يختلف الآباء والأمهات حول ضرورة إقحام أبنائهم في متابعة أخبار العالم التي تحولت إلى أخبار دموية في أغلب الأحيان، فمنهم من يراها ضرورة لإعداد طفل واعٍ بما يجري حول العالم، ومنهم من يتبع سياسة التجهيل خوفاً على صحة الأبناء النفسية.
عرضنا الأمر على المتخصصين، فتقول د. ليلى رجب مهدي، مدير إدراك للاستشارات النفسية والتربوية: "لا يُنصح أن يطلع الأطفال على مشاهد العنف في نشرات الأخبار، فردود أفعالهم تجاه ذلك تتفاوت من طفل لآخر وفقًا لعمر الطفل وشخصيته وبنائه النفسي والتجارب السابقة التي مر بها في حياته وعلاقته بوالديه وبمن حوله وردود فعل المحيطين به تجاه الحدث، فأطفال ما قبل المدرسة يخلطون بين الحقيقة وبين خيالاتهم، فلا يستطيعون تقدير حجم الأخطار والأذى الذي يلحق بهم وبمن حولهم فتسيطر عليهم مشاعر الخوف والقلق ويصعب عليهم إبعاد الأفكار المخيفة عن أذهانهم.
عرضنا الأمر على المتخصصين، فتقول د. ليلى رجب مهدي، مدير إدراك للاستشارات النفسية والتربوية: "لا يُنصح أن يطلع الأطفال على مشاهد العنف في نشرات الأخبار، فردود أفعالهم تجاه ذلك تتفاوت من طفل لآخر وفقًا لعمر الطفل وشخصيته وبنائه النفسي والتجارب السابقة التي مر بها في حياته وعلاقته بوالديه وبمن حوله وردود فعل المحيطين به تجاه الحدث، فأطفال ما قبل المدرسة يخلطون بين الحقيقة وبين خيالاتهم، فلا يستطيعون تقدير حجم الأخطار والأذى الذي يلحق بهم وبمن حولهم فتسيطر عليهم مشاعر الخوف والقلق ويصعب عليهم إبعاد الأفكار المخيفة عن أذهانهم.
بينما يمكن أحياناً لأطفال المرحلة المدرسية التفريق بين الحقيقة والخيال، لكن قد يشعر الطفل أن الحدث الذي شاهده في الأخبار قريب منه، مما يسبب له توترا وقلقا وخوفا، أما أطفال المرحلة الإعدادية والثانوية فنجدهم يتأثرون بما يدور حولهم ويشعرون بالإحباط وتظهر لديهم ميول عدوانية أو لامبالاة ولكنهم يكونون أكثر اهتمامًا بالنقاشات المتعلقة بالحدث.
اقــرأ أيضاً
مخاطر حقيقية
ومشاهدة مناظر العنف تزيد التوتر العاطفي لدى الطفل، فيصبح ضعيف المقدرة في السيطرة على عواطفه وانفعالاته، كما أن التعرض المستمر لمشاهد العنف يؤدي إلى تكوين قناعة لدى الطفل مفادها أن العنف هو الوسيلة الفعالة لحل المشاكل وبالتالي فإنها تدفع الطفل إلى استخدام العنف في بعض المواقف التي يتعرض لها.
كما يؤدي ذلك إلى فقدان الطفل بالشعور، وإصابته بالتبلد وفقدانه لأحاسيس الشفقة والخوف والحزن أو الرعب، باعتبار أنه شيء معتاد عليه فتتبلد مشاعره ويصبح غير مبالٍ لكل من حوله، وأثبتت بعض البحوث أن وسائل الإعلام تلعب دورًا هامًا في تكوين اضطرابات وصعوبات نفسية لدى الأطفال البعيدين عن الحدث.
ويمكن أن يكتشف الوالدان أن أبناءهم قد تأثروا سلبيًا عندما تظهر عليهم أعراض الخوف والتوتر وطرح التساؤلات بخصوص الأخبار بشكل مفرط، ويمكن أن يظهر بطرق غير مباشرة عن طريق تعلق الطفل الزائد بوالديه وقلقه إذا ابتعد عنهما لوقت قصير، ومص الأصابع، والخوف من أمور لم يكن يخاف منها من قبل كالظلمة والليل.
