07 نوفمبر 2024
هل يرن هاتف ترامب؟
وضع الرئيس الأميركي، ترامب، رقم هاتفه للرئيس الإيراني، روحاني، ليتصل به. مقابل ذلك، قادة إيرانيون كثر أكدوا أن أرقامهم تنتظر الاتصال نفسه من ترامب وإدارته. شبكة الاتصال تمرّ عبر سويسرا وعُمان، وربما دول أخرى. سيكون الاتصال للبدء بشروطٍ جديدة للاتفاق النووي، وبوضع شروطٍ على الأسلحة الباليستية وتحجيم النفوذ الإقليمي لإيران، وبدءاً بالعراق وليس انتهاء باليمن وسورية ولبنان؛ شروط كثيرة مطلوب من إيران تنفيذها.
أعلنت إدارة ترامب تصفير صادرات النفط، وألحقتها بتصفير صادرات المعادن، وهناك احتمالات بتصفير صادرات البتروكيماويات وغيرها. وقبل ذلك، انسحبت من الاتفاق النووي، وأعلنت أنها تريد اتفاقاً نووياً جديداً، ينهي أي تخوفاتٍ من التفافٍ إيراني على الاتفاقات الدولية بخصوص ذلك، وامتلاك السلاح النووي. محاولات أوروبا ألا تنسحب إيران من الاتفاق النووي تواجه امتحانا جديداً، فإيران أعلنت أنها ستنسحب منه خلال شهرين، وإلا فلتُفعِّل أوروبا آلية دعم المبادلات التجارية والمالية مع إيران. أوروبا، الغاضبة من الانسحاب الأميركي، لن تَفَعِل ذلك الدعم، وتمتلك فقط ترجّي إيران بعدم الانسحاب.
في الأيام الأخيرة، صَعّدت أميركا من خطواتها التحذيرية إلى إيران، حيث أرسلت حاملة الطائرات إبراهيم لينكولن، وزادت من عدد القاذفات الاستراتيجية بي 52، وأرسلت بطارية باتريوت. تفيد التصريحات الإيرانية بشأنها بأن الحرس الثوري مستعد لكل أشكال المعارك، وقد حشد زوارق سريعة، وهدّد أحد رجال الدين المتشدّدين بأن حاملات الطائرات يمكن قصفها بصاروخ إيراني واحد. هذا تصعيد كبير. وعلى الرغم من محاولة أميركا التخفيف من حدّته، وأنها لا تفكر في حربٍ ضد إيران، وإنما تغيير سلوكها، فإن الأمر الأخير غير ممكن. يعلم النظام الإيراني الشروط الأميركية الاثني عشر، والتي حدّدها وزير خارجية أميركا مايك بومبيو، وإن التزام إيران بها، والانصياع لسياسات أميركية تؤكد ضرورة احترام حريات الشعب الإيراني، وتخفيف الأزمة الداخلية، هذا كله يعني إعادة إيران إلى حدودها الجغرافية، والابتعاد عن أي نفوذ إقليمي. وتتأكد النقطة الأخيرة يومياً عبر التحالف السعودي الإماراتي الإسرائيلي، وعبر التهديد المستمر بضرورة سحب قواتها من سورية والعراق، ولجم الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان. بخصوص سورية، أصبحت روسيا تفضل ذلك، وهذا عنصر مهم في ابتعاد روسيا عن إيران.
تُعاني إيران الآن من أزماتٍ بالجملة، فهناك معارضة سياسية داخلية رافضة نظام الحكم، وكل النفوذ الإقليمي، ومعاداة الشعوب العربية وإشغالها بحروبٍ طائفية، وهناك حركاتٌ شعبيةٌ
وطلابيةٌ ونسائيةٌ وقوميةٌ تصاعد حضورها، خصوصا في نهاية 2018، ولم تنته بعد، وهناك أزمة اجتماعية اقتصادية طاحنة، وانهيار لقيمة الريال بنحو 60%، والتضخم وصل إلى أكثر من 40%، وعدا ذلك كله هناك اتهامات بالفساد تطاول الحرس الثوري وولي الفقيه ذاته. خطوة الرئيس روحاني الأخيرة، حيث بحث عن إجماع إيراني داخلي، ليست ذات فائدة كبرى، فالمجتمع الإيراني يتطلب تغييراتٍ كبرى في السياسات العامة، وإذا كانت التيارات الأصولية والمتشدّدة قد تتراجع عن موقفها الرافض له، فإن أغلبية الشعب الإيراني ليست مستعدةً لتعبئة بطونها بشعارات معاداة أميركا والصهيونية، وضرورة الإبقاء على النفوذ الإقليمي في المنطقة العربية. وكذلك تسعى من أجل حريات عامة، تقيد الحرس الثوري وهيمنة ولي الفقيه. وهذا غير ممكن، فالنظام الإيراني قائم على تلك المؤسسات من ناحيةٍ، والإصلاحيين من ناحية أخرى، والأخيرون يدورون في فلك الأول، حيث جوهر النظام يكمن في ولاية الفقيه والحرس الثوري.
