب.


وتقدّم كل من رئيس اللجنة التشريعية بهاء الدين أبو شقة بمشروع قانون مقترح عن حزب الوفد، والنائب محمد أنور السادات بمشروع آخر عن حزب الإصلاح والتنمية.
وأضاف وهب الله، في تصريح خاص، أن هناك قبولاً مبدئياً من أعضاء اللجنة بالقانون الجديد، والذي استجاب لأغلب مطالب الموظفين، وفق قوله، خصوصاً ما يتعلق بتقليص صلاحيات المدير المباشر، وتخفيف الجزاءات على العاملين، فضلاً عن استحداث مادة خصتهم بالرعاية الصحية والاجتماعية.
وأصرت الحكومة على بقاء النص الذي يقول إن من بين شروط التعيين في الوظائف الحكومية أن يكون المتقدّم "متمتعاً بالجنسية المصرية أو جنسية إحدى الدول العربية التي تعامل المصريين بالمثل في تولي الوظائف المدنية"، على الرغم من رفض النص في تقرير لجنة القوى العاملة، الذي رفض البرلمان القانون بناء على توصياته، تخوفاً من الإضرار بالأمن القومي المصري.
إلا أن عضو لجنة القوى العاملة خالد شعبان (الحزب المصري الديمقراطي)، أبدى عدم تحفظه على هذا النص التزاماً بمبدأ المعاملة بالمثل، لكون هناك أعداد كبيرة من المصريين العاملين في الدواوين الحكومية في دول عربية، مثل السعودية والكويت وقطر على سبيل الإعارة، في حين أن عدد العاملين من تلك الدول بالجهاز الإداري للدولة المصرية ضئيل للغاية، ولا يجب أن يسبّب قلقاً، حفاظاً على مصالح المصريين في الخارج، حسب قوله.
وأضاف شعبان، في تصريح خاص، أن القانون الجديد تجاوز إلى حد كبير النصوص التي رفضتها اللجنة في تقريرها السابق، مستدركاً بأن هذا لا يمنع من مناقشة مواد القانون الجديد بشكل مستفيض، وإجراء اللجنة عدداً من جلسات الاستماع والحوار المجتمعي مع القوى العمالية، لضمان رضا موظفي الدولة عن المشروع الجديد.
ونصّ القانون على أن "يكون التعيين من خلال إعلان مركزي على موقع بوابة الحكومة المصرية، متضمناً البيانات المتعلقة بالوظيفة، وشروط شغلها على نحو يكفل تكافؤ الفرص، والمساواة بين المواطنين. والتعيين في تلك الوظائف بامتحان يكون من خلال لجنة للاختيار، ويشرف على الامتحان الوزير المختص".
كما نصّ على أن يكون التعيين "حسب الأسبقية الواردة في الترتيب النهائي لنتيجة الامتحان. وعند التساوي في نتيجة الامتحان يقدّم الأعلى في مرتبة الحصول على المؤهل المطلوب لشغل الوظيفة، فالدرجة الأعلى في ذات المرتبة، فالأعلى مؤهلاً، فالأقدم تخرجاً، فالأكبر سناً". ونصّ أيضاً على أنه "يجوز في حالات الضرورة التعاقد مع ذوي الخبرات من التخصصات (النادرة) بموافقة رئيس مجلس الوزراء، لمدة لا تتجاوز 3 سنوات بناء على عرض الوزير المختص، ووفقا للضوابط التي تحددها اللائحة التنفيذية، دون الإخلال بالحد الأقصى للدخل".
وعلى الرغم من نشر قرار البرلمان برفض "الخدمة المدنية" في الجريدة الرسمية بتاريخ 9 فبراير/شباط الماضي، إلا أن العاملين في الدولة استمروا في الحصول على أجورهم خلال الشهرين الماضيين وفقاً للقانون الملغى، وجرت بعض مسابقات التعيين الجديدة في الحكومة وفقاً لأحكامه في مخالفة دستورية واضحة، دفعت بعض النواب إلى التقدّم بطلبات إحاطة لرئيس الحكومة بشأن استمرار العمل بالقانون الساقط.

المساهمون