وقد تحدث تغيرات في شخصية الطفل كأن يصبح سلبيًا أو عدوانيًا ومتهورًا، وقد يقوم بتمثيل مشاهد العنف في شكل ألعاب، بالإضافة إلى وجود مصاعب في المدرسة كصعوبة التركيز وانخفاض المستوى الدراسي، وكذلك اضطرابات الأكل إما الامتناع أو التقليل من الأكل وفقدان الشهية أو الإفراط في الأكل، كذلك فقد ينتج عن هذه الآثار ظهور سلوكيات جنسية فقد تزداد ملامسة الأعضاء الجنسية لدى الطفل لوجوده في وضع ضاغط لأنه يجد من خلالها التهدئة، وقد تظهر لدى الطفل أعراض الخجل والتلعثم في الكلام.
يتضح من ذلك أن متابعة الأخبار تؤثر بشكل مباشر في تكوين أنماط تفكيرهم وشخصياتهم وسلوكياتهم، ونظرًا لأنه من الصعب تقريبًا في هذا العصر ألا يلاحظ الأطفال ما يدور حولهم من أحداث لذا يجب على الوالدين محاولة الحد من تلك التأثيرات السلبية من خلال ترشيد التعامل مع وسائل الإعلام وتقليل أوقات متابعة نشرات الأخبار والصور المؤثرة التي يتكرر عرضها على التلفاز وتجنب مشاهد التدمير والعدوان.
ما بعد الإقحام
ويتساءل الكثيرون عن سبيل علاج الطفل الذي اطلع فعلياً على نشرات الأخبار توضح د. ليلى رجب ذلك قائلة: "عند اطلاع الأطفال على بعض المشاهد العنيفة، على الوالدين في هذه الحالة سؤال الطفل عما رآه أو سمعه، وعن مشاعره حول هذه الأحداث.
في كثير من الأحيان يكون الطفل بحاجة للتعبير عن مشاعره، وعندما يبدأ الطفل في التعبير عن مشاعره يجب احترامها، فإن عبر الطفل عن خوفه فعلينا أن نؤكد له تفهمنا لهذا الخوف، وإن عبر عن مشاعر الكره أو الحقد فمن المهم أيضًا أن يقبل هذه المشاعر السلبية، وفي مرحلة لاحقة يمكن للوالدين العودة لتصحيح المعلومات أو توضيح المواقف لنساهم في بناء موقف إنساني لدى الأبناء.
وعلى الوالدين توفير أجواء بيئية داعمة للأطفال بقدر المستطاع وذلك عن طريق الحوار مع الطفل باستمرار وإعطائه الشعور بالأمان والطمأنينة ولا نجعله يشعر بالخجل من التعبير عن مخاوفه وأنه ليس وحده فنحن بجانبه ولدينا مشاعر مثله، بالإضافة إلى مساعدة الطفل على القيام ببعض النشاطات التي تساعده على التفريغ الانفعالي مثل الرسم، القصص، والحكايات وغيرها من الأنشطة.
اقــرأ أيضاً
كيف أربي جيلاً متوازنا؟
وعن سبل تنشئة جيل سوي مؤهل لما سيواجهه في المستقبل من حروب متوقعة، تعلق د.أريج الطباع المرشدة النفسية بمركز "لأنك إنسان" للدعم النفسي الاجتماعي قائلة: "يحتاج الأطفال أن يدركوا أن المشقة بالحياة لا بد منها لنصل للاستقرار، وأن كل الأمور التي نريدها تستحق منا التضحية وبذل الجهد في سبيلها، ونضع الأمثلة لذلك من خلال القصص، خصوصا قصص الأنبياء وما لقوه من مشقة، فهي مليئة بالعبر.
