هل يدير الخليج ظهره للنظام المصري؟

27 يوليو 2015
السيسي في زيارة له للإمارات قبل توليه الحكم (أرشيف/Getty)
+ الخط -


بدأت الإمارات خطوات جدية نحو التقشف وترشيد الإنفاق العام، شأنها في ذلك شأن معظم دول الخليج، وفي مقدمتها سلطنة عمان والبحرين والكويت، وتأتي خطوات التقشف الإماراتية بهدف معالجة مشكلة نقص الإيرادات والعجز في الموازنة العامة للدولة والناجم بشكل أساسي عن تراجع أسعار النفط عالمياً وفقدانه نحو 50% من قيمته، منذ شهر يونيو/حزيران 2014، مع استمرار زيادة الإنفاق على الأمن والدفاع والبالغ مخصصاتها نحو 130 مليار دولار في منطقة الخليج كاملة، بحسب تصريحات وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، أول من أمس السبت.

طبعاً هناك بعض الأسباب المنطقية الاقتصادية التي دفعت الدولة الخليجية الثرية وغيرها من دول المجموعة نحو سياسة التقشف وترشيد الإنفاق العام ورفع أسعار السلع والخدمات، فنظرة إلى الأرقام الرسمية المتعلقة بالوضع المالي الإماراتي ومعدلات النمو الاقتصادي سواء للعام الحالي 2015 أو الأعوام القادمة، نجد أنها تتراجع، صحيح أنها أرقام غير مخيفة، ولكنها تدعو إلى الحذر، وإلا سيترتب عليها استنزاف الإمارات لاحتياطياتها من النقد الأجنبي أو الاقتراض من الخارج كما فعلت دول خليجية أخري.

خذ على سبيل المثال هذه الأرقام المتعلقة بالإمارات:

- من المتوقع أن تشهد الإمارات عجزاً في المالية العامة يبلغ 2.3% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2015 مقابل فائض 5% العام الماضي، بحسب توقعات صندوق النقد الدولي.

- حسب بيانات صادرة عن مؤسسات مالية دولية لها ثقلها فإنه من المتوقع أن تسجل الإمارات، هذا العام، أول عجز مالي لها منذ عام 2009.

- من المتوقع أن يتراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي في البلاد إلى 3%، هذا العام، من 4.6% في 2014 ليرتفع إلى 3.1% العام المقبل.

وبسبب هذه الأرقام وغيرها والتي تبدو مزعجة للدولة الخليجية الثرية تحركت الحكومة الإماراتية سريعاً لتفادي أي خلل كبير في الموازنة العامة ومركز البلاد المالي، وتفادي كذلك أي ركود اقتصادي حاد، ومن بين هذه الخطوات التي أقدمت عليها الحكومة:

- قامت الإمارات، يوم الأربعاء الماضي، بتحرير أسعار البنزين والديزل بداية من أول شهر أغسطس/آب القادم، واستحداث سياسة تسعير جديدة ترتبط بالمستويات العالمية، وذلك لتوفير 7 مليارات دولار تنفقها الدولة سنوياً على دعم الوقود. وبالطبع سيترتب على هذه الخطوة رفع أسعار المشتقات البترولية من بنزين وديزل، والحد من رواج السيارات عالية الاستهلاك للوقود وذات المحركات الكبيرة.

وبالطبع، أيضاً، فإن خفض الدعم داخل الإمارات وتحرير أسعار الوقود والسماح لأسعار البنزين والديزل بالارتفاع قد يدعم المركز المالي للدولة الخليجية، والذي ضعف بسبب تراجع إيرادات أسعار النفط التي تشكل إيراداته الجزء الأكبر من المالية العامة.

- ومن بين الخطوات التي لها دلالة أنه في شهر يناير/كانون الثاني الماضي رفعت أبوظبي العاصمة الإماراتية الغنية بالنفط والثرية مالياً، رسوم الكهرباء والمياه في إطار خفض الدعم الحكومي الهائل، علماً بأن زيادة هذه الرسوم كان من الأمور التي لا يتم الاقتراب منها داخل دول الخليج لحساسيتها الكبيرة لدي المواطنين.

وهناك توقعات بإجراءات تقشفية أخرى ستطول أسعار سلع وخدمات أخري، ليس داخل دولة الإمارات وحسب، بل داخل كل دول الخليج.

وفي ظل حالة التقشف تلك، وترشيد الإنفاق العام، بما فيها الإنفاق على خدمات ضرورية، مثل المياه والكهرباء وتسجيل الإمارات عجزاً ملحوظاً في الموازنة العامة، فإن السؤال المطروح هنا هو: هل ستواصل الدولة الخليجية دعم النظام المصري الذي تعد أبرز معاونيه، وهل ستواصل الإمارات تزويد هذا النظام بمليارات الدولارات الجديدة سواء في شكل منح ومساعدات نقدية أو عينية مثل المشتقات النفطية؟ علماً أن الإمارات منحت نظام ما بعد 3 يوليو/تموز 2013 معونات ومساعدات مباشرة ومعلنة فاقت 20 مليار دولار، إضافة إلى منح البنك المركزي المصري ملياري دولار نقداً، في شهر أبريل الماضي، ضمن مساعدات خليجية بلغت 6 مليارات دولارات، كما تواصل الإمارات منح حكومة مصر مشتقات بترولية من بنزين وسولار وخلافه، إضافة إلى وعود باستثمارات جديدة، تقدر بمليارات الدولارات، تعهدت بها في مؤتمر شرم الشيخ المنعقد في شهر مارس الماضي.

السؤال: هل الإمارات ستطبق المثل الشعبي الشهير "الذي يحتاجه البيت يحرم على الجامع"، وبالتالي تتوقف عن دعم النظام المصري، أم تواصل الدعم السخي للنظام بغض النظر عن حالة التقشف الداخلية؟

السؤال الذي أطرحه لا ينطبق علي دولة الإمارات فقط، بل يمتد لدول الخليج الأخرى الداعمة لنظام ما بعد 3 يوليو في مصر وفي مقدمتها السعودية والكويت.


اقرأ أيضاً:
الخليج يتقشف
أميركا من الشيطان الأكبر إلى الشريك الأعظم
إسرائيل تحل مشكلة البطالة في مصر!!

المساهمون