من تأخر وصول الرسائل إلى إزالة علب البريد من الشوارع، يتهم معارضو دونالد ترامب الرئيس بالسعي إلى تدمير خدمة البريد الأميركية العامة ليجعل التصويت بالمراسلة مستحيلاً، إذ قد يساهم هذا التصويت بترجيح كفة خصمه الديمقراطي جو بايدن.
وتتركز حملة الانتخابات الرئاسية، منذ أيام، على "الخدمة البريدية للولايات المتحدة" (يو اس بي اس) والإصلاحات التي يقوم بها مدير الهيئة الجديد لويس ديجوي، وسط ضجة إعلامية كبيرة.
وتواجه الإصلاحات التي بدأها لتستأنف الخدمة تحقيق أرباح، انتقادات حادة، ويشتبه بأنها تهدف في الواقع إلى منع التصويت بالمراسلة للانتخابات الرئاسية، التي ستجرى في الثالث من نوفمبر/ تشرين الثاني.
واعتبر ترامب، السبت، أنّ التصويت عبر البريد سيكون "كارثياً"، وهو ما عارضه خبراء في الانتخابات، وعدد من المسؤولين الديمقراطيين الرفيعي المستوى.
الأمر الذي دفع رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي وزعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشارلز شومر وغيرهم الأحد إلى دعوة ديجوي إلى جلسة استماع أمام لجنة الرقابة في مجلس النواب، في 24 أغسطس/ آب.
وقالا، في بيان، إنّ ديجوي "من كبار المتبرعين لحملة ترامب، وقد تصرف كشريك في حملة الرئيس لتزوير الانتخابات، مطلقاً تغييرات جديدة شاملة تخفض من معايير تسليم البريد".
Read my letter to Members here: https://t.co/FcVJRo2nTm
— Nancy Pelosi (@SpeakerPelosi) August 17, 2020
ويتوقع الديمقراطيون استخدام القضية لتعبئة الناخبين مع افتتاح المؤتمر الوطني للحزب، الاثنين، مع نائب الرئيس السابق جو بايدن، الذي من المقرر أن يقبل ترشيح الحزب الخميس. ويلي ذلك مؤتمر الجمهوريين بعد أسبوع.
وفي تصريح لوكالة "فرانس برس"، قال رئيس اتّحاد عمال البريد الأميركي مارك ديموندشتاين "لا نريد أن تكون أيدينا مقيّدة بسياسات تبطئ تسليم البريد".
أضاف أنّ "الرئيس يريد تجفيف مصادر تمويل البريد لمنع الناس من التصويت... يجب أن يحصل الجميع على أسهل طريقة للتصويت، بغضّ النظر عمن يصوّتون له".
وأكّد رئيس النقابة أنّ عمّال البريد "سيبذلون قصارى جهدهم لإعطاء الأولوية لبطاقات الاقتراع"، والتأكد من وصولها في الوقت المناسب ليتم فرزها.
ووسط الغضب المتصاعد بشأن قضية البريد، تجمّع متظاهرون، السبت، أمام منزل ديجوي في واشنطن، وقرعوا على الأواني المنزلية.
وشهدت بعض المدن سحب صناديق بريد في إطار إجراءات لتوفير الأموال. وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أن خدمة البريد أبلغت بأنها لن تتمكن من أن توصل في الوقت المناسب، ملايين بطاقات الاقتراع لاحتسابها قبل الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني.
ويريد الديمقراطيون تمويل هذه الخدمة العامة التي يبلغ عمرها مئتي عام التي تجوب شاحناتها الصغيرة البيضاء والزرقاء شوارع الولايات المتحدة. حيث قالت الرئيسة الديمقراطية لمجلس النواب نانسي بيلوسي، في رسالة إلى زملائها، السبت، إن الأمر يتعلق "بتمويل... انتخابات سليمة وعادلة في بلدنا".
يرى مراقبون أن ترامب يريد تجفيف مصادر تمويل البريد لمنع الناس من التصويت
لكن الأمر ليس كذلك بالنسبة لدونالد ترامب. فقد أوضح، الخميس، في مقابلة مع قناة "فوكس نيوز" المحافظة، أنه لا يريد تمويل خدمة البريد "حتى لا تكون مجهزة... لتصويت معمم بالمراسلة" لا يرغب فيه. ورأى منافسه الديمقراطي جو بايدن أن القضية "تعكس صورة ترامب. إنه لا يريد انتخابات".
ويرى مراقبون أن ترامب يعارض التصويت بالمراسلة، ليُعد الناس لإمكانية الاعتراض على النتائج في حال هزم في الاقتراع.
ورأى مارك ديموندستين رئيس نقابة عمال البريد "الاتحاد الأميركي لعمال البريد" أنّ ترامب "يريد على الأقل إثارة تساؤلات كافية ليفقد الناس ثقتهم".
ويدرك ترامب أيضاً أن التصويت بالمراسلة يمكن أن يشجع على الاقتراع كلاً من الأميركيين الأفارقة والمتحدرين من أميركا اللاتينية، الذين يبدون أكثر ميلاً إلى الامتناع عن المشاركة، بسبب أوضاعهم الهشة في معظم الأحيان. كما أنه يدرك أن الناخبين الديمقراطيين يميلون إلى التصويت بالمراسلة أكثر من مؤيديه.
وقالت ناطقة باسم خدمة البريد "نحن لا نتباطأ في توزيع البريد الانتخابي ولا أي بريد آخر"، مشيرة إلى مشاكل مالية في المؤسسة.
وتعاني خدمة البريد منذ 2008 من عجز ومن صعوبات مع ازدهار الإنترنت، وتراجع حجم المراسلات.
ويتحدّث الجمهوريون منذ فترة طويلة عن خصخصتها. وألمح ترامب، الجمعة، للمرة الأولى، إلى أنه قد يقدم أموالاً. وقال في مؤتمر صحافي "ليس هذا ما أريده أنا، بل ما يريده الشعب الأميركي".
(فرانس برس)