كما أن إعداد الطفل بالعلم والتربية الإيمانية وتنمية العزة والصمود والثقة بداخله مهمان جداً، وكل ذلك يكون من خلال الأنشطة والمشاركة ممن يحملون هذا الهدف، ويجب الانتباه أنه بعمر المراهقة المبكرة قد يميل الطفل للتشدد وخاصة لو عاش أوضاعا دامية، فقد تتكون لديه ردات فعل شديدة، لذلك ضروري أن يكون هناك ثقة وعلم يعينه على التوازن.
وتضيف قائلة: "يجب أن نكون صادقين مع الطفل بشرح مفهوم الحياة والموت والخير والشر بكل مرحلة عمرية حسبما يناسبها، وأن نعينه على الإيجابية والبحث عن فرص النمو مع التحديات، كلعبة البحث عن السعادة بقصة بوليانا (التي انتجت بحلقات كرتونية)، وأن نهتم بثوابته حول نفسه والعالم والآخرين من خلال الحوار والتربية والقدوة، فالطفل يكرر ما يراه أمامه ويتقمص معتقدات أهله غالبا، فإذا مدحوا صفاته الإيجابية وأشعروه بقدرته على التحمل والصبر، ستكون ثوابته حول نفسه ايجابية بينما لو أشعروه بالفشل، وانه لا يجيد الخروج من المآزق وحده ولو من خلال الحماية المبالغة ستكون ثوابته سلبية حول ذاته، القصص الواقعية ولعب الأدوار والحوار كلها أساليب تعين على ترسيخ الثوابت لتكون متوازنة لا تصدم بتوقعات مثالية او غير واقعية.
اقــرأ أيضاً
مخاطر حقيقية
ومشاهدة مناظر العنف تزيد التوتر العاطفي لدى الطفل، فيصبح ضعيف المقدرة في السيطرة على عواطفه وانفعالاته، كما أن التعرض المستمر لمشاهد العنف يؤدي إلى تكوين قناعة لدى الطفل مفادها أن العنف هو الوسيلة الفعالة لحل المشاكل وبالتالي فإنها تدفع الطفل إلى استخدام العنف في بعض المواقف التي يتعرض لها.
كما يؤدي ذلك إلى فقدان الطفل بالشعور، وإصابته بالتبلد وفقدانه لأحاسيس الشفقة والخوف والحزن أو الرعب، باعتبار أنه شيء معتاد عليه فتتبلد مشاعره ويصبح غير مبالٍ لكل من حوله، وأثبتت بعض البحوث أن وسائل الإعلام تلعب دورًا هامًا في تكوين اضطرابات وصعوبات نفسية لدى الأطفال البعيدين عن الحدث.
ويمكن أن يكتشف الوالدان أن أبناءهم قد تأثروا سلبيًا عندما تظهر عليهم أعراض الخوف والتوتر وطرح التساؤلات بخصوص الأخبار بشكل مفرط، ويمكن أن يظهر بطرق غير مباشرة عن طريق تعلق الطفل الزائد بوالديه وقلقه إذا ابتعد عنهما لوقت قصير، ومص الأصابع، والخوف من أمور لم يكن يخاف منها من قبل كالظلمة والليل.
وقد تحدث تغيرات في شخصية الطفل كأن يصبح سلبيًا أو عدوانيًا ومتهورًا، وقد يقوم بتمثيل مشاهد العنف في شكل ألعاب، بالإضافة إلى وجود مصاعب في المدرسة كصعوبة التركيز وانخفاض المستوى الدراسي، وكذلك اضطرابات الأكل إما الامتناع أو التقليل من الأكل وفقدان الشهية أو الإفراط في الأكل، كذلك فقد ينتج عن هذه الآثار ظهور سلوكيات جنسية فقد تزداد ملامسة الأعضاء الجنسية لدى الطفل لوجوده في وضع ضاغط لأنه يجد من خلالها التهدئة، وقد تظهر لدى الطفل أعراض الخجل والتلعثم في الكلام.
يتضح من ذلك أن متابعة الأخبار تؤثر بشكل مباشر في تكوين أنماط تفكيرهم وشخصياتهم وسلوكياتهم، ونظرًا لأنه من الصعب تقريبًا في هذا العصر ألا يلاحظ الأطفال ما يدور حولهم من أحداث لذا يجب على الوالدين محاولة الحد من تلك التأثيرات السلبية من خلال ترشيد التعامل مع وسائل الإعلام وتقليل أوقات متابعة نشرات الأخبار والصور المؤثرة التي يتكرر عرضها على التلفاز وتجنب مشاهد التدمير والعدوان.
