هل يتجرّع الإسلاميون سم المصالحة؟

12 اغسطس 2015
الرئيس مرسي ووزير الخارجية الأميركي كيري (فرانس برس)
+ الخط -

"إيه اللي حصل، الموضوع شكله طلع كبير علينا، مش قلنا من الأول بلاش موضوع الرئاسة دلوقتي، طيّب وآخرتها إيه، الدنيا بتسخن بشكل عجيب ومحدش عارف حاجة".. في أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني 2012 كانت هذه الجُمل وغيرها منتشرة همساً في أوساط الإسلاميين وحوارييهم.

لأول مرة منذ الثورة، تسللت معاني المراجعة وإدراك خطأ الاستعجال والتعجل إلى الأحاديث الخاصة بالإسلاميين، بعد الإعلان الدستوري الذي أصدره الدكتور محمد مرسي وأشعل الشارع السياسي والثوري.

انقلاب في مصر، لا بد من الاستعداد ورفع حالة الطوارئ، هكذا صرخ أحد الصحافيين داخل قناة الجزيرة بعد إذاعة خبر دعوة الجيش القوى السياسية إلى الاجتماع لبحث الخروج من الأزمة السياسية المتصاعدة نتيجة الإعلان الدستوري.. لاحقًا تتلقى الجزيرة اتصالًا من الدكتور ياسر علي المتحدث باسم الرئاسة يؤكد على استقرار الأوضاع وأن الرئاسة ألغت الدعوة، وكان ذلك في ذروة اشتعال الأزمة السياسية في ديسمبر/ كانون الأول من العام ذاته.

تتقافز الأيام سريعًا ويتصاعد الهمس بين الإسلاميين، "ماذا يجري وما هي النهاية".. تخرج تمرد أو تُخرج بلفظ أدق، الهدف المعلن انتخابات رئاسية مبكرة، الهدف الحقيقي علمناه الآن، وحذر منه البعض في حينها، لكن لا أحد يستمع.

في تلك الأيام خرجت علنًا وسرًا مناصحات متعددة للرئاسة أو للإخوان بلفظ أدق، انتخابات مبكرة، تغيير الحكومة، إقالة النائب العام، توريط السيسي في رئاسة الوزراء، إقالة السيسي. جرت مياه كثيرة يعلمها الجميع.. ومياه أكثر ربما لا نعلمها إلا أن يشاء الله.

بعد أن وقعت الكارثة

وقعت الكارثة وتم الانقلاب وانقسمت مصر كما لم تشهد من قبل، لم تنقسم سياسيًا كما عرفت منذ الثورة، بل انقسمت مجتمعيًا وتفتتت أواصر العائلات والصحبة والزمالة، وانفجرت مصر بعد مذبحة رابعة، ونفخ في نار الانقسام السائحون على الكوارث، وأجج اللهيب الغباء والضعف والترهّل، وسيطر الهوى والحقد والظلم، وغُيّب العقل لصالح الجهل، وتوارت الرحمة وتلألأت القسوة، وخرست الحناجر أمام البنادق، ولم يعد أمامك إلا طريقان إما خنوعاً خاضعًا سفيهًا، أو شريدًا طريدًا مقتولًا.

اقرأ أيضاً: إعادة تموضع الإخوان (5/1)..أربع مراحل للتغيير ترسم المستقبل    

من يتجرّع السم؟

هذا هو عنوان مقال فهمي هويدي في سبتمبر/ أيلول 2013 الداعي إلى المصالحة بين طرفي الصراع، مطالبًا في النهاية الإخوان وحوارييهم من الإسلاميين بأخذ زمام المبادرة وتجرع السم بوقف التظاهرات حتى يُجالسهم الانقلاب للتفاوض وإنهاء حالة الانقسام، رفض الجميع، وفيما تسيل الدماء وتكتظ المعتقلات وتنهب الأموال وينتفش الباطل، يبتسم مبارك وزبانيته، ويتجمد الجميع دون حراك، وكأن الجميع ارتضى الحالة الساداتية قبل حرب أكتوبر (اللاسلم واللاحرب).

