ورأى الموقع، أن السعودية لم تشهد هذا المستوى من الضربات في نظامها الملكي منذ الإطاحة بالملك سعود بن عبد العزيز من قبل شقيقه الأمير (ثم الملك) فيصل في عام 1964، ومن ثم اغتيال الأخير في عام 1975، حيث قامت الحكومة التي يقودها ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، في يوم السبت، بالقبض على أحد عشر أميراً من بينهم الملياردير البارز والمستثمر الدولي، الوليد بن طلال، بالإضافة لعشرات من الوزراء الحاليين والسابقين، بدعوى محاربة الفساد.
وقال موقع "ناشيونال إنترست" إن "التغييرات الجارية والتي شملت احتجاز أشخاص أقوياء تشير إلى أن هذه هي الخطوة الأخيرة من قبل محمد بن سلمان، بدعم من والده الملك سلمان، لتوطيد سلطته والظهور كحاكم بلا منازع في المملكة العربية السعودية بعد وفاة والده".
وأضاف أن أقوى الذين أزيحوا من مناصبهم، كان الأمير متعب بن عبد الله، الوزير المسؤول عن الحرس الوطني والابن المفضل للملك الراحل عبد الله، سلف سلمان. وكان الأمير متعب نفسه منافساً على العرش السعودي، مشيراً إلى أن الحرس الوطني هو خلف المليشيا القبلية التابعة لآل سعود، والتي كانت مسؤولة بشكل رئيسي عن غزو شبه الجزيرة العربية وتوطيد السلطة السعودية في الجزيرة العربية بظل مؤسس الدولة السعودية الملك عبد العزيز.
وأوضح أن "الحرس الوطني الذي يتراوح تعداده بين خمسة وسبعين ألفاً ومائة ألفٍ، يساوي تقريباً قوة الجيش السعودي العادي". وفي متابعة لسرد تاريخ المملكة، قال الموقع إنه "ومنذ الخمسينيات والستينيات، عندما شهد العالم العربي سلسلة من الانقلابات العسكرية بقيادة ضباط الجيش المناهضين للنظام الملكي، تم بناء الحرس الوطني، المعتمد على قبائل موالية لآل سعود. كما تم بناء الحرس الوطني السعودي بالتوازي مع الحرس الثوري في إيران، الذي صُمم لتوفير الأمن للنظام الإيراني".
وأوضح "ناشيونال إنترست" أنه منذ عام 1962، عندما تم تعيين الأمير (الملك لاحقاً) عبد الله قائداً للحرس الوطني، تم النظر إليه على أنه ضمانة للحفاظ على السلطة بيد الإخوة من الفرع السديري (وهم سبعة من أبناء الملك عبد العزيز ولدوا من زوجته حصة بن أحمد السديري)، حيث سيطر السديريون على العرش السعودي لأكثر من مرة منذ وفاة المؤسس في عام 1953. وكان أحد الأمراء من الفرع السديري دائماً قائداً للجيش.
وتابع، أنه بعدما عانى الملك فهد (وهو أيضاً من الفرع السديري) من السكتة الدماغية المنهكة في عام 1995، أصبح ولي العهد، الأمير عبد الله، الحاكم الفعلي للمملكة، وعين ابنه متعب لإدارة الحرس الوطني. وأصبح متعب لاحقاً، الوزير المسؤول عن الحرس الوطني، وعندما صعد عبد الله إلى العرش في عام 2005، ظل الحرس الوطني، الذي يعد يد قبيلة شمر الضاربة، تحت سلطة الأمير متعب.
ورأى الموقع، أن الهدف الرئيسي من تغييرات، يوم السبت الماضي، كان تنحية الأمير متعب من منصبه الرئيسي، أما الأمراء الآخرون الذين تم القبض عليهم فكان اعتقالهم لإعطاء الانطباع أن الهدف لا يقتصر على متعب، وأنه مثله مثل العديد من المحتجزين الآخرين، كان فاسداً.