ما بعد الإقحام
ويتساءل الكثيرون عن سبيل علاج الطفل الذي اطلع فعلياً على نشرات الأخبار توضح د. ليلى رجب ذلك قائلة: "عند اطلاع الأطفال على بعض المشاهد العنيفة، على الوالدين في هذه الحالة سؤال الطفل عما رآه أو سمعه، وعن مشاعره حول هذه الأحداث.
في كثير من الأحيان يكون الطفل بحاجة للتعبير عن مشاعره، وعندما يبدأ الطفل في التعبير عن مشاعره يجب احترامها، فإن عبر الطفل عن خوفه فعلينا أن نؤكد له تفهمنا لهذا الخوف، وإن عبر عن مشاعر الكره أو الحقد فمن المهم أيضًا أن يقبل هذه المشاعر السلبية، وفي مرحلة لاحقة يمكن للوالدين العودة لتصحيح المعلومات أو توضيح المواقف لنساهم في بناء موقف إنساني لدى الأبناء.
وعلى الوالدين توفير أجواء بيئية داعمة للأطفال بقدر المستطاع وذلك عن طريق الحوار مع الطفل باستمرار وإعطائه الشعور بالأمان والطمأنينة ولا نجعله يشعر بالخجل من التعبير عن مخاوفه وأنه ليس وحده فنحن بجانبه ولدينا مشاعر مثله، بالإضافة إلى مساعدة الطفل على القيام ببعض النشاطات التي تساعده على التفريغ الانفعالي مثل الرسم، القصص، والحكايات وغيرها من الأنشطة.
وعن سبل تنشئة جيل سوي مؤهل لما سيواجهه في المستقبل من حروب متوقعة، تعلق د.أريج الطباع المرشدة النفسية بمركز "لأنك إنسان" للدعم النفسي الاجتماعي قائلة: "يحتاج الأطفال أن يدركوا أن المشقة بالحياة لا بد منها لنصل للاستقرار، وأن كل الأمور التي نريدها تستحق منا التضحية وبذل الجهد في سبيلها، ونضع الأمثلة لذلك من خلال القصص، خصوصا قصص الأنبياء وما لقوه من مشقة، فهي مليئة بالعبر.
كما أن إعداد الطفل بالعلم والتربية الإيمانية وتنمية العزة والصمود والثقة بداخله مهمان جداً، وكل ذلك يكون من خلال الأنشطة والمشاركة ممن يحملون هذا الهدف، ويجب الانتباه أنه بعمر المراهقة المبكرة قد يميل الطفل للتشدد وخاصة لو عاش أوضاعا دامية، فقد تتكون لديه ردات فعل شديدة، لذلك ضروري أن يكون هناك ثقة وعلم يعينه على التوازن.
وتضيف قائلة: "يجب أن نكون صادقين مع الطفل بشرح مفهوم الحياة والموت والخير والشر بكل مرحلة عمرية حسبما يناسبها، وأن نعينه على الإيجابية والبحث عن فرص النمو مع التحديات، كلعبة البحث عن السعادة بقصة بوليانا (التي انتجت بحلقات كرتونية)، وأن نهتم بثوابته حول نفسه والعالم والآخرين من خلال الحوار والتربية والقدوة، فالطفل يكرر ما يراه أمامه ويتقمص معتقدات أهله غالبا، فإذا مدحوا صفاته الإيجابية وأشعروه بقدرته على التحمل والصبر، ستكون ثوابته حول نفسه ايجابية بينما لو أشعروه بالفشل، وانه لا يجيد الخروج من المآزق وحده ولو من خلال الحماية المبالغة ستكون ثوابته سلبية حول ذاته، القصص الواقعية ولعب الأدوار والحوار كلها أساليب تعين على ترسيخ الثوابت لتكون متوازنة لا تصدم بتوقعات مثالية او غير واقعية.