منذ وصول ترامب إلى الحكم، وهو يهدّد إيران، وخطوات إدارته ضدها تتطور تباعاً، ووصل التهديد العسكري والاقتصادي إلى أقصاه. وبالتالي هاتف ترامب سيُفعل، لغاياتٍ محدّدة بعينها، وليس للاتصال وفتحِ حوارٍ وتفاوضٍ لا يراعي الشروط الأميركية. الحرب قد لا تقع حالياً، فترامب يجيد سياسة العقوبات والانتظار وإحكام الإطباق على هذا البلد، وربما دفعه إلى الانتحار؛ أي إلى خطواتٍ غير مدروسة، وربما تفجير الوضع عبر حزب الله أو عبر العراق أو غيرهما، ولكن المعارك هذه لم تعد تجدي نفعاً، حيث أصبحت المسألة تغيير سلوك النظام، وهذا يتأتّى ضمن تغيرات في الشرق الأوسط بأكمله، فهل تعي إيران السياسة الأميركية الجديدة. إيران أكدت أن أميركا لا تمتلك تصوّراً محدّداً عن إيران، ولن تتورّط في حربٍ ضدها. ولكن ماذا تعني كل هذه الحشود في الخليج؟ وماذا يعني التحالف السعودي الإماراتي الإسرائيلي إذاً، والحصار الاقتصادي المشدّد؟
ليست الحرب صفقة مربحة لدى الرئيس ترامب، حيث نراه يتفاوض مع مجنون كوريا
الشمالية، ويتغزّل تارة أخرى في الرئيس الروسي، بوتين، على الرغم من كل الحصار الأميركي المفروض على روسيا. ولكن ترامب ذاته، وقبله أوباما، واجها روسيا في سورية مرات، وفعلاً قصفت صواريخ ترامب أهدافا في سورية. ربما ليست هناك حرب واسعة، وقد تقصف مناطق بعينها داخل إيران، تخص النووي والباليستي خصوصا، والحرس الثوري المصنف منظمة إرهابية، ولكن هل سيفتح القيام بذلك حرباً إيرانية أميركية حقيقية؟
تجيد إيران المفاوضات السرية، وأميركا أيضاً. وقد يأخذ هذا الأمر سنوات، كما هي العادة بين الدول، وهو ما يشير إليه محللون كثيرون، ويؤكدون أن إيران ستلعب على ورقة التفاوض، ريثما تجري الانتخابات الأميركية، وتذهب ربما بترامب ذاته، ولكن الانتخابات نفسها، وضرورة النجاح فيها، قد تُصعّد مما ذكرناه، حيث هناك كتلة وازنة أميركية ترفض الدور الإقليمي لإيران، وكذلك ترفض طموحها النووي والباليستي.
لا يمكن الركون لثنائية متضادّة حالياً، إما حرب أو تفاوض؛ فليس من السهولة إعادة المفاوضات من دون اشتراطات مسبقة، حيث حتى لدى إيران شروط مسبقة "التراجع عن العقوبات، والاعتذار لإيران كما صرّح روحاني". خطورة الحرب لا تستبعدها، فهناك إمكانية للقيام بضربات أميركية محدّدة. وهناك إمكانية لضربات إيرانية محدودة، وربما ستشكل سياسة حافّة الهاوية هذه فرصة جديّة، إمّا لحربٍ واسعةٍ أو لتفاوض جديٍّ، يعيد إيران إلى حجمها الطبيعي. وهذا ما قد يفتح المجال واسعاً إلى تغييرٍ فعليٍّ في سلوك النظام الإيراني. والسؤال هل يمكن لنظامٍ كهذا، وصف أعلاه، بأنه نظام ولي الفقيه أن يتغير، وأيُّ تغير فيه يمكن أن يلبي شروط الداخل والخارج، سيما الأميركي؟
أعلنت إدارة ترامب تصفير صادرات النفط، وألحقتها بتصفير صادرات المعادن، وهناك احتمالات بتصفير صادرات البتروكيماويات وغيرها. وقبل ذلك، انسحبت من الاتفاق النووي، وأعلنت أنها تريد اتفاقاً نووياً جديداً، ينهي أي تخوفاتٍ من التفافٍ إيراني على الاتفاقات الدولية بخصوص ذلك، وامتلاك السلاح النووي. محاولات أوروبا ألا تنسحب إيران من الاتفاق النووي تواجه امتحانا جديداً، فإيران أعلنت أنها ستنسحب منه خلال شهرين، وإلا فلتُفعِّل أوروبا آلية دعم المبادلات التجارية والمالية مع إيران. أوروبا، الغاضبة من الانسحاب الأميركي، لن تَفَعِل ذلك الدعم، وتمتلك فقط ترجّي إيران بعدم الانسحاب.