"طيّب وبعدين، ماذا سنفعل، ما هو الحل، نتفاوض ولا نعلنها جهاد، هنرقص على السلّم كده كتير، إحنا شغالين ثورة ولا سياسة، هي نتيجة الحراك والمظاهرات إيه، مصر هتفضل كده، نشيل سلاح ولا هتفضل سلمية، مرسي راجع ولا مش راجع".. على بعد ساعات من الذكرى الثانية لمذبحة ميدان رابعة العدوية، لم تعد الجمل السابقة حبيسة الأنفس أو قاصرة على المجالس المغلقة للإسلاميين والأحاديث الخاصة للقادة والشباب، بل تتلاطم هذه الأفكار مع بعضها علنًا بعدما كانت تتصارع فقط مع مؤيدي الانقلاب أو السيساوية في عرف الربعاوية.

إن الإجابة الصادقة الأمينة عما وصلت إليه الثورة بعد عامين من الانقلاب وعلى أبواب مذبحة رابعة، دفعت بسؤال المصالحة إلى العلن وكسر حاجز الخوف وإخراج ما في النفوس والغرف المغلقة، حتى وإن بدأ الحديث حول شرعية مرسي وليس مباشرة عن المصالحة.

هل المصالحة هي الفريضة الغائبة؟

بعد ما جرى وما سطّره الباحثون وأكد عليه القادة أنفسهم، لم نعد بحاجة إلى مزيد من القول إن البنية الفكرية والهيكلية للتنظيمات الإسلامية التقليدية لا تصلح لقيادة الثورة والنهوض بعملية التغيير الجذري المنشود لإنقاذ مصر من مستنقع الجهل والفساد والظلم والطغيان. فهذه البنية هي الحل الأمثل للإصلاح التدريجي البطيء الممتد.. خاصة مع واقع إقليمي ودولي أكد استحالة الأولى وإمكانية الثانية.

إن الكارثة الحقيقية التي أصابت الجماعات الإسلامية هي عدم حسم خياراتها ومساراتها الفكرية والعملية في مواجهة الانقلاب والثورة والمضادة، وذلك على الرغم من وضوح المسارات الأنسب لهذه الجماعات والخيارات الأكثر انسجامًا مع طبيعتها البنيوية والفكرية والتنظيمية.

فالمتابع الدقيق يشاهد حالة من التخبّط الشديد في حسم الاختيار الحقيقي بين المسار السياسي وبين المسار الثوري، ولا يقتصر هذا التخبط عند السجال الفكري أو التصريحات الإعلامية، (كما بين قيادات الإخوان حاليًا)، بل الأخطر هو انتقال هذا التخبط إلى الحراك على الأرض، إذ وبينما تتحرك الجماعات خارجيًا مصدرة للخطاب السياسي والنضال السلمي، تشهد مصر بين الحين والآخر عمليات عنف وأخرى مسلحة بعيدًا عن عمليات التنظيمات الجهادية المعروفة مثل ولاية سيناء وأجناد مصر.

نتحدث هنا عن عمليات حرق لبعض المنشآت والمحولات الكهربائية وسيارات أمنية وحكومية واغتيالات لعدد من جنود وضباط الشرطة ويعتبرها البعض أعمالاً ثورية، ورغم إعلان الجماعات المتكرر عدم مسؤوليتها عن هذه العمليات وتتهم الانقلاب بتدبيرها، إلا أن الاحتفاء بها على صفحات التواصل الاجتماعي يشي بارتباك ما في المشهد، ويزيد من هذا التناقض التصريح المستمر من قادة الجماعات حول الثأر والقصاص والدفاع عن النفس ومواجهة عنف الانقلاب، فضلاً عن اعتماد مصطلح (السلمية المبدعة) الذي لم يُعرّفه أحد بدقة سوى أن ما دون الرصاص هو سلمية، مما يفتح الباب على مصراعيه للتأويلات والتحليلات.