وقال الموقع، إن عملية طرد واعتقال الأمير متعب جاءت في أعقاب إبعاد الأمير محمد بن نايف، الذي كان ولياً للعهد ووزيراً للداخلية في يونيو/حزيران، واعتقاله في قصره واستبداله بمحمد بن سلمان في كرسي ولاية العهد.
وبالعودة إلى الانقلاب الأول الذي قاده بن سلمان، قال الموقع إنه لم يكن محمد بن نايف ولي العهد فقط بل أيضاً وزير الداخلية، وهو منصب ورثه عن والده الأمير نايف، الذي كان الشقيق الأكبر للملك سلمان، وكان نايف قد عُين وليّاً للعهد من قبل الملك عبد الله، لكن توفي قبل الملك، فورث العرش الملك سلمان. وتابع، أنه "بصفته وزيراً للداخلية، كانت شبكة محمد بن نايف قوية، حيث قاد قوات وزارة الداخلية المسؤولة عن الأمن الداخلي والشرطة السرية وعمليات مكافحة الإرهاب، بعد أن نجا من محاولة اغتيال في عام 2009 من قبل عناصر القاعدة".
وتابع الموقع إنه "وبذلك سجل محمد بن نايف أوراق اعتماده كـ"أمير مكافحة الإرهاب" من خلال استئصال تنظيم "القاعدة" من المملكة العربية السعودية. ونتيجة لذلك، أصبح الرجل المفضل لدى واشنطن، خصوصاً وكالات الاستخبارات الأميركية. وهكذا أصبح ينظر إليه على أنه عقبة أمام طموحات محمد بن سلمان". ورأى أن القصد من عزله من قبل الملك سلمان كان تحييد وزارة الداخلية وقواتها لصالح ابنه محمد، الذي بات ولي العهد الجديد.
ومع إقالة الأمير متعب يوم السبت الماضي، يبدو أن الحرس الوطني، الذي بات يعد المعقل الأخير لأي منافس محتمل لمحمد بن سلمان تم تحييده أيضاً.
وفي توزيع القوى داخل المملكة، قال الموقع إنه يخضع لمحمد بن سلمان حالياً الجيش النظامي والحرس الوطني وقوات وزارة الداخلية، نتيجة لذلك، تتركز السلطة الآن إلى درجة غير مسبوقة في يد شريحة صغيرة واحدة من عائلة آل سعود الواسعة، وبشكل أساسي هذه الشريحة هي الملك سلمان وابنه المفضل، ولي العهد.
وأشار إلى أن النظام الملكي السعودي نجا من أزماته السابقة لأنه مبني على أساس توافق مشترك بين الأمراء الرئيسيين بأن عليهم أن يتضامنوا معاً، خشية أن يتم الاستفراد بكل منهم بشكل منفصل. ومن يتقاسمون المكاسب معاً، بما في ذلك تلك المستمدة من عائدات الثروة النفطية الهائلة في البلاد، بشكل عادل نسبياً بين الفروع الرئيسية لبيت آل سعود.
وخلص إلى القول "لكن يبدو أن الأمر لم يعد كذلك، لقد انتهك الملك سلمان بشكل صارخ القاعدة الأساسية للحكم بتوافق الآراء بين كبار أمراء آل سعود، ومن الواضح أن ابنه محمد، الطموح والبالغ من العمر 32 عاماً، في عجلة من أمره لتركيز كل السلطة في يديه، وهذا بالتأكيد لا يبشر بالخير بالنسبة لمستقبل النظام السعودي، خصوصاً أن محمد بن سلمان يعتبر أيضاً مسؤولاً شخصياً عن أزمات إقليمية، بما في ذلك الانخراط السعودي في المستنقع اليمني. ومن المرجح أن تؤدي أعماله الأخيرة إلى رد فعل عاجلاً أم آجلاً من داخل مجلس آل سعود الذي يمكن أن يشل قدرة حكومة المملكة السعودية على الحكم".
اقــرأ أيضاً