في الأيام الأخيرة، صَعّدت أميركا من خطواتها التحذيرية إلى إيران، حيث أرسلت حاملة الطائرات إبراهيم لينكولن، وزادت من عدد القاذفات الاستراتيجية بي 52، وأرسلت بطارية باتريوت. تفيد التصريحات الإيرانية بشأنها بأن الحرس الثوري مستعد لكل أشكال المعارك، وقد حشد زوارق سريعة، وهدّد أحد رجال الدين المتشدّدين بأن حاملات الطائرات يمكن قصفها بصاروخ إيراني واحد. هذا تصعيد كبير. وعلى الرغم من محاولة أميركا التخفيف من حدّته، وأنها لا تفكر في حربٍ ضد إيران، وإنما تغيير سلوكها، فإن الأمر الأخير غير ممكن. يعلم النظام الإيراني الشروط الأميركية الاثني عشر، والتي حدّدها وزير خارجية أميركا مايك بومبيو، وإن التزام إيران بها، والانصياع لسياسات أميركية تؤكد ضرورة احترام حريات الشعب الإيراني، وتخفيف الأزمة الداخلية، هذا كله يعني إعادة إيران إلى حدودها الجغرافية، والابتعاد عن أي نفوذ إقليمي. وتتأكد النقطة الأخيرة يومياً عبر التحالف السعودي الإماراتي الإسرائيلي، وعبر التهديد المستمر بضرورة سحب قواتها من سورية والعراق، ولجم الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان. بخصوص سورية، أصبحت روسيا تفضل ذلك، وهذا عنصر مهم في ابتعاد روسيا عن إيران.
تُعاني إيران الآن من أزماتٍ بالجملة، فهناك معارضة سياسية داخلية رافضة نظام الحكم، وكل النفوذ الإقليمي، ومعاداة الشعوب العربية وإشغالها بحروبٍ طائفية، وهناك حركاتٌ شعبيةٌ
منذ وصول ترامب إلى الحكم، وهو يهدّد إيران، وخطوات إدارته ضدها تتطور تباعاً، ووصل التهديد العسكري والاقتصادي إلى أقصاه. وبالتالي هاتف ترامب سيُفعل، لغاياتٍ محدّدة بعينها، وليس للاتصال وفتحِ حوارٍ وتفاوضٍ لا يراعي الشروط الأميركية. الحرب قد لا تقع حالياً، فترامب يجيد سياسة العقوبات والانتظار وإحكام الإطباق على هذا البلد، وربما دفعه إلى الانتحار؛ أي إلى خطواتٍ غير مدروسة، وربما تفجير الوضع عبر حزب الله أو عبر العراق أو غيرهما، ولكن المعارك هذه لم تعد تجدي نفعاً، حيث أصبحت المسألة تغيير سلوك النظام، وهذا يتأتّى ضمن تغيرات في الشرق الأوسط بأكمله، فهل تعي إيران السياسة الأميركية الجديدة. إيران أكدت أن أميركا لا تمتلك تصوّراً محدّداً عن إيران، ولن تتورّط في حربٍ ضدها. ولكن ماذا تعني كل هذه الحشود في الخليج؟ وماذا يعني التحالف السعودي الإماراتي الإسرائيلي إذاً، والحصار الاقتصادي المشدّد؟
ليست الحرب صفقة مربحة لدى الرئيس ترامب، حيث نراه يتفاوض مع مجنون كوريا
تجيد إيران المفاوضات السرية، وأميركا أيضاً. وقد يأخذ هذا الأمر سنوات، كما هي العادة بين الدول، وهو ما يشير إليه محللون كثيرون، ويؤكدون أن إيران ستلعب على ورقة التفاوض، ريثما تجري الانتخابات الأميركية، وتذهب ربما بترامب ذاته، ولكن الانتخابات نفسها، وضرورة النجاح فيها، قد تُصعّد مما ذكرناه، حيث هناك كتلة وازنة أميركية ترفض الدور الإقليمي لإيران، وكذلك ترفض طموحها النووي والباليستي.
لا يمكن الركون لثنائية متضادّة حالياً، إما حرب أو تفاوض؛ فليس من السهولة إعادة المفاوضات من دون اشتراطات مسبقة، حيث حتى لدى إيران شروط مسبقة "التراجع عن العقوبات، والاعتذار لإيران كما صرّح روحاني". خطورة الحرب لا تستبعدها، فهناك إمكانية للقيام بضربات أميركية محدّدة. وهناك إمكانية لضربات إيرانية محدودة، وربما ستشكل سياسة حافّة الهاوية هذه فرصة جديّة، إمّا لحربٍ واسعةٍ أو لتفاوض جديٍّ، يعيد إيران إلى حجمها الطبيعي. وهذا ما قد يفتح المجال واسعاً إلى تغييرٍ فعليٍّ في سلوك النظام الإيراني. والسؤال هل يمكن لنظامٍ كهذا، وصف أعلاه، بأنه نظام ولي الفقيه أن يتغير، وأيُّ تغير فيه يمكن أن يلبي شروط الداخل والخارج، سيما الأميركي؟