"إرهابي ببلاش"

هكذا وصف أحد المتابعين والمراقبين للوضع المصري، العنف الحادث في مصر، فهذا العنف يؤكد الاتهام بالإرهاب دون أن يحقق النتيجة المرجوة من اهتزاز النظام واستهداف رموزه، وبالتالي يضرب التحركات السياسية خارجيًا، وداخليًا يقطع الطريق على من تبقى من العقلاء ممن يحاولون فتح قنوات التواصل السياسي بين طرفي الأزمة، ويدفع بمن تبقى من محايدين في أجهزة الدولة (جيش، شرطة، قضاء)، إلى أقصى الطرف الآخر في مواجهة الإرهاب.

"يا نشتغل سياسة بحقها يا نشيل تهمة الإرهاب بحقها، يعني يا نرجع خطوة للوارء أو نطلع عشرات خطوات للأمام"، هكذا لخّص أحدهم ما يدور في نفوس شباب الجماعات الإسلامية منذ فترة، فحالة نصف العنف، نصف السياسة، لم تجلب سوى خسائر مستمرة.

"شيلنا سلبيات الاتنين ومخدناش الإيجابيات"، استمر الشاب ذاته، واصفاً حالة الجمود التي ضربت الحرك المناهض للانقلاب بعد عامين.

اقرأ أيضاً: "عقيدة الصدمة".. عصا السيسي السحرية لتمرير قوانينه وقراراته

بريطانيا ترفض تصنيف الإخوان كجماعة إرهابية

هكذا في أغسطس/ آب 2014 احتفت المواقع الإخوانية بالخبر وتبارت في نقل تصريحات قيادات التنظيم الدولي حول تطمينات تلقتها الجماعة من الحكومة البريطانية. عند هذا التاريخ يمكن للباحث أن يلاحظ اختلافًا كبيرًا في تحركات قادة الجماعات الإسلامية قبل هذا التاريخ وبعده، وبشكل شخصي اعتبر هذا التاريخ هو بداية الانقسام بين قيادات الإخوان حول السلمية والثورة، هذا الانقسام لم يظهر للعلن إلا بعدها بنحو عام تقريبًا.

أسئلة عديدة تلوح في الأفق، من بينها كيف يمكن لجماعات تعترف بالنظام العالمي وتتمنى أن يعترف بها هذا النظام، كيف لها أن تخرج على شروط اللعبة الدولية، وكيف لجماعات حركة قادتها محدودة وتمويلها مرصود وتمركز قوتها في قلب عواصم النظام العالمي، كيف لها أن تخسر كل هذا،  بل كيف لها أن تتحرر من أسر هذا النظام فيما مصدر قوتها هو مصدر ضعفها، فتمددها استثمارًا لأدوات النظام العالمي هو مصدر قوتها، وهو مصدر ضعفها أيضًا. لهذا النظام قواعد وشروط تُكبلك وتستعبدك وإن شعرت كذبًا أنك تملك زمام أمرك.

"لن يسمح الغرب ومعه الدول الخليجية بقيام دولة إسلامية مستقلة أو حتى تسعى للاستقلال والتحرر ولو بعد حين، ولذلك دبرت أميركا الانقلاب"، هذا هو الخطاب الرسمي لقادة الجماعات الإسلامية، ورغم ذلك تتطاير الوفود الإسلامية إلى العواصم الغربية بحثًا عن دعم ومناصرة ومساندة، فهل يدعم هذا النظام العالمي أو حتى يسمح بقيام ثورة حقيقية تنشد التغيير الجذري خاصة لو كانت إسلامية أو حتى بقيادة إسلامية؟

لقد سحبت المواقع الإخوانية أحد البيانات الرسمية بعدما اعتبرته الصحافة الأميركية تحريضًا على العنف، وذلك في أثناء تواجد وفد من تحالف دعم الشرعية في واشنطن. الغرب لن يسمح للجماعات الإسلامية إلا بالعمل السياسي التقليدي وفي مساحات محدودة، وهو ما يفهمه جيدًا قادة تلك الجماعات ويرتضونه ويتمنون فقط زيادة هامش الحركة، فكيف لهذه القيادات أن تقود ثورة؟ بل كيف لها أن تنهض بالحراك المنشود وحتى ما تبقى لها من دول داعمة ترغب في استقرار الأوضاع في مصر بما يحقق مصالحهم والتي قطعًا ليس من بينها قيام ثورة حقيقية في مصر.

