هل يخرج "الربيع المغربي" عن خصوصيته؟

09 ابريل 2018
+ الخط -
كان للمغرب كغيره، نصيب من حراكات وموجات ما عُرف باسم "الربيع العربي"، حيث دشّنت حركة "20 فبراير" في العام 2011 حراكاً شعبياً واسعاً يطالب بشكل أساسي بإصلاحات جذرية داخل النظام المغربي السائد.

استطاع الملك المغربي محمد السادس، أن يحتوي تداعيات هذا الحراك الذي غلب عليه الطابع السياسي في بدايته، كون اليسار الراديكالي وجماعة "العدل والإحسان" الإسلامية كانا وراء تأجيجه. حيث سارع العاهل المغربي إلى الدعوة إلى إجراء حزمة إصلاحات دستورية وسياسة، استطاع إثرها حزب العدالة والتنمية ذو المرجعية الإسلامية أن يترأس الحكومة المغربية، في سابقة تعتبر الأولى من نوعها في البلاد.

لم يعد "الربيع المغربي" بذلك، سياسياً كما في الدول العربية المجاورة. حيث أصبح الوازع الاقتصادي - الاجتماعي الغالب على الاحتجاجات المتلاحقة، التي لا تزال تداعياتها سارية إلى اليوم.


تناقش هذه الورقة إمكان خروج "الربيع المغربي" عن خصوصيته، وعودة السياسي إليه، خصوصاً في ظل استمرار عدم الالتزام الحكومي ببعض القضايا الاقتصادية والاجتماعية، التي أبرم اتفاقاً بخصوصها في عام 2011.

أجرى العاهل المغربي في العام 2016، شراكات اقتصادية وصناعية إستراتيجية مهمة مع قوى دولية فاعلة مثل الصين، تهدف إلى إحداث فرص الشغل والقيمة المضافة. في المقابل، وعلى رغم التزام الحكومة المغربية في ضوء اتفاق شهر إبريل/ نيسان 2011، بالسعي إلى التوحيد التدريجي للحد الأدنى للأجور، غير أن ذلك الالتزام لم يتم الوفاء به حتى الآن.

يرى مراقبون أن الحوار الاجتماعي بالمغرب لم يعرف تقدماً حتى اللحظة يمكن أن يلبي مطالب الاتحادات العمالية، خصوصاً مع تصميم رجال الأعمال على رفضهم الزيادة في الحد الأدنى للأجور.

تبدو فرصة اليسار المغربي لإعادة الانتعاش والانتشار كبيرة، في ظل الاحتجاجات العمالية المطالبة بتحسين أوضاعهم المالية. إلا أن فشل الحراك المغربي الأول عام 2011، بسبب انسحاب "الإسلامي"، إلى جانب تشتت وتفتت وحدة اليسار المغربي في الانتخابات البرلمانية عام 2016، تمثل أبرز الشواهد على ضعف اليسار المغربي وعدم قدرته على إحداث حالة في المشهد السياسي المغربي.

طالما أن "الإسلامي" باقٍ في الحكم، واليسار المغربي متشتت ومتفتت، فإن سيناريو حدوث ربيع مغربي سياسي مستبعد للغاية. من جانب آخر، إن تحقيق وحدة اليسار المغربي لن يحدث صخباً سياسياً على الساحة المغربية، خصوصاً في ظل مواقفها الداعمة حق البوليساريو في تقرير المصير (وبالأخص حزب النهج الديمقراطي) الذي سيحملها وجوباً عبئاً سياسياً ثقيلاً حتى في ظل وحدتها.

يبدو أن الطبقات المجتمعية التي تعاني من عدم تلبية مطالبها فقدت الثقة في الأحزاب السياسية المغربية، خصوصاً بعد تجربة حزب العدالة والتنمية الإسلامي، التي لم تلبِّ طموحات الفئات الهشة، إضافة إلى عدم قيام اليسار المغربي بدور فاعل في عملية دعم هذه الطبقات.

لن يخرج أي حراك أو احتجاج شعبي مغربي في المستقبل القريب على الأقل، عن خصوصيته الاقتصادية والاجتماعية التي غلبت عليه منذ عام 2011، في ظل انكفاء "الإسلامي" بالإنجاز الصعودي الذي حققه، إضافة إلى عدم وجود جهة سياسية مغربية فاعلة وقادرة على تحمل العبء السياسي المترتب عن أي حراك مغربي.