هل وصل "نداء تونس" إلى مفترق الطريق الأخير؟

10 نوفمبر 2016
تدخّل الرئيس المؤسس قد يفضّ النزاع لصالح نجله(فتحي بلعيد/AFP)
+ الخط -

يعقد جمع من قياديي "نداء تونس" عزماً واضحاً على إنهاء حالة الصراع القديم المتجدد حول تسيير الحزب، لا بالتوافق والاحتكام إلى النظام الداخلي الذي تم خرقه في أكثر من مناسبة؛ وإنما بحلّ سياسي يُنهي حقبة من إدارة نجل الرئيس التونسي، حافظ قائد السبسي، وذلك عن طريق تعيين قيادة وقتية للحزب تعدّه للمؤتمر الانتخابي، وإجهاض أية محاولة لإيقاف هذا المسعى.

واعتبر الجمع، الذي يضم قياديين من الصف الأول من "النداء"، على غرار فوزي اللومي، ورضا بلحاج، والناصر شويخ، والمنصف السلامي، وخميس قسيلة، أن الوقت حان لإنقاذ الحزب واستبعاد المتسببين في الخلافات، من خلال ندوة وطنية للإنقاذ ستُعقد يوم 20 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، في إطار ما أطلقت عليه هذه المجموعة "مبادرة الإصلاح". وفي بلاغ صدر ليل الثلاثاء، اعتبرت "اللجنة الوطنية للإنقاذ أن المبادرة أخذت مساراً متصاعداً من أجل انتشال الحزب، وتعديل الساحة السياسية، والوقوف "أمام أخطار الردة واختلال التوازن".

ولعلّ ما لم يشر إليه البيان؛ هو أن الأجل المحدد (20 نوفمبر/تشرين الثاني) يعتبر أجلاً نهائياً لتحديد ملامح "النداء"، إلا إذا ظهرت ورقة مفاجئة. ويعزز هذا القول تغيّرُ التوازنات داخل النداء، وتقلص حزام المساندين لقائد السبسي الابن، إذ لم تعد الأغلبية في صفه، وسبق أن خسر معركة الكتلة النيابية التي والت أغلبيتها خصمه بلحاج، وتولت قيادة الكتلة، غير آبهة باستنكار الخمسة عشر نائباً، الذي بلغ حد تجميد العضوية والتهديد بالاستقالة.

وفي هذا السياق، كشف القيادي في "النداء" وعضو "الهيئة الوطنية للإنقاذ"، خميس قسيلة، لـ"العربي الجديد"، الخطوات المقبلة للتحرك، في حال لم يقبل المدير التنفيذي التفاوض، فأوضح أنّ ما سيجبر قائد السبسي الابن على العودة إلى طاولة المفاوضات؛ هي اللحمة التي حصلت بين بقية مكونات النداء ضد طريقة تسييره للحزب، إضافة إلى التفاف عدد واسع من القيادات الجهوية والمحلية حول المبادرة. ولفت إلى أنّ "عليه القبول بالتخلي عن مسؤوليته كمدير تنفيذي وممثل قانوني للحزب، حتى يتم إلحاقه بمسار الإنقاذ والتوافق على هيئة مصغرة من خمسة عناصر على أقصى تقدير، للإعداد لمؤتمر انتخابي، يكون الاقتراع فيه هو الحسم".



في المقابل، لم يصدر عن قائد السبسي الابن، أو من يواليه، أي ردّ فعل بشأن ما اتُخذ من قرارات، خصوصاً تشكيل اللجنة الوطنية للإنقاذ، وهو ما يجعل سيناريو مواصلة تجاهله ما يحدث في الضفة الأخرى من الحزب أمراً ممكناً، وهو ما أجاب عليه قسيلة قائلاً "إذا تواصل تعنت المدير التنفيذي؛ فإنه سيتم الإعلان عن قيادة مؤقتة للحزب لعقد المؤتمر، وسيتم تحديد تاريخ لذلك، وسيتم "افتكاك" المقرات في الجهات، إضافة إلى تأسيس منظمة شبابية للنداء وأخرى نسائية، وسيتواصل العمل بدون قائد السبسي ومن معه.


ولا تمثل المشروعية القانونية لهذا التصور محلاً للتساؤل لدى بلحاج ومن معه، إذ أبرز المتحدث ذاته أن المسار يعتمد على "حل سياسي لأهداف سياسية، وليس على حل قانوني".

بيد أنه وكلما اشتدت الأزمة داخل النداء، يتوقع المحلّلون تدخلاً من الرئيس المؤسس و"الأب الروحي" لفض النزاع، رغم أن الحل قد يكون، غالباً، في صف نجله.

لكن قسيلة يستبعد تماماً أن "يغامر الرئيس ويتدخل هذه المرة"، مشيراً إلى أنه في محاولات سابقة من المدير التنفيذي لإرباك الكتلة والانقلاب عليها؛ تصدّت له المجموعة التي ينتمي إليها، وأفشلت مخططه، كما أجهضت خطته في الاستقواء بالحكومة من أجل فض الأزمة القيادية وتم إفشاله أيضاً. كما أفشلت تماماً محاولة بعض المحيطين بالرئيس الباجي قائد السبسي، ومن يتكلمون باسمه، في بعث حزب جديد، هو "حزب الوحدة الوطنية"، بديلاً للنداء، وهو أمر وُئد قبل أن يترجم حتى إلى أفكار وتصوّرات، نتيجة لرفض الساحة السياسية له، واعتباره تخريباً للمشهد السياسي في البلاد.

ودعا قسيلة، في هذا الصدد، رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، إلى النأي بنفسه عن الصراع داخل النداء، والتصريح بذلك علناً، لا سيما في ظل ضعف السند السياسي لحكومته، معتبراً أنها الآن تتمتع بدعم سياسي أضعف من الذي حظيت به حكومة سلفه، الحبيب الصيد، وعليه أن يحقق أولاً ماهو مطالب به من إصلاحات وتحديات، قبل الزج بنفسه في أزمة "النداء".