الإجابة.. الجيش

"إننا ندرك أن هناك الكثير من الشرفاء الأحرار داخل الجيش الذين لم يقبلوا ولن يقبلوا قتل إخوانهم المصريين والتنكيل بهم، وكسر ثورتهم، ولهؤلاء نتوجه بالنداء أن صمتكم لا يكفي، بل واجبكم هو التحرك لرفع الظلم عن شعبكم، ووطنكم، وإعادة الهيبة والاحترام لجيشكم، والانضمام إلى ثورة الشعب للتخلص من العصابة الغاصبة التي ورّطتكم في أحلامها وشهواتها".

هكذا تحدث تحالف دعم الشرعية في بيان أصدره في يونيو/ حزيران الماضي عن رؤيته لدور الجيش في الثورة، قبلها تعددت تصريحات القيادات حول تمنيهم أو دعوتهم لحدوث انقلاب من داخل الجيش يطيح بالسيسي ويعيدهم للحكم، فيما تحدث بعضهم عن التوافق حول دور انتقالي للمجلس العسكري بعد الإطاحة بالسيسي، بينما خرج أبرز قيادات التنظيم الدولي للإخوان يوسف ندا برسالة غامضة فهم البعض منها أنها دعوة لقادة الجيش للقيام بانقلاب على السيسي.

تتحدث الجماعات الإسلامية عن رؤيتها الثورية بأن الإشكال ليست في السيسي فقط ولا في المجلس العسكري بل في دور الجيش في الحياة السياسية وأن الثورة تعني عودة الجيش إلى الثكنات وترك الحياة السياسية والاقتصادية تمامًا. وعندما تتابع التصريحات السابقة، وتُجالس هذه القيادات تتأكد أن أقصى أمانيهم أن ينقلب الجيش على السيسي ويسمح لهم بهامش في الحياة السياسية، على أمل أن يسيطروا على الوضع من جديد ولو بعد حين.

وجدتها وجدتها.. الاصطفاف

يكفيك أن تسأل العم غوغل عن هذه الكلمة لينفجر في وجهك بسيل من الأخبار والتصريحات لقادة الحراك، ملخصها أننا اكتشفنا بعد طول عناء أن سبب العطلة والوكسة وتأخر النصر هو التفرّق وأن الحل الوحيد لانفجار الثورة في وجه الانقلاب هو الاصطفاف مع شركاء الثورة.

الغرقان يتعلّق بقشّة

هكذا يصف البعض لهاث الإسلاميين المتأخر كالعادة وراء الاصطفاف، وقطعًا فكل دعوة للوحدة ونبذ الفرقة وجمع القوى وحتى تحييد الخصوم هي جهود صحيحة ودعوات يُتفق عليها، بل هي دعوة تأخرت كثيرًا، لكن الآن مع من تصطف؟ وما هي النتيجة؟

للأسف الشديد لم يتبقَّ من القوى الثورية الفاعلة غير بعض أفراد يعانون من الاضطهاد والمطاردة، فالقتل والاعتقال ونهب الأموال وانتهاك الحرمات مع طول الأمد وتنابذ الفرقاء وتخاصم الشركاء، أنهك الجميع تقريبًا وأشاع اليأس والإحباط، خاصة مع ضياع فرص التوحّد والاصطفاف فرصة بعد الأخرى بسبب تمسك كل طرف بمطالبه، حتى باتت محصّلة التوحّد، إنْ تم، مجرد واجهة إعلامية جديدة لا تضيف حراكًا ثوريًا مؤثرًا على الأرض.

والإشكالية الحقيقية في هذه الدعوة أنها موجهة لشخصيات بعينها وليس إلى تلاحم حقيقي على الأرض، ويمكن أن تلمس ذلك في تحركات وتصريحات الداعين إلى الاصطفاف، والأخطر أن بعض هذه الشخصيات المدعوة كانت في معسكر الداعين للانقلاب قبل فترة، وكأننا في حلقة مفرغة، ولن يجيبك أحد عندما تسأل: كيف سيسقط الانقلاب عندما يتحقق الاصطفاف؟

في سياق الاصطفاف أيضًا، يمكن للمتابع أن يلاحظ أنه حتى الجماعات المصطفة بالفعل مع الإخوان المسلمين تنسحب تدريجيًا من العمل الثوري سواء لأسباب تتعلق برغبتها في التوافق السياسي أو اعتراضًا على انفراد الإخوان بالقيادة، ولكن بعضهم يخشى من الانسحاب حتى لا ينكشف حجم تأثيره الحقيقي في المشهد السياسي والقاعدة المجتمعية، ولا يخلو الأمر من بعض المخلصين ممّن يرون في استمرار التحالف نصرة للحق وعملاً للثورة وأن الانسحاب نذير شؤم حتى لو كان معترضًا عليه.

سطوة الجماهير.. شرعية مرسي أم شرعية السيسي

عند اختلاطك بقادة الجماعات الإسلامية تدرك مدى سطوة الجماهير على قراراتهم، ومن المتابعة الشخصية ومعرفة ببعض اللقاءات، فشرعية مرسي لم تعد مشكلة قادة الإسلاميين ويسهل تسويقها عند القاعدة لأسباب يطول شرحها، ولكن الجميع يخشى من المصارحة بذلك حاليًا، وتبقى الإشكالية الحقيقية في الطرف الآخر من المصالحة، إذ إن شرعية السيسي هي الإشكالية وليست شرعية مرسي، فهل يقدم الطرف الآخر بديلاً عن السيسي ويحل العقدة، أم يتفوّق الإسلاميون على أنفسهم في التبرير وينجحوا في إقناع قاعدتهم بالتفاوض مع السيسي؟!

الخلاصة

الإخوان وحوارييهم من جماعات إسلامية تقليدية وقوى سياسية تقليدية يشبهون عربات النقل الثقيل، التي تسير على يسار الطريق السريع، فلا هي توسّع الطريق لغيرها، ولا هي ستسير مسرعة، ما يجعل الطريق بطيء للغاية، والعربات الصغيرة من وراء تلك العربات الثقيلة، تستحثها للمشي بسرعة، ومن يقودونها غاضبون من عدم الاستجابة، وهذا هو الخطأ لأن السيارة الثقيلة لن تسسير بسرعة، لأنها مصنوعة أساسًا حتى تسير بسرعة قليلة بسبب حمولتها الكبيرة، ما يجعلها تصل في أمان.

الطلب الحقيقي والمشروع ليس أن تسير تلك السيارات بسرعة، لكن أن تعود لطبيعتها وتسير على يمين الطريق، لتكمل طريقها في هدوء دون إزعاج أو تعطيل، وقتها يمكن أن نرى ما إذا كانت السيارات الصغيرة التي كانت تسير خلفها ستسرع أم لا.

هل على الإسلاميين تجرّع السم؟

إن المتابع لواقع حراك الجماعات الإسلامية النظامية والقوى السياسية التقليدية يدرك فداحة ما وصل إليه الأمر من خسائر دعوية وسياسية وثورية، فهل على الإخوان والجماعات الإسلامية التقليدية وحتى المعارضة السياسية التقليدية أن تتصالح لتدراك هذه الخسائر؟ ولأن الثورة ليست طريقهم وقد دخلوه بالخطأ أو أُدخلوه؟ وهل عليهم أن يسارعوا بالخروج منه حفاظًا على أنفسهم وشبابهم ودعوتهم ومستقبلهم؟ وحفاظًا على ما تبقى من وهج الثورة؟ لعلّ الله أن يبعث، كما بعث في يناير، من الأنقياء الأخفياء من يثور لدينه ووطنه وشعبه، فيجد طريقًا واضحًا لا ترى فيه عوجًا ولا أمتاً.

عندما كتب فهمي هويدي من يتجرّع السم، قلت حينها: لعن الله المزايدين والمزايدات على آلام الناس ومعاناتهم، قلت حينها: لن ألوم من يتجرّع السم ولكن لن أتجرعه، والآن أكرر مع التعديل: أدعو الإخوان وحوارييهم إلى تجرع السم، ولكن لن أتجرعه.

--------
اقرأ أيضاً:
مصر.."العربي الجديد" يكشف من هو والد قاضي "الرشوة